اتفاق سلام بين تركيا والأكراد.. المشهد في الشمال السوري إلى أين؟

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

قال الباحث السوري، مالك الحافظ: باعتقادي الوضع في شمال شرق سوريا ما زال ضبابيًا ومن المبكر الحكم على مصير أي اتفاق بين الأطراف المختلفة في المنطقة هناك (تركيا والأكراد السوريين).

لكن هنا وفي هذا المقام يجب تفنيد احتمالات عقد اتفاق تركي كردي في سوريا خلال الفترة المقبلة، وباعتقادي أن واشنطن ترغب في عقد هذا الاتفاق كمقدمة للتخلص من مسؤوليات إدارة دونالد ترامب من تواجدها كطرف رئيسي في نزع فتيل التوتر بين الجانبين المعنيين في الاتفاق المفترض.

وأضاف مالك الحافظ في تصريحات خاصة لـ”رؤية”: بتقديري أن تصريح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن استعداد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والأكراد السوريين لإبرام اتفاق سلام، قائلًا: إن كلا الجانبين أكدا له موافقتهما على ذلك، هو مُوجّه بشكل مباشر إلى روسيا التي تسعى في الفترة الأخيرة لعقد اتفاق غير مباشر برعاية موسكو بين دمشق وأنقرة، الأمر الذي يعني وفق التوجه الروسي أن الأكراد تمت محاصرتهم في مناطقهم وبات عليهم الرضوخ لمطالب دمشق دون تحقيق أي من مطالبهم المحقة التي كانوا عرضوا عليها على دمشق خلال جلسات الحوار القليلة بين الطرفين خلال الفترة الماضية.

مصالح تركيا 

وأشار الباحث السوري إلى أن تركيا ليست بوارد قبول أي عرض اتفاق مع الجانب الكردي السوري، ولو أن الأخير لم يستبعد في فترة سابقة الانفتاح على تركيا، لكن الجانب التركي ومع استمرار تصعيده على المنطقة المحيطة بنطاق عمليته “نبع السلام”. وترى أنقرة أن ما ستحققه من مكاسب في تفاهماتها مع روسيا وإن لم تكتمل بعد هي أنضج مما قد ستحصل عليه في اتفاق قد ترعاه واشنطن لن يكون واضح المعالم، ويتوجب هنا التذكير الاتفاقات التركية التي عقدتها بخصوص في شرق الفرات مع كل من روسيا وأمريكا، حيث ذهبت أنقرة في تعميق التفاهم مع موسكو حيال ذلك ما يدلل على أن الجانب الروسي متفاهم إلى حد كبير مع نظيره التركي، وما عزز من هذا التفاهم هو اتفاق موسكو حول إدلب الموقع بينهم في مطلع الشهر الجاري.

وأشار مالك الحافظ إلى أن روسيا ستكون عنصرا معطلا واضحا في طرح لاتفاق قد يمكن الحديث عنه بين تركيا والأكراد، وتركيا ستذهب للتوافق مع روسيا مدفوعة بذلك على اعتبار تفاهماتها مع روسيا، وعلى اعتبار أنها لن تكذب نفسها حينما كانت تدعي أن قوات سوريا الديمقراطية هي امتداد لحزب العمال الكردستاني المصنف على قائمة الإرهاب لديها، فكيف ستتفق مع طرف إرهابي وفق ادعاءاتها كان حاربته وعادته لسنين؟

انتهاكات

فضلًا عن الانتهاكات المرتكبة من قبل الجانب التركي في مناطق شمال شرقي سوريا خلال عملية “نبع السلام” وهذا أمر لن يستطيع الأكراد أيضًا تجاوزه بسهولة وسيمنعهم من التقدم ولو خطوة تجاه اتفاق مع تركيا ترعاه الولايات المتحدة التي سبق وأن تخلت عنهم في العملية العسكرية آنفة الذكر.

واختتم الباحث السوري قائلًا: بتقديري الأوضاع مستمرة في التوتر النسبي هناك، حيث المناوشات الروسية الأمريكية ستستمر في المنطقة، والحوار بين دمشق والأكراد ضبابي ولا مستقبل واضح له، مقابل استمرار استهداف تركيا للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا، حيث يبدو أن تركيا لن تكتفي بما سيطرت عليه في تل أبيض ورأس العين (المناطق المسيطر عليها في عملية نبع السلام التركية) في شهر أكتوبر الماضي.

اتفاق سلام

كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن استعداد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والأكراد السوريين لإبرام اتفاق سلام، قائلًا إن كلا الجانبين أكدا له موافقتهما على ذلك.

وأوضح ترامب، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، أمس الثلاثاء: “قلت لهم (الأتراك)، وقعوا الاتفاق مع الأكراد، توصلوا إلى السلام، لكن أردوغان لم يرغب في القيام بذلك، الأكراد كذلك لم يريدوا، وفي نهاية المطاف تمت إقامة ما يسمى بالمنطقة الآمنة، الأمر الذي حدث مؤخرًا، منذ شهرين تقريبًا”.

وأضاف ترامب: “وهاهم بدأوا بالحرب، والأوضاع باتت سيئة جدًا، وجرى تدخل من قبل دول أخرى، وأقول لهم الآن، وقعوا على الاتفاق، وهم يردون: نعم، سنبرمه”.

وبسطت تركيا سيطرتها على منطقة يمتد عمقها من حدودها إلى 30 كيلومترًا شمال شرق سوريا، نتيجة إطلاقها عملية “نبع السلام” العسكرية، في 9 أكتوبر 2019، ضد “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تعتبرها أنقرة تنظيمًا إرهابيًا وتمثل هيكلًا عسكريًا لـ”قوات سوريا الديمقراطية”.

كما يسود حاليًا هدوء نسبي في المنطقة، بعد توصل تركيا إلى اتفاقين منفصلين مع الولايات المتحدة وروسيا، يومي 17 و22 أكتوبر الماضي، ينص الأول على سحب الوحدات الكردية من منطقة عملية “نبع السلام” فيما يقضي الثاني بإبعاد المقاتلين الأكراد عن الحدود السورية التركية إلى عمق 30 كيلومترًا جنوبًا.

ربما يعجبك أيضا