بمساعٍ سعودية.. أسواق النفط تنشد الحياة وسط جائحة كورونا

حسام عيد – محلل اقتصادي

وسط التدابير الاحترازية الصارمة التي تفرضها دول العالم لاحتواء تداعيات فيروس كورونا، دعت المملكة العربية السعودية إلى اجتماع افتراضي “عبر دائرة تلفزيونية”، لاحتواء التداعيات المتسارعة بأسواق النفط، بآمال وأهداف رفع الأسعار وطمأنة كافة المنتجين.

اجتماع طارئ لدول “أوبك ” ومجموعة من الدول الأخرى، يوم الخميس الموافق 9 أبريل الجاري، يعكس حجم الجهود والمساعي الحثيثة التي تبذلها المملكة للوصول إلى اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية.

وخلال الفترة الماضية، عملت المملكة ولا تزال على الوصول إلى اتفاق في مجموعة (أوبك) لإعادة التوازن في سوق النفط، حيث قامت بحشد التأييد لذلك من 22 دولة، من دول (أوبك) إلا أنه تعذر الوصول إلى اتفاق لعدم الحصول على الإجماع.

وتأمل خلال الاجتماع المقبل التوصل لاتفاق جديد من شأنه تقليص محتمل لإمدادات الخام العالمي، والسيطرة على المعروض، وإعطاء دفعة قوية وملحة للأسواق والأسعار في الوقت الراهن.

آمال اتفاق جديد لمحو سيناريو مارس

الرياض تريد تجنب تكرار نتائج اجتماع مارس الذي انهارت فيه محادثات النفط بين أوبك والحلفاء بسبب رفض روسيا خفص الإنتاج.

وقد انتهت التخفيضات المنسقة بين أعضاء أوبك وغيرهم بقيادة روسيا في 31 مارس بعد أن ساعدت في دعم أسعار النفط الخام منذ أن بدأت في يناير 2017.

اجتماع أوبك كان مقررًا في البداية يوم الإثنين الموافق 6 أبريل، لكنه تأجل إلى التاسع من الشهر ذاته “لإتاحة مزيد من الوقت للتواصل مع جميع المنتجين بمن فيهم أوبك وغيرهم”.

وسيضم دول منظمة أوبك والدول المتحالفة معها، ودولاً منتجة ومصدرة من خارجهما، وعليه فإن عمليات تخفيض الإنتاج، تتطلب دراسة معمقة لضمان استقرار السوق والنهوض بالاقتصاد العالمي.

وسجلت أسعار النفط أقل مستوى خلال 18 عامًا في 30 مارس بسبب إجراءات العزل لاحتواء فيروس كورونا وفشل أوبك والمنتجون الآخرون في تمديد تخفيضات الإنتاج المنسقة على إثر رفض روسيا.

وسجل سعر خام برنت تراجعا إلى 22.58 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2002، كما سجل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تراجعًا إلى ما دون 20 دولارا للبرميل، ليقترب من أدنى تراجع خلال 18 عامًا.

وكانت أسعار النفط قد تراجعت خلال فبراير الماضي بأكثر من النصف مما أجبر شركات على تخفيض أو وقف الإنتاج.

وتناقش “أوبك” اتفاقا عالميا لخفص عشرة ملايين برميل أو حوالي 10% من الإمدادات العالمية. وقالت مصادر: إن أي اتفاق ينبغي أن يضم منتجين من خارج تحالف أوبك.

خطوة غير عادية من “أرامكو”

وفي إجراء غير مسبوق، أقدمت عملاق النفط السعودي “أرامكو” وللمرة الأولى، على إرجاء إعلان أسعار البيع الرسمية لخاماتها لشهر مايو/ أيار حتى العاشر من أبريل نيسان، انتظاراً لما سيسفر عنه اجتماع بين أوبك وحلفائها بخصوص تخفيضات إنتاج محتملة، مشيرة إنها تبذل كل ما بوسعها إلى إنجاح الاجتماع وحتى ولو كان ذلك عبر اتخاذ خطوة غير عادية.

وتصدر أرامكو عادة أسعار البيع الرسمية بحلول اليوم الخامس من كل شهر، والتي يتحدد على أساسها أسعار الخامات الإيرانية والكويتية والعراقية، وتؤثر على أكثر من 12 مليون برميل يومياً من النفط المتجه إلى آسيا.

تأييد خليجي وترحيب عربي

بدوره، أعلن وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، تأييد بلاده لدعوة المملكة العربية السعودية إلى عقد اجتماع طارئ لأوبك ومنتجين آخرين.

وأضاف في بيان أن هناك حاجة لجهد مشترك وموحد من جميع الدول المنتجة للنفط وليس فقط دول مجموعة أوبك .

وتابع قائلا: “إن الإمارات واثقة من أنه إذا تم التوصل لاتفاق فإن كل المنتجين سيعملون في سرعة وتعاون لمواجهة ضعف الطلب على النفط في الأسواق العالمية والسعي لإعادة التوازن إلى السوق والإبقاء على مخزونات النفط العالمية عند مستويات معقولة”.

كما أبدى خالد الفاضل وزير النفط الكويتي، تأييد بلاده الكامل للسعودية وجهودها لإعادة أوبك إلى مائدة المفاوضات، معبرًا عن أمله في التوصل لنتائج إيجابية تساهم في استقرار سوق النفط.

فيما نقلت وزارة النفط العراقية عن الوزير ثامر الغضبان قوله في بيان، إنه متفائل حيال التوصل إلى اتفاق جديد لخفض المعروض بعد محادثات هاتفية مع بعض نظرائه في أوبك .

وأضاف الغضبان أن أي اتفاق جديد يتطلب الدعم من منتجين رئيسيين من خارج تحالف أوبك مثل الولايات المتحدة وكندا والنرويج.

والعراق ثاني أكبر منتج للخام في “أوبك” بعد السعودية، وينتج نحو 4.5 مليون برميل يوميًا، ويعتمد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95% من نفقات الدولة.

وختامًا، العقود الآجلة للنفط قفزت بفضل آمال بأن اتفاقا عالميا لخفض الإمدادات حول العالم قد يتم التوصل إليه الأسبوع الحالي.

ففي جلسة الخميس الماضي الموافق 2 أبريل، سجل النفط أكبر قفزة ليوم واحد في تاريخ أسواق الخام بفعل احتمالات خفض في المعروض يعادل ما يتراوح بين 10% إلى 15% من الطلب العالمي.

وكانت عقود برنت قفزت بما يصل إلى 47% يوم الخميس، مسجلة أعلى مكاسب من حيث النسبة المئوية أثناء التعاملات في يوم واحد، قبل أن تغلق مرتفعة 21%.

وجاء هذا بعد تطمينات سعودية أمريكية بأن استقرار أسواق النفط هدفًا استراتيجيًا مشتركًا، ومستقبل الصناعة سيكون رائعًا بفضل جهود المملكة.

لذلك، يمكن القول بأن حرب النفط لن يكون فيها رابح، فروسيا التي تصرح بأنها تحتمل هذه الأسعار إلى 5 أو 6 سنوات تعرف جيداً أن ميزانيتها لن تحتمل هذا التراجع الحاد في الأسواق، في ظل الركود الاقتصادي الذي يضرب العالم بسبب كورونا، كما أن مبيعات الأسلحة التي تعتمد عليها روسيا بشكل كبير ستتوقف إلى أجل ليس بقريب، فدول العالم ستكون مشغولة بتعويض خسائرها الاقتصادية أكثر من شراء الأسلحة وتعزيز ترساناتها العسكرية.

كما أن النهج الروسي في التعامل مع معضلة الأسعار واستقرار الأسواق النفطية، قد يضر مستقبلًا بمنتجي النفط الصخري الأمريكي؛ إلى حد التوقف عن الإنتاج وإعلان الإفلاس، وهذا ما دفع إلى تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إحاطة إعلامية، قائلًا: “الرسوم تدرّ الكثير من المال على بلدنا، نحن فرضناها على الصين ودول أخرى، ودول أخرى فرضتها علينا. هل سأفعل هذا من أجل النفط؟ نعم أستطيع، لكن هل سأفعل ذلك الآن؟ لا. أفكر بفرضها؟ لا. ولكن إذا تمت معاملتنا بطريقة غير نزيهة فمن الواضح أن هذه أداة في ترسانتنا”.

ربما يعجبك أيضا