“كورونا” يتسلل إلى السجون.. هل تخلي أمريكا سبيل النزلاء؟

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

بسرعة متوحشة، لا يزال فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” يواصل انتشاره في كافة ربوع الأرض حاصدًا أرواح عشرات الآلاف ومئات الآلاف من المصابين.

ولم يترك الفيروس القاتل مكانًا إلا وتغلغل داخله، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال لا الحصر تمكن “كوفيد-19” من التسلل بقوة إلى السجون الأمريكية، ما ينذر بكارثة منتظرة لمزيد من الوفيات.

“كورونا” يغزو السجون

ومؤخرًا حذر تقرير نشرته وكالة “رويترز” من أن فيروس كورونا المستجد بدأ يغزو السجون الأمريكية، وينتشر بشكل سريع بين صفوف السجناء.

وفي مختلف أنحاء الولايات المتحدة تبلّغ السجون ومراكز احتجاز المتهمين أثناء المحاكمات عن تسارع انتشار المرض الجديد وعن اتخاذ تدابير مختلفة لحماية السجناء.

وبحسب”رويترز” فإن السلطات تخلي سبيل آلاف السجناء دون أي فحص طبي يذكر في بعض الحالات للتأكد مما إذا كانوا مصابين بفيروس كورونا ومعرضين لنقل العدوى لغيرهم.

ويزيد عدد المسجونين في الولايات المتحدة عنهم في أي دولة أخرى إذ اقترب إجمالي عدد المحبوسين من 2.3 مليون في 2017، وفقا لإحصاءات وزارة العدل الأمريكية.

روايـــة أحد المســاجيـن

يقول السجين الأمريكي شون هرنانديز الذي أدين بالشروع في القتل ودخل السجن قبل ثمانية أعوام، إنه يغطي فمه وأنفه بقميص أو منشفة عندما يخرج من زنزانته إذ إن هذه الوسيلة هي الوحيد التي يمكنه أن يحمي بها نفسه من وباء كورونا الذي يجتاح الآن سجن جزيرة رايكرز في نيويورك.

ويضيف هرنانديز، أن نزلاء السجن لا سبيل لهم إلى الحصول على قفازات أو أقنعة صحية وليس لديهم لغسل أيديهم سوى الماء البارد، لافتا إلى أن النزلاء قبل أيام شاهدوا إحدى الحارسات وكانت تسعل بشدة واحمر خداها ثم انهارت على الأرض.

ويؤكد “نتوسل للضباط من أجل إتاحة وسائل حماية أفضل لكنهم يهزون أكتافهم وفي النهاية لسنا سوى نزلاء، مواطنين من الدرجة الثانية.. نحن أشبه بالماشية”.

إدارة الإصـــــلاح تعـلق

وعلقت إدارة الإصلاح في نيويورك بالقول إنها تتخذ تدابير عديدة لحماية النزلاء وامتنعت عن التعليق على ما رواه هرنانديز عن انهيار الحارسة المصابة بالعدوى.

وأضافت أن إدارة السجون وزعت أقنعة على النزلاء في المناطق التي اتضح حدوث إصابة بالعدوى فيها ودعت النزلاء للتباعد عن بعضهم، إضافة إلى القيام بعمليات تنظيف الزنازين وتوفير الصابون.

ومنذ 22 مارس الماضي أبلغت السجون الأمريكية عن إصابة 226 نزيلًا و131 من العاملين فيها بفيروس كورونا المستجد، بحسب مسح أجرته “رويترز” لمدن ومقاطعات تدير أكبر 20 سجنًا في أمريكا.

ومن مراكز انتشار المرض سجن مقاطعة كوك في شيكاجو بولاية إيلينوي، ومنذ تأكد أول حالة في السجن يوم الأحد أصاب الفيروس 89 نزيلا وتسعة من العاملين، وتنتظر السلطات نتائج فحص 92 نزيلا آخرين.

مطالب بإخلاء السـجون

وينادي المدافعون عن حقوق السجناء ومسؤولون محليون ومحامون ممن تعينهم المحاكم للدفاع عن المتهمين بالتعجيل بإخلاء سبيل السجناء.
يقول مسؤولون بالاتحاد الأمريكي للحقوق المدنية “كل يوم لا يتحرك فيه مسؤولو الحكومة هو يوم آخر تتعرض فيه الأرواح للخطر”.

وتقاوم بعض الجماعات هذا الاتجاه، معتبرة أنه ينبغي إخطار ضحايا الجرائم قبل الإفراج عمن ارتكبوها، وهي عملية قد تؤخر الإفراج عن بعض السجناء لأسابيع أو شهور.

ويؤكد المشرفون على الإفراج عن السجناء في المدن الأمريكية الكبرى إنهم لا يفرجون إلا عن السجناء من مرتكبي الجرائم البسيطة غير العنيفة.

وقد أفرجت مدينة نيويورك عن 450 نزيلا في سجونها منذ عطلة الأسبوع الماضي في إطار مساعيها لاحتواء الفيروس.

عدد الوفيــات يتضاعف

وتجاوز عدد الوفيّات جراء فيروس كورونا في الولايات المتحدة حتى الآن حاجز الـ2000 شخص، بينما ارتفعت الإصابات إلى أكثر من 120 ألفًا، استنادا الى آخر إحصاء لجامعة جونز هوبكنز.

وولاية نيويورك هي الأكثر تضررا من فيروس كورونا، حيث اقتربت أعداد الإصابات فيها من 60 ألف حالة و728 حالة وفاة.

ويوم الجمعة، وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا يفوض وزيري الأمن الداخلي والدفاع لاستدعاء جنود الاحتياط في الجيش وخفر السواحل للخدمة لمواجهة الفيروس.

من جهته حذر العالم الأمريكي البارز، أنطوني فاوتشي من إمكانية أن يحصد الفيروس المستجد أرواح ما بين 100 إلى 200 ألف شخص في الولايات المتحدة، مع إصابة الملايين.

نقص الإمدادات الطبيـة

في المقابل، يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية نقصا في الإمدادات الطبية، وسط مطالب بضرورة توفير المزيد من الأدوات والمعدات الصحية لمواكبة تزايد عدد المرضى المستمر.

وصارت بعض المستشفيات في نيويورك ونيو أورليانز وديترويت على شفا عدم القدرة على استيعاب المرضى مع تصاعد عدد حالات الإصابة بالفيروس.

ويشعر الأطباء بقلق بشكل خاص من نقص أجهزة التنفس والآلات التي تساعد المرضى على التنفس، وهي مطلوبة على نطاق واسع لأولئك الذين يعانون من كورونا.

ربما يعجبك أيضا