عبر إيطاليا.. كورونا يهدد القارة العجوز بأزمة يورو جديدة

حسام عيد – محلل اقتصادي

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن المنطقة الأوروبية باتت بؤرة لانتشار فيروس كورونا، ولعل الدولة الأكبر تأثرًا وتضررًا هي إيطاليا.

إيطاليا التي هي أساسًا تعاني من وضع اقتصادي هش، فهل تصمد في وجه كورونا؟ وما هي المعطيات الاقتصادية والتوقعات بالنسبة للاقتصاد الإيطالي في ظل هذه الأزمة؟. هذا ما سنتعرض له بالتحليل في التقرير التالي.


تسارع وتيرة تسجيل الإصابات

بداية، يتعلق عدد الإصابات الأكبر في أوروبا بإيطاليا، وهذا ما يؤكده التسارع في تسجيل عدد الإصابات الجديدة، فهناك مناطق كبيرة من إيطاليا موضوعة تحت الحجر الصحي مع ارتفاع الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا هناك ووصول عددها إلى 1441، وهي نسبة قياسية في معدلات الوفاة جراء حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا عالميًا، حيث بلغت 6.7% في إيطاليا على الأقل.


ويعود أحد أسباب ارتفاع معدل الوفيات في إيطاليا إلى الضغط الذي يتعرض له النظام الصحي، كما أن آثار الفيروس أشد وطأة على من هم أكبر سنًا.

هذا النوع من التسارع شهدناه أيضًا في فرنسا إلى حد ما وفي بريطانيا، لكن وضع الاقتصاد الإيطالي وربما تأخر الحكومة في اتخاذ الإجراءات لمحاولة احتواءه هو ما يفسر هذا التسارع الكبير في تسجيل عدد الإصابات، قبل أن الحكومة الإيطالية عن وضع كل البلاد في الحجر الصحي.

آثار اقتصادية سلبية

وبالنظر إلى التداعيات الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، فقد جاءت أشد وطأة على اقتصاد يعاني من تباطؤ النمو ومخاطر الركود.
فالمعضلة بالنسبة لإيطاليا هي أن وضعها المالي دقيق للغاية، وتتوقع مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس بأن تنكمش الموازنة بمقدار 3.5 نقطة المئوية (نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي).

بينما بالنسبة لمستويات الديون، فإنها سترتفع إلى 140% من الناتج المحلي الإجمالي وذلك نتيجة لتخصيص الحكومة الإيطالية 25 مليار يورو لعمل احتواء على فيروس كورونا وانتشاره وتبعياته الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم حزم مالية للشركات المضررة جراء انتشار هذا الفيروس.

معضلة استهلاكية

وعلى مسار الحجر الصحي الكامل لمواجهة فاشية كورونا، أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، الأسبوع الماضي، إغلاق كل المتاجر في سائر أنحاء البلاد باستثناء تلك التي تبيع الأغذية والصيدليات، وذلك في إجراء غير مسبوق للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد.

لكن هناك تداعيات سلبية بالأفق قد تصل لحد الكارثة، قد تشكل معها إيطاليا مشكلة كبيرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فالاقتصاد لم يعد ينمو، وتنقصه إصلاحات للتصدي للديون المرتفعة للدولة، وتفشي فيروس “كورونا” هناك يزيد الوضع تأزماً الآن.

التداعيات على الأصول الإيطالية

وفي الأسواق الإيطالية، أحدث فيروس كورونا المميت تذبذبات حادة، فعوائد السندات الإيطالية سجلت ارتفاعًا كبيرًا.

بينما كانت هناك تراجعات حادة على فوتسي إم أي بي FTSE MIB (المؤشر الرئيسي للبورصة الإيطالية) نتيجة تسعير هذا الفيروس وتمدده بمفاصل الاقتصاد، ففي خاتم تداولات الأسبوع الماضي، تكبد المؤشر خسارة كبيرة للغاية وصلت إلى 23.30%.

توقعات متشائمة

التوقعات الاقتصادية متشائمة بشأن وضع الاقتصاد الإيطالي، فبحسب أوكسفورد إيكونوميكس، التقديرات والتوقعات تشير إلى دخول الاقتصاد الإيطالي بركود خلال الـ 6 أشهر الأولى خلال هذا العام، وأن ينكمش في العام 2020 ككل بنسبة 3%.

المؤسسة البريطانية للاستشارات والبحوث الاقتصادية تعتبر أن هذه التوقعات السيناريو الأفضل للاقتصاد الإيطالي، لكن من الممكن حدوث انكماش أكبر وخاصة إذا ما أطالت الحكومة فترة الحجر الصحي إلى ما بعد أبريل، فتمديده يعني أن الوضع سيكون وقعه أسوأ على الاقتصاد الإيطالي، مع العلم إنه انكمش في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 0.3%.


وختامًا، يمكن القول أنه مع استمرار فاشية كورونا في ضرب مفاصل الاقتصاد الأوروبية التي تعاني من أزمات بالنمو في الأساس، قد تظهر أزمة يورو جديدة.

ووقتها، لن يكون البنك المركزي الأوروبي بمقدوره سوى زيادة الفائدة السلبية مجدداً، أو منح المواطنين مباشرة ما يسمى بـ”أموال مروحية” لتحفيز الاقتصاد.

 

ربما يعجبك أيضا