كورونا في إسرائيل.. ورقة بقاء نتنياهو بالحكومة

محمد عبد الدايم

رؤية – د محمد عبدالدايم

يوم الإثنين من هذا الأسبوع أقيمت مراسم حلف اليمين بالكنيست الـ 23، حيث أدى الأعضاء الجدد القسم أمام رئيس إسرائيل رؤوفين ريبلين، ورئيس الكنيست يولي إدلشطاين، وسكرتيرة الكنيست ياردينا هورفيتش، وفي حضور رئيسة المحكمة العليا إستير حيوت.

بسبب الإجراءات الاحترازية من وباء الكورونا أدى أعضاء الكنيست اليمين القانونية من خلال 40 جولة، حيث يدخل كل ثلاثة معا لحلف اليمين، ثم يخرجون ليدخل غيرهم، وذلك بموجب القيود التي يفرضها الفيروس بعدم التجمع، وفي مقدمة الأعضاء كان نتنياهو وجانتس أولا، وجلس كل منهما في مقعد بعيد تمامًا عن الآخر بينما ألقى ريفلين وإدلشطاين خطابيهما الافتتاحيين أمام الرجلين فقط.

تكليف جانتس

أخيرًا  كلف ريفلين بيني جانتس بتشكيل الحكومة، بعد توصية 61 عضو كنيست (كاحول لافان يسرائيل بيتينو القائمة العربية المشتركة تحالف هاعفودا جيشر ميرتس)، في مقابل 58 عضوًا قد منحوا توصية بتكليف نتنياهو.

انتهت الانتخابات الثالثة في أقل من عام، وفي ظل نتائجها يمكن القول بأن تشكيل الحكومة ما زال أمرًا من الصعب التكهن بنتيجته، ولكن أمام جانتس 28 يومًا ليحاول بلورة حكومة ائتلافية، وهو تحد كبير بسبب رفض قطاعات كبيرة من الجمهور الإسرائيلي، وأعضاء من تكتل كاحول لافان نفسه دخول أي عضو من القائمة العربية المشتركة إلى الحكومة الجديدة، مما يجعل جانتس مضطرًا للتشاور مع هاليكود لتشكيل ما يسمى بحكومة “وحدة”.
فرصة لنتنياهو
خلال الأيام الماضية وجد نتنياهو فرصة ذهبية للبقاء في الحكومة وإبعاد نفسه -ولو مؤقتًا- عن المحاكمة، والفرصة قدمها وباء الكورونا، حيث استغل حالة الطوارئ  ذريعة للمطالبة بشكل مباشر  بتشكيل حكومة “وحدة”، وهو المسعى الذي تحرك لتحقيقه منذ انتخابات أبريل 2019، وبعد انتخابات سبتمبر 2019، ليتحقق له البقاء في الحكومة.
وقف نتنياهو أكثر من مرة في مؤتمرات صحفية يتحدث مع مسئولي وزارة الصحة والوزير يعقوف ليتسمان حول الإجراءات التي ستُتّخذ لمواجهة كورونا، مؤكدًا أن “الفيروس لا يميز بين يسار ويمين، أو بين متدينين وعلمانيين، وكرر أن “المسئولية الوطنية تتطلب أن يعي الجميع أنمهم في قارب واحد، ويجب العمل على تشكيل حكومة طوارئ”.
محاولات لاستبدال رئيس الكنيست

فيما تحرك تكتل جانتس لاستبدال يولي إدلشطاين رئيس الكنيست (من هاليكود) بشخص آخر من كاحول لافان، والهدف الرئيس من هذا التحرك هو محاولة طرح قانون وتمريره، يقضي بمنع رئيس حكومة متّهم بالفساد بتشكيل حكومة، وهذا التحرك يعني أن كاحول لافان يحاول تشكيل حكومة أقلية، وهي ربما لا تصمد إلا أشهر قليلة، حتى جاءت الكورونا لتساعد نتنياهو.

حكومة برعاية الكورونا
بعد إعلان حالة الطوارئ لمواجهة الوباء أصبح جانتس متقبلا فكرة حكومة “الوحدة” مع هاليكود ونتنياهو، والخلاف الحالي على المدة التي سيظل فيها نتنياهو على رأس الحكومة، إضافة إلى حقيبة القضاء، وهي الحقيبة التي بحوزة أمير أوحانا عضو هاليكود.
نتنياهو لا يرغب في ترك السيطرة على وزارة القضاء، في ظل تحركاته مع حلفائه من اليمين لتقييد منظومة القضاء الإسرائيلية، وسحب صلاحياتها، في مقابل تعظيم صلاحيات الحكومة التي يدفع للبقاء في رئاستها.
على جانب آخر فإن تحركات كاحول لافان تشي حتى الآن بالارتباك، فبين لحظة وأخرى يظهر التناقض بين تصريحات قيادتها وبين ما تقوم به، فجانتس كرر أكثر من مرة رفضه مشاركة “متهم” في حكومته، ولكنه في الواقع يتفاوض مع هاليكود على نصيبه من الحكومة، وفترة بقاء نتنياهو، وهذا يرجع لأن معظم الجمهور الإسرائيلي يرفض بشكل قاطع أية حكومة تدعمها القائمة العربية المشتركة، وجانتس لن يغامر بوضع يده في أيدي فلسطيني الداخل، يكفيه أنه نال توصيتهم بتشكيل الحكومة، وهي التوصية النابعة من دفعهم للتخلص من نتنياهو.

فيما يتعلق بالتناوب على رئاسة الحكومة؛ يصر هاليكود على بقاء نتنياهو لمدة سنتين، وبعدها يترك المنصب لجانتس، في مقابل ألا يسعى لتقويض الحكومة أو إقالة وزراء كاحول لافان فيها أو حلها بعد خروجه، بينما يرفض كاحول لافان أن يبقى لأكثر من سنة، مع ترك حقيبة القضاء لتكتل كاحول لافان،  ويكون له حق “الفيتو” في الأمور القضائية، أي التعليق على أي قرار يتعلق بالشئون القضائية.

إلى أن يصل الطرفان إلى اتفاق، أو يعلنا فشل مفاوضاتهما؛ يتحرك جانتس ورفاقه -أمام الجمهور- لإسقاط نتنياهو، وإبعاده عن المشهد السياسي، باعتباره متهما يستلزم إقصاؤه سن قوانين تمنعه من تشكيل حكومة، ولكن المعضلة في وجود إدلشطاين على رأس الكنيست، ووجود الكورونا، فرئيس الكنيست يملك صلاحية اتخاذ قرار لتحديد ما يمكن طرحه من قوانين على الهيئة العامة للكنيست، وهذا ليس متاحًا حاليًا، مع عدم وجود نظام قانوني يسمح بالتصويت بينما لا يتواجد أعضاء الكنيست داخل قاعة الهيئة العامة.
منحت الكورونا لنتنياهو فرصة ذهبية أخرى، حيث دفعت حالة الطوارئ إلى تأجيل جلسة محاكمته الأولى، التي كان مقررًا لها هذا الأسبوع، إلى 24 مايو المقبل بشكل مبدئي، بعد قرار وزير القضاء أوحانا تعليق العمل في المحاكم كإجراء وقائي لمنع تفشي الفيروس.
إزاحة موعد المحاكمة، وإعلان التحركات الاحترازية في إسرائيل؛ منحاه أفضلية حالية، للدفع نحو حكومة “طوارئ” يكون على رأسها لبعض الوقت، مما يمنحه فرصة للتملص من اتهامات الفساد، ويكون قد ألقى الكرة في ملعب جانتس ورفاقه، وهؤلاء يصرون على رفض الدخول في حكومة تحت رئاسة نتنياهو، خصوصًا يائير لابيد وموشيه يعلون، والأخير كتب على تويتر قائلا: “كاحول لافان مجند لاجتثاث فيروس كورونا، بدون شرط أو اعتبار سياسي. ولا يمكن لـ كاحول لافان أن يكون شريكًا في القضاء على الديمقراطية، على يدي متهم يهرب من المحاكمة” في إشارة إلى نتنياهو، وفي المقابل فإن الحكومة الضيقة، المدعومة خارجيا من القائمة العربية مرفوضة تمامًا من بعض أعضاء كاحول لافان، وعلى رأسهم الثنائي اليميني تسفي هاوزر ويوعاز هندل.

الأمر الواضح حتى الآن؛ أنه كلما مرت الأيام، واستمرت التداعيات الناتجة عن وباء الكورونا؛ تصبح احتمالية تشكيل حكومة “وحدة” أو “طوارئ” أقرب للتحقيق، لتمنح الملك بيبي فرصة أخرى للبقاء.

ربما يعجبك أيضا