أكثر من مجرد لاعب.. هل أسهم “كورونا” في زيادة أعمال “رونالدو” الإنسانية؟

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

“الإنسانية ليست دينًا، إنما هي رتبة يصل إليها بعض البشر”، حينما قال الفيلسوف اليوناني سقراط هذه العبارة، بالتأكيد كان يعلم أن إنسانية الشخص لا تتوقف على شيء سوى خصاله، وما ينبُت  بداخله فقط، حيث إنها هبة الله لبني البشر، إذ يحاول البعض إعطاء مما يملكونه لمن لا يملك شيئًا.

مواقف الإنسان، على مر حياته، قد تبين ما يحمل بداخله من خير أو شر، ومساعدة الغير في المواقف الصعبة، هي الخصال التي ستبقيه حتمًا الكائن الأميز في حياته وأسلوبه ومبادئه وأخلاقه، ولأن صناع السعادة عادة يعتمدون على ما يسمى بـ”الإنسانية”، فقد لا يكفي أن يفعلوا الخير فقط، بل دائمًا ما يحاولون استحسان عمل الخير على قدر المستطاع.

وفي هذا السياق، يتردد دائمًا اسم نجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو ضمن قائمة بني البشر الأكثر إنسانية، ليس لأنه ينتظر شهرة أو غيرها -لأن اسمه بطبيعة الحال قد تصدر قائمة المشاهير منذ سنوات عديدة- ولكن لأنه يُحب دائمًا أن يكون الإنسان فقط “إنسانًا”.

فنادق CR7.. هل فُتحت لمصابي كورونا؟

على ذكر الأعمال الإنسانية التي عادة ما يتفاجأ بها محبو النجم البرتغالي رونالدو، كانت قد أثارت بعض المعلومات المسربة عبر صحيفة “ماركا” الإسبانية، صباح اليوم الأحد، ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قالت التقارير أن صاروخ ماديرا، قرر تحويل جميع فنادقه في البرتغال إلى مستشفيات لمعالجة المصابين بفيروس “كورونا” المستجد بالمجان.

وأشارت التقارير إلى أن مبادرة النجم البرتغالي لم تقتصر على ذلك فقط، بل إنه سيدفع، تكاليف المعدات والأدوية، ورواتب الأطباء والعاملين بهذه المستشفيات من ماله الخاص، وذلك بهدف المساهمة في الجهود المبذولة لمكافحة انتشار الفيروس القاتل.

ومؤخرًا كان كريستيانو رونالدو قد بعث برسالة -قبل ساعات- إلى الجميع، عبر صفحاته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، بشأن فيروس كورونا، قال فيها: ” لعالم يمر بفترة صعبة للغاية، تتطلب أقصى عناية وانتباه منا جميعًا، حماية الأرواح البشرية يجب أن تكون أهم من كل المصالح الأخرى”.

وتابع رونالدو في رسالته قائلًا: ” من المهم أن نتبع، جميعًا، نصائح منظمة الصحة العالمية والسلطات المحلية وتعليماتهما، للتعامل مع الوضع الحالي”.

وأعرب رونالدو عن “تعاطفه مع هؤلاء الذين فقدوا أيًا من ذويهم، كما أبدى تعاطفه ودعمه لهؤلاء المصابين بفيروس كورونا، ومن بينهم دانييلي روغاني زميله في صفوف يوفنتوس”.

كما أعلن رونالدو دعمه للأطقم الطبية المحترفة، التي تعكف على مكافحة الفيروس، وتضحي بأرواحها من أجل خدمة المرضى.

 وكان رونالدو سافر إلى إقليم ماديرا البرتغالي الإثنين الماضي، حيث أعلن أنه سيظل هناك مع عائلته، لحين انتهاء أزمة فيروس “كورونا” في إيطاليا.

في المقابل، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تغريدة، يقال أنها من قبل أحد الصحفيين الإسبان المقربين لـ”رونالدو”، نفى فيها صحة التقارير المسربة، إذ قال: “ليس صحيحًا أن رونالدو سوف يحول فنادقه في البرتغال إلى مستشفيات”.

ولكن، انهالت تقارير عدة على مدار الساعات القليلة الماضية  تؤكد صحة ما تداولته وسائل الإعلام بشأن بادرة الفنادق.

إذا فعلها.. فلم تكن الأولى!

وبالحديث عن تلك المبادرة الإنسانية التي يتساءل الجميع إذا ما كان فعلها كريستيانو أم لا، فهذا لا يقلل من الأمر شيئًا، إذ لم تكن هي الأولى للنجم البرتغالي، أم ستكون الأخيرة، فهو من عشاق المبادرات الإنسانية، وقد شهدت على ذلك مسيرته الحافلة بمثل هذه الأعمال.

صاروخ ماديرا الذي لا يختلف على نجوميته بعالم الساحرة المستديرة اثنان، بعد أن استطاع بذكائه وموهبته أن يركب بساط قائمة اللاعبين الأشهر في تاريخ اللعبة، أيضًا قد وضع قدمًا وساقًا في دائرة حب الناس لما قدمه من مساعدات وأنشطة خيرية وتبرعات لضحايا الحروب والمرضى في كل مكان، والتي بدورها كانت قد أسهمت في اتساع دائرة شعبيته على المستويين العالمي والعربي.

رونالدو وأطفال غزة.. عندما تتحدث الإنسانية

في عام 2011، كان النجم البرتغالي قد فاز بجائزة الحذاء الذهبي، كأفضل هداف في أوروبا، بعد تسجيله أربعين هدفًا لريال مدريد الإسباني، تحت قيادة مواطنه جوزيه مورينيو آنذاك، وبدل الاحتفاظ بالجائزة في منزله المزدحم بالجوائز فضّل بيعها لصالح الأعمال الخيرية.

حينها، سجل الحذاء رقمًا قياسيًا، وتم بيعه بمبلغ 1.5 مليون دولار، تبرع به رونالدو لبناء عدد من المدارس في قطاع غزة، بعد العدوان الإسرائيلي عليه، علمًا بأنها لم تكن المرة الأولى التي يقوم فيها رونالدو ببيع أحد مقتنياته لصالح أطفال فلسطين، فقد سبق وأن قام بمنح حذائه الخاص لمؤسسة ريال مدريد، لعقد مزاد علني، تذهب إيراداته لصالح الأعمال الخيرية، وبدأ المزاد بـ700 يورو قبل أن يقفز سعره بعد انتهاء المزايدة إلى مبلغ 2400 يورو.

إنسانية النجم البرتغالي، مع أطفال غزة بدأت عندما كان لاعبًا في مانشستر يونايتد الإنجليزي حيث تبرع بجزء من دخله الشهري أيضًا لمؤسسة خيرية تُعنى ببناء المدارس في فلسطين.

وفي عام 2016، حقق النجم البرتغالي أيضًا، حلم الطفل الفلسطيني أحمد الدوابشة الناجي، الوحيد بين أفراد أسرته من إحراق المستوطنين منزلهم في نابلس، حيث قدم له قميصه والتقط معه الصور التذكارية راسمًا البسمة على وجه الطفل البالغ 5 سنوات، ليخفف عنه آلامه.

استوقف هذا الموقف الفلسطينين، وقدموا التحية لصاروخ ماديرا، إذ كرمته رابطة ريال مدريد في فلسطين بالتعاون مع مؤسسة “سيدة الأرض” باختياره “رجل العام 2016” في فلسطين، كما أن اللافتات التي وجهت له عبارات الشكر، كانت قد انتشرت حينها بكثرة بين الفلسطينيين.

وفي قصة لم يتم التأكد منها حتى الآن، كان وسائل إعلامية مسربة، قد تداولت خبر يفيد بتبرع رونالدو بمبلغ 1,5 مليون يورو لدعم إفطارات أهل غزة المحاصرة من كيان الاحتلال.

دعم المرضى حول العالم

ومن فلسطين إلى دول عدة، أسهم رونالدو بالعديد من التبرعات من أجل الأطفال المرضى حول العالم، إذ كرر بيع إحدى جوائزه في عام 2013، بعدما قام ببيع كرته الذهبية بمزاد خيري أقيم في لندن، لجمع التبرعات لمؤسسة خيرية تساعد الأطفال الذين يعانون من الخطر والأمراض الخطيرة، وبيعت الجائزة بنحو 651 ألف دولار حينها.

وكان رونالدو قد تبرع أيضًا، بمبالغ مهمة في كثير من المبادرات، لعل أبرزها تبرعه لصالح طفل عمره 10 سنوات بمبلغ 83 ألف دولار لإجراء عملية جراحية على مستوى الدماغ.

وفي عام 2014، طلبت والدة طفل يبلغ من العمر 10 أشهر، ويدعى إريك أورتيز كروز، من رونالدو التبرع للصبي، بقميصه الخاص الذي يلعب به لصالح ريال مدريد، حيث كان الصبي يعاني مرضًا نادر، وخلل التنسج القشري، والذي كان يسبب له التعرض لنوبات خطرة تبلغ 30 نوبة في اليوم الواحد.

وبعد سماع القصة الكاملة قرر رونالدو دفع 55 ألف جنيه إسترليني، وهي قيمة تكاليف جراحة أولية خضع لها الصبي، كما تعهد بتغطية تكاليف أي عمليات أخرى أو علاج يحتاجه كروز، فضلًا عن مساعدته على جمع أموال إضافية تسهم في علاج الصبي.

كذلك تبرع في 2014، بنحو 147 ألف دولار، لتشييد مركز طبي لعلاج السرطان بمسقط رأسه بالبرتغال، وهو المركز الذي تلقت فيه والدته دولوريس أفيرو العلاج خلال سنة 2008 حينما كانت تعاني من مرض سرطان الثدي.

وكعادته، لم ينس “صاروخ ماديرا” الأطفال الذين يعانون في العالم حتى في حفلات تكريمه، فقد أشار في كلمته بعد الفوز بالكرة الذهبية عام 2014 إلى ضرورة دعم الأطفال المصابين بسرطان الدم، الذين حرص على لقائهم، واختير سفيرًا لثلاث مؤسسات خيرية كبرى، هي: منظمة إنقاذ الطفولة، ومنظمة اليونيسيف، ومنظمة الرؤية العالمية.

ضحايا نيبال.. والصليب الأحمر

كما تبرع الدون، في وقت سابق، بمبلغ مالي ناهز 5 ملايين يورو كدعم لضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب النيبال وأودى بحياة أكثر من ألفي شخص، كما قاد حملة للتضامن مع منكوبي نيبال لجمع التبرعات وتسليمها لمؤسسة “Save The Children” الخيرية التي يرأسها، والتي تعنى بإنقاذ الأطفال.

كذلك تنازل رونالدو في عام 2013 عن مكافأة من الاتحاد الأوروبي قدرها مئة ألف يورو للصليب الأحمر، وفي العام التالي تبرع بمكافأته الكبيرة “550 ألف دولار” التي تلقاها من ريال مدريد بعد التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، للجمعيات الخيرية الثلاث التي يتعاون معها.

لم يتوقف على التبرع بالأموال فقط

ولأن إنسانيته لم تتوقف على حد التبرع بالأموال، كان النجم البرتغالي قد قاد حملة للتبرع بـ”النخاع العظمي” للأطفال المرضى.

وشارك رونالدو في حدث خيري بمدريد لمساعدة الأطفال المرضى باللوكيميا “سرطان الدم” الذي يبدأ بنخاع العظم قبل أن ينتقل لباقي الجسد، وخلال الحدث أجرى رونالدو مقابلة لصحيفة “آس” قال فيها: “أنا أتبرع بالنخاع العظمي منذ عامين، الناس يخافون من ذلك، لكنه أمر بسيط ولا يتسبب بألم، بالإمكان مساعدة عدد كبير من الأطفال ممن يعانون من هذا المرض الخطير”.

وأوضح بأنه انشغل بقضية مساعدة الأطفال المرضى باللوكيميا بعد إصابة نجل زميله السابق بالمنتخب كارلوس مارتينز من نفس المرض.

ويعد رونالدو من اللاعبين المشاهير القلائل في أوروبا الذي لا يرسم أوشامًا على جسده، لأغراض إنسانية، حيث إن ذلك يسهل من عمليات تبرعه بالدم كلما يريد، كون التبرع بها فور رسم الأوشام قد يؤدي إلى حدوث أمراض.

وقام رونالدو في عدة مناسبات بالتبرع بالدم، وقد شارك في العديد من الحملات لتشجيع الآخرين على القيام بالشيء نفسه.

وفي مواقفه الأخلاقية، كان النجم البرتغالي قد حقق، حلم الطفل اللبناني حيدر مصطفى، الذي فقد والديه في التفجير الانتحاري المزدوج الذي حدث بمنطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت 2015، حيث شوهد رونالدو في صورة نشرت على موقع ريال مدريد وهو يعانق الطفل حيدر، الذي استقبله أيضًا رئيس الريال، فلورنتينو بيريز، في صالة الاجتماعات في سانتياغو برنابيو، وقدم له قميص الفريق مع اسمه عليه فوق الرقم 7 الذي يرتديه رونالدو.

وفي 2017، أظهر الأسطورة البرتغالية تعاطفه الكبير مع ضحايا زلزال المكسيك، الذي أودى بحياة عشرات الأشخاص، كما خص رونالدو الطفل المكسيسكي الشهير، سانتياجو فلوريس البالغ من العمر 6 أعوام، من بين كل الضحايا، والذي توفى بعد انهيار مدرسته.

في النهاية، كان رونالدو قد لخص مواقفه الإنسانية، التي لم يتسن لنا ذكرها كاملة في هذا التقرير، حينما قال: “لقد علمني والدي دائمًا، أنه عندما تساعد الآخرين، فإن الله سيعطيك الضعف، وهذا ما حدث لي حقًا”.

ربما يعجبك أيضا