أفريقيا وكورونا.. “سخونة” طاردة أم فحوصات بدائية

كتب – حسام عيد

رغم معاناتاها صحيًّا، وافتقادها لأنظمة رعاية جيدة، إلا أن القارة السمراء ما تزال الأقل عالميًّا في تسجيل حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

وبلا أي حالات وفاة، أصابت أفريقيا خبراء الصحة بالحيرة، خاصة مع تراجع مستوى الرعاية الصحية في عدد كبير من دول القارة.

فالانشغال الذي يعم الأوساط الصحية الأفريقية والدولية، كبير، إزاء مستوى مناعة القارة الأفريقية، وطرحت أسئلة عديدة على مستوى منظمة الصحة العالمية وعلى مستوى اللجنة الصحية في أفريقيا لاستكشاف أسباب مناعة دول القارة التي تؤكدها محدودية الإصابات المسجلة حتى الساعة.

وبينما ذهب محللون إلى أن هذه المناعة تعود لسخونة طقس القارة غير المناسب لانتشار الفيروس، ذهب آخرون إلى أن هذه المناعة مجرد حظ.

غير أن خبراء صحيين أفارقة يتخوفون من أمر آخر هو عدم دقة فحوصات الكشف لدى غالبية بلدان القارة، وهنا يكمن الخطر، فمن المحتمل أن يكون الفيروس موجودًا يتنقل في دورات حضانة خفية لكنه غير مكتشف.

حالات إصابة معدودة

ولم تسجل أفريقيا سوى حالات إصابة معدودة، خاصة في دول أفريقيا الجنوبية والغربية، التي لم تسجل سوى 11 حالة، في دول توجو ونيجيريا والكاميرون والسنغال وجنوب أفريقيا، بالإضافة لحالات متفرقة في الدول العربية.

ويعتبر هذا الرقم قليلًا بالمقارنة بعدد سكان القارة، الذي يزيد على 1.3 مليار نسمة، وهي حالات تعتبر “قطرة في بحر” الإصابات بالفيروس حول العالم، التي تجاوزت 105 ألف حالة حول العالم بحلول يوم الأحد الموافق 8 مارس 2020.

وأكد تيدرو أدانوم -مدير عام منظمة الصحة العالمية- أنه “فيما كانت بلدان القارة ترسل عينات من الدم لمخابر عالمية للحصول على تأكيد أو نفي الإصابة بالفيروس، تحسنت خلال الأسبوعين الأخيرين قدرات الكشف الفنية عن الفيروس حيث أصبحت 40 دولة أفريقية تتوفر على القدرة التامة على الكشف”.

الجزائر ومصر وجنوب أفريقيا الأكثر استعدادًا

وبعد وقت قصير من ظهور الفيروس نهاية العام الماضي، حذر المتخصصون من مخاطر انتشاره في أفريقيا، بسبب الروابط التجارية الوثيقة للقارة مع بكين، وهشاشة الخدمات الطبية في عدد كبير من دول القارة السمراء.

وفي دراسة نشرت في دورية “لانسيت” الطبية حول مدى تأهب الدول الأفريقية للتعامل مع “كوفيد 19″، حدد فريق دولي من العلماء أن الجزائر ومصر وجنوب أفريقيا هي الدول الأكثر استعدادًا للتعامل مع الفيروس في حال وصوله.

ووجدت الدراسة، أن نيجيريا البلد المعرض لخطر التلوث بشكل مرتقع، يعد أيضًا واحدًا من أفضل الدول جهوزية في القارة للتعامل مع المرض.

ولم يتوقع العلماء أن تكون الحالة الأولى المسجلة في نيجيريا لإيطالي يعمل في البلاد، وليس واحدًا من مواطني البلاد الذين يزيد عددهم عن 190 مليون.

بالنسبة لماتيوس ألتمان، وهو خبير في الأمراض المعدية في البلدان النامية، فإن حقيقة أن الفيروس قد دخل أفريقيا عبر نيجيريا يعد “خبرًا جيدًا بالفعل”، لأن “البلد يبدو مهيئًا نسبيًّا لمواجهة هذا الوضع”.

وفي قارة “نالت نصيبها من الأوبئة، تمتلك بلدانها بالتالي معرفة كبيرة بالمجال وكفاءة حقيقية للرد على هذا الوضع”، وفقا لألتمان.

ويشير الخبير الصحي إلى أن البلاد كانت مشهورة بالفعل بـ”النجاح في احتواء وباء الإيبولا سريعًا في عام 2014″، حيث استغرق الأمر من السلطات النيجيرية 3 أشهر فقط للقضاء على المرض في البلاد.

وهنأت منظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها في ذلك الوقت، نيجيريا على تفاعلها و”عملها التحري الوبائي ذي المستوى العالمي”.

لكن رغم نقاط القوة في نيجيريا، فإن مسببات فيروس “كورونا” تمثل تحديًا خاصًّا، حيث يصعب اكتشاف الحالات.

وقال ألتمان: إن الفيروس قد يكون موجودًا لدى شخص يعاني أعراضًا قليلة أو معدومة، مما يسمح له بالانتشار بهدوء في البلاد، مثله مثل أي مكان في أفريقيا، وبنهاية الأمر، هناك “نقص في المعدات مقارنة بالدول الغربية، وخاصة في أدوات التشخيص”.

مناعة المناخ الأفريقي

رشح البعض المناخ الأفريقي ليكون سببًا رئيسيًّا في ابتعاد الفيروس عن القارة.

وقال البروفيسور يزدان يزدانبا -رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى بيشات في باريس- “ربما لا ينتشر الفيروس في النظام البيئي الأفريقي، وقد يعجز الفيروس عن التكاثر والتنقل في الطقس الحار”.

وهو احتمال وفرضية نفاها البروفيسور رودني آد، الذي يرأس فرقة العمل لمكافحة العدوى في مستشفى جامعة الآغاخان في نيروبي بكينيا.

وقال آد: “لا يوجد دليل حالي يشير إلى أن المناخ يؤثر على انتقال العدوى. وفي حين أنه من الصحيح أنه بعض الفيروسات لا تؤثر على تركيبات جينية معينة، لا يوجد دليل حالي على أن كوفيد 19 هو من بين هذه الفيروسات”.

ربما يعجبك أيضا