هل حان وقت إلغاء الحملات الرئاسية الأمريكية؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

تعيش الولايات المتحدة حالة من الارتباك السياسي والتخبط في ظل اندلاع فيروس كورونا، ولا سيما عقب إعلان منظمة الصحة العالمية أن العالم يواجه “وباءً”. لأول مرة في تاريخ البلاد، يتعين على الولايات المتحدة أن تفكر في إلغاء المؤتمرات الوطنية والتجمعات الانتخابية للحزب الديمقراطي والجمهوري، وأن تنظر بجدية في ترتيب طرق تنظيم يوم الانتخابات الذي لا يتطلب التصويت الشخصي. 

في تصويت الثلاثاء الكبير 3 مارس، صوت الديمقراطيون في 14 ولاية في الانتخابات التمهيدية الرئاسية، مع بعض الولايات التي أظهرت إقبالاً قياسياً، وكانت نسبة الاقتراع في كاليفورنيا قوية بشكل خاص. في اليوم التالي، شهدت الولاية أول حالة وفاة لفيروس كورونا المعروف علميًا “COVID-19” وأعلن حاكم الولاية غافن نيوزوم حالة الطوارئ في جميع أنحاء كاليفورنيا.

تكمن مخاطر الحملة الانتخابية في مظاهرها وليس مجرد مسألة تصويت، إذ تتضمن مظاهر الحملات الأمريكية أعدادًا غفيرة تتجمع لمشاهدة المرشحين والاستماع لبرامجهم، ناهيك عن المظاهر الأخرى من المصافحة بالأيدي والعناق، والصورة التذكارية الجماعية “السيلفي”، كما يعد المرشحان جوزيف بايدن والسيناتور بيرني ساندرز هما المرشحان الأكثر تواصلًا مع الناخبين، إذ إنه من الممكن التواصل مع عدد أكبر من الناخبين في غضون ساعة أكثر من باقي المرشحين في شهر من اللقاءات بحسب فورين بوليسي.

الحملات الانتخابية تحمل كورونا

في 29 فبراير، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع حوالي 19000 شخص تجمعوا داخل مركز مؤتمرات ومعارض جايلورد الوطنية في ناشيونال، والتقى بالعديد من أتباعه المعجبين ومصافحتهم بل وتقبيلهم. حينها أكد ترامب للجمهور أن “كل شيء تحت السيطرة حقًا”، وأن استجابة إدارته لتفشي الفيروس تعمل بكل كفاءة.

في 7 مارس، أكدت مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) أن أحد الحاضرين من نيوجيرسي كان مصابًا بالفيروس. وبالرغم من تأكيد اتحاد المحافظين الأمريكي أن الشخص المصاب لم يجر اتصال مع ترامب أو بنس إلا أن رئيس اتحاد المحافظين الأمريكي، مات شلاب، أخبر الواشنطن بوست أنه التقى بالمريض، كما صافح يد ترامب على المسرح).

إيران خير دليل

في 5 نوفمبر 1918، أجرت الولايات المتحدة انتخابات منتصف المدة لمقاعد الكونغرس خلال الحرب العالمية الأولى. كما كانت الإنفلونزا الإسبانية مستعرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة مسببة عددًا كبيرًا من القتلى في معظم المدن الكبرى. وبالرغم من تخلي السياسيين عن معظم طقوس الحملات الانتخابية، مثل التجمعات وجولات التحدث، كانت نسبة إقبال الناخبين 40 %، وهي أقل بكثير من المعتاد في تلك الفترة. ومع ذلك، لم يفكر أحد في التشكيك في شرعية النتيجة.

تقدم إيران قصة تحذيرية مخيفة بشكل خاص، شوهدت أولى حالاتها التي تم التعرف عليها في المستشفيات في أوائل فبراير، وتم الإعلان عن وفاة شخصين في 19 فبراير. لكن الحكومة واصلت الاحتفالات القوية على الصعيد الوطني للثورة الإيرانية في 11 فبراير والانتخابات الوطنية في 21 فبراير.

نقلت صحيفة نيويوركر  أن القرار السياسي الإيراني هو الذي أدى لتفشي الفيروس، ويقدر علماء الأوبئة أنه في الوقت الذي اصطف فيه الحشود للتصويت، كان لدى إيران بالفعل أكثر من 18000 حالة من COVID-19. واليوم يصاب حوالي 10 % من أعضاء البرلمان الإيراني، والعديد من المسؤولين في الدائرة الحاكمة لآية الله.  ومن المؤكد أن المسؤولين الإيرانيين ربما لم يعترفوا بحجم أزمة COVID-19 الخاصة بهم عندما وقعت احتفالات 11 فبراير.

ربما يعجبك أيضا