حروب غير تقليدية.. أي دور تلعبه موسكو في عصر كورونا؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

بينما ينشغل العالم كله في كيفية مواجهة فيروس كورونا، وفي خضمّ حالة من الخوف والذعر بشأن تداعياته على القطاعات الصحية بكل دولة، وكم من الأحباء والأقارب من الممكن أن نفقدهم في ظل هذا التفشي، كذلك انعكاساته المريرة على الاقتصاد، الذي دخل في مرحلة انكماش تفوق نظيرتها في العقد الماضي، شرعت موسكو في استكمال حربها النفسية والدعائية على مواطني أوروبا والولايات المتحدة، معززة من مكانة التيارات اليمينية المتطرفة، وإبراز حالة ضعف التكتل الأوروبي الممثل في مؤسسات الاتحاد والدول الداعمة له.

ترى موسكو أن عصر كورونا قدم لها فرصة ثمينة كي تسترجع مكانة إمبراطوريتها السابقة في تعزيز دورها العالمي في ظل انشغال أوروبا في مكافحة الفيروس الذي يندلع في كثير من دولها حتى أمسى يُطلق عليها “مقبرة كورونا”، حيث إن دولًا بها مثل إيطاليا، وإسبانيا، وفرنسا وبريطانيا، يسجلون أعلى الوفيات في العالم، ناهيك عن مئات الآلاف من الإصابات.

ألمانيا: ينبغي التصدي للأخبار الكاذبة

قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: إنه يتعين على حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي التصدي للأخبار الكاذبة الموجهة من حكومات معينة والتي تستهدف الاتحاد الأوروبي في ظل وباء كورونا.

وأشار ماس إلى أن البعض حاول استغلال الوضع الحالي لأغراض دعائية، وأكد الوزير الاتحادي أنه يجب اتخاذ رد فعل ضد الأخبار الزائفة، من خلال “إجراءات مضادة” تستند على حقائق، سواء داخل التحالف العسكري أو في الاتحاد الأوروبي.

وقبل بدء اللقاء أعلن وزير الخارجية الألماني التزام بلاده بوعودها بشأن زيادة نفقات الدفاع التي تساهم بها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) رغم تفشي فيروس كورونا المستجد.

وثمة اتهامات لروسيا بصفة خاصة بالرغبة في ضرب رأس المال من خلال دعاية حكومية.

يذكر أن المفوضية الأوروبية أعربت عن استيائها مؤخرًا من أن كثيرًا من المعلومات الخاطئة عن فيروس كورونا المستجد تأتي من روسيا، لافتة إلى أن المصادر ارتبطت جزئيًّا بالكرملين.

وبحسب حملة “الاتحاد الأوروبي في مواجهة التضليل الإعلامي”، هناك حوالي 26 تقريرًا لوسائل إعلام مقربة من الكرملين، نشرت في الفترة من 22 يناير الماضي وحتى الأول من أبريل الجاري، أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يسجل “فشلًا” في مواجهة أزمة كورونا. 

حلف الناتو في أزمة كورونا 

يعمل حلف الناتو على منع انتشار التضليل المعلوماتي بشأن كورونا، ويشير الكثيرون في ذلك الأمر إلى روسيا والصين، وقبل المناقشات كان الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ قد قال: “هدفنا الأساسي هو ضمان ألا تتحول هذه الأزمة الصحية إلى أزمة أمنية”. 

وحذر حلف شمال الأطلنطي موسكو معلنًا جاهزية قواته لمواجهة أي تهديد روسي رغم الوباء، وأجبر تفشي مرض كوفيد-19 حلف الناتو على إلغاء بعض المناورات العسكرية، بما في ذلك “المدافع – أوروبا 20” بقيادة الولايات المتحدة، ويشتبه الناتو في قيام روسيا بحملة تضليل حول الفيروس، واستعراض قوتها العسكرية في تدريبات قريبة من حدود بعض الحلفاء، بما في ذلك مناورات في المياه البريطانية.

وحذر أمين عام الناتو “ينس ستولتنبرغ” موسكو من استخدام كوفيد-19 كغطاء، واعترضت الطائرات الحربية التابعة للناتو طائرات حربية روسية عدة مرات في الأسابيع الأخيرة ورصدت سفن الحلف التابعة للتحالف سبع سفن حربية روسية تتسكع بشكل غير معتاد في بحر الشمال لعدة أيام.

وقال ستولتنبرغ: إن القوات الروسية قامت أيضًا بتدريبات عسكرية مفاجئة بالقرب من حدود أوروبا، وأكد ستولتنبرغ على أن “الاستعداد العملياتي” لم يتأثر وأن قدرة الحلف على الدفاع عن نفسه لم تضعف. وقال ستولتنبرغ -في مؤتمر صحفي قبل اجتماع عبر الفيديو لوزراء الخارجية من التحالف الذي يضم 30 دولة اليوم الخميس- “هدفنا الأساسي هو ضمان ألا تتحول هذه الأزمة الصحية إلى أزمة أمنية”. حيث اضطر حلف الناتو إلى إلغاء مناورة عسكرية قادمة بسبب أزمة كورونا. 

ومن المقرر أن يناقش الوزراء استجابات الحلفاء للوباء الذي أودى بحياة 30 ألف شخص في أوروبا، ومن المتوقع أن يصدروا بيانًا مشتركًا يحذر روسيا وغيرها من الأعداء المحتملين من أن الناتو لا يزال قوة فعالة.

وقال ستولتنبرغ: “إن جاهزيتنا القتالية لم تتأثر، فهي لا تقوض، ونحن نواصل حراسة السماء والدفاع عن حدودنا ونواصل مهماتنا وعملياتنا، أما التهديدات والتحديات التي نواجهها، فهي لا تختفي بسبب أزمة كوفيد-19”.

تضمنت العملية العسكرية المفاجئة، بالقرب من سان بطرسبرج وحدود أوروبا، 82000 جندي وامرأة، بما في ذلك القوات الجوية الروسية، وقوة الصواريخ الاستراتيجية، بالإضافة إلى قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي والمهندسين والأطباء. 

يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تعقد فيها المناقشات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وذلك بسبب قيود السفر وإجراءات التباعد الهادفة إلى الحد من تفشي انتشار فيروس كورونا حيث ناقش الوزراء سبل تنسيق جهود الاستجابة بشكل أوثق وساعد الحلف بالفعل في توصيل إمدادات طارئة إلى أعضائه الأكثر تضررًا مثل إيطاليا وإسبانيا.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ: إن الحلف سيسرع من وتيرة تسليم المساعدات الطبية إلى الحلفاء الذين يعانون أكثر من غيرهم من وباء فيروس كورونا، ولكن يجب أن يركز في عمليات الدفاع عن أوروبا، وجاءت تصريحات ستولتنبرغ بعد مناورات حربية روسية كبيرة اعتبرها الحلفاء إشارة من موسكو.

ربما يعجبك أيضا