ناشط إيراني: الشعب ضحية النظام وليس كورونا

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

لا تكشف الأنباء الرسمية في إيران عن انتشار فيروس كورونا الحقيقة كاملة، ويبدو أن الأمر قد تجاوز محافظة قم التي ظهر فيها الفيروس القاتل لأول مرة، وأن الأمر حاليًا قد وصل إلى درجة الوباء، حيث قال النائب البرلماني عن مدينة رشت، شمالي إيران، غلام علي جعفر زاده أيمن آبادي، اليوم الإثنين 2 مارس/آذار، إن الأوضاع في محافظة كيلان، خاصة مدينة رشت، “متأزمة أكثر من المناطق الأخرى” التي ينتشر فيها فيروس كورونا، لافتًا إلى أن جميع المستشفيات في هذه المدينة مكتظة بالمرضى المشتبه في إصابتهم بهذا الفيروس.

ووصف أيمن آبادي الإحصاءات الرسمية المعلنة عن ضحايا كورونا في إيران بأنها “شيء يشبه المزحة”، قائلا: “أطلب من وسائل الإعلام أن تهتم أكثر بمحافظة كيلان لأن الأوضاع في هذه المحافظة أكثر تفاقمًا من مدينة قم، ومن باقي المناطق الإيرانية”.

ومن محافظة كلستان، أعلن عبد الرضا فاضل، رئيس الجامعة الطبية، أن هناك 594 مصابًا بفيروس کورونا في المحافظة، مضيفًا أنه منذ تفشي الفيروس، حذر من زيادة عدد المصابين وطلب المساعدة، لكن المسؤولين نفوا الحالة الحرجة التي تعاني منها المحافظة.

وبسبب المخاوف من احتمال تفشي فيروس كورونا في السجون الإيرانية، تجمع أقارب عدد من السجناء أمام سجن أورومية المركزي اليوم للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم بعد أنباء عن إصابة سجناء بالفيروس القاتل.

وقد أدى تفشي فيروس کورونا في إيران إلى نقص الكمامات والمطهرات، بالإضافة إلى قلة الأَسرَّة اللازمة للحجز في المستشفى. كما أعلن وزير الصحة، سعيد نمکي، في رسالة إلى روحاني أن الكمامات المنتجة محلیًا غیر متوافرة.

ولم تقتصر ضحايا الفيروس القاتل على المواطنين، فهناك عدد من المسؤولين في إيران أعلنوا عن إصابتهم بكورونا في الأيام الأخيرة، وتم تأكيد وفاة هادي خسروشاهي، سفير إیران السابق لدى الفاتيكان، ومحمد علي مضاني، النائب عن مدینة آستانه أشرفیة في البرلمان المنتخب القادم، ومحمد میر محمدي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، ووالدته، بسبب إصابتهم بهذا الفيروس.

هذا، ويضغط الحرس الثوري على قطاعات الصحة لعدم نشر الإحصائيات والبيانات الحقيقة حول تفشي فيروس كورونا في معظم مدن إيران. كما أعلن الحرس الثوري عن مشاركته في الحملة الوطنية لمكافحة ومعالجة هذا الفيروس القاتل.

الشعب الضحية

وفي مقاله على قناة إيران إنترنشنال، قال الناشط الإيراني، كاوه شيرزاد، إن الحرس الثوري، يريد من خلال أخذ أرواح وصحة الشعب الإيراني كرهينة، الاعتراف به على أنه بطل المعركة ضد فيروس كورونا من أجل تحقيق أهدافه السياسية، وهو ما جرى على مرحلتين.

وأن المرحلة الأولى من هذا السيناريو بدأها حسين طائب، رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني، برفض الحجر الصحي في قم كمركز لتفشي كورونا إلى إيران، والذي ستكون نتیجته المباشرة والمتوقعة نشر فيروس كورونا إلى مدن أخرى والتضحية بعدد كبير من الناس.

والمرحلة الثانية هي التستر علی عدد کبیر من ضحایا فيروس كورونا، إلى أن تصل الكارثة إلى أبعاد وطنية.

في هذه المرحلة، يتم إنشاء شرعية كافية لطلب الحکومة المساعدة من القوات العسكرية مثل الحرس الثوري، وبذلك یحصل الحرس الثوري علی مشروعیة التدخل.

العلامة البارزة للدخول في هذه المرحلة هي إعلان قائد الحرس الثوري الإيراني بوضوح أن هذه المؤسسة العسکریة مستعدة لتقديم الخدمات لمرضى فيروس كورونا، في الوقت الذي تفتقر فیه معظم الصيدليات إلى المرافق الأساسية مثل الأقنعة والمطهرات.

والجواب على هذا الموقف المتناقض يمكن استخلاصه من خطاب روحاني في الأيام القليلة الماضية، حيث أشار روحاني، خلال حفل افتتاح الطريق السريع بين طهران والشمال، يوم 25 فبرایر/ شباط الحالي، إلی احتکار المواد المطهرة والکمامات، وقال بوضوح: “إن الجيوب التي تمتلئ من استغلال أحزان الناس ومعاناتهم تمثل خطورة شديدة، فلا ینبغي لأحد أن یسيء استخدام هذه الأحداث”.

ويتساءل الناشط الإيراني، كاهو شيرزاد، هل هناك قوة أخری غیر الحرس الثوري بمقدورها تخزین الکمامات، بمعزل عن الحکومة، فیطالبها الرئیس بعدم احتکارها وتقدیمها للجمهور؟ ثم لماذا يريد الحرس الثوري، كقوة عسكرية، الدخول بدلاً من وزارة الصحة واستلام الأمور بنفسه؟

ويجيب على هذا السؤال، بأن استراتيجية الحرس الثوري لمكافحة فيروس كورونا تتمثل في إزهاق أرواح وصحة الأشخاص المحتجزين كرهائن، واحتكار الخدمات الطبية بكميات كبيرة رغم عدم التخصص لتحقيق أهدافه الدعائية داخل إيران وخارجها، وليظهر في نظر الرأي العام داخل البلاد، باعتباره بطل المعركة ضد كورونا. وفي نظر الغربیین، يُعرف بأنه مالك وصانع القرار في حياة وصحة الأبرياء.

بعبارة أخرى، يعطي الحرس الثوري بعدًا وطنیًا لفيروس کورونا، وإن بشکل دموي ولا إنساني، للظهور، في نهایة الأمر، بمظهر المنقذ والمخلص.

لا شك في أن السياسات الخطيرة التي ینتهجها النظام الإیراني، بالإضافة إلی أنها لا تمنع تفشي فيروس كورونا الجديد في إيران، فستکون لها أيضًا أبعاد دولية، حتی یهب العالم، وفق تصورهم، لتقدیم مساعدات للشعب الإيراني، لأغراض إنسانیة وللحفاظ على أمنه، ويريد الحرس الثوري، في هذا الوقت، أن يتصرف باعتباره المؤسسة الرئیسیة في مکافحة کورونا، لاکتساب الشرعیة والخروج من عزلته.

على مدار الأربعين عامًا الماضية، نجح النظام الإیراني، من خلال خلق أزمات عديدة ومستمرة، أن یحافظ علی وجوده، لأن العیش في ظل الأزمات یخفي مؤقتًا أوجه القصور الحقيقية وعدم وجود خطط طويلة الأجل، عن أعين وعقول الناس؛ فالنظام الإیراني، بالإضافة إلى الأزمات التي یخلقها بمحض إرادته، ینظر إلى الأزمات التي تنشأ بمعزل عن إرادته كفرصة لإخفاء عدم کفاءته عبر هندسة الرأي العام، من خلال احتكار وسائل الإعلام، لیحصل علی فرصة لتعزیز حکمه من خلال القفز من أزمة إلی أخری.

وبالتالي، یعد فيروس كورونا الجديد بالنسبة  للفقهاء الحاکمین والحرس الثوري، نعمةً وفرصةً ثمینةً، مثل الحرب التي استمرت ثماني سنوات والتي أشار إليها الخميني بأنها کانت “نعمةً”، شريطة أن تُدار الكارثة ویتم توجيهها بشكل صحيح، ففي الحرب بين إيران والعراق، أصر الخميني على مواصلة الحرب، بعد استعادة المحمرة، وضحی بمئات الآلاف من البشر، من أجل تعزیز أسس نظامه الجدید.

والحقيقة هي أن فيروس كورونا الجديد أصبح الآن سلاحًا بيولوجيًا في أيدي نظام ولاية الفقيه، وهو قادر على تهديد العالم وخلق كارثة إنسانية عن طريق تصديره إلى دول مجاورة وعدم مكافحته بجدية داخل إيران.

ربما يعجبك أيضا