بعد اقتراحات “عنصرية”.. أفريقيا ليست حقلًا لتجارب كورونا

محمود طلعت

كتب – محمود طلعت

فصل جديد من فصول العنصرية المقيتة للغرب ضد الأفارقة، فبالرغم من أزمة كورونا التي تعصف حاليًا بالعالم أجمع، إلا أن عنصرية بعض الغربيين طفت على السطح  مطالبة باختبار لقاحات “كوفيد-19” على سكان القارة السمراء.

البداية.. عنصرية طبيبين فرنســـيين

لم تحترم عنصرية الغرب أبسط قواعد الإنسانية وواصلت تجاوزاتها لكن هذه المرة يتعلق الأمر بالطبيبين جان بول ميرا، رئيس وحدة العناية المركزة في مستشفى كوشين في باريس، وكاميل لوشت مدير الأبحاث في معهد الصحة الوطني الفرنسي، ومن بعدهما الملياردير الأمريكي بيل جيتس مؤسس شركة ما يكروسوفت.

وبأسلوب يفتقد إلى القواعد الإنسانية والأخلاقية والطبية، وعبر شاشة “إل سي إي” الفرنسية، قال الدكتور جان بول ميرا، مدير وحدة العناية المركزة بمستشفى كوشون في باريس، إنه “من الممكن إجراء التجارب على لقاح جديد ضد كورونا في أفريقيا”.

وأضاف بأسلوب مستفز “نحن بحاجة إلى تجربة لقاح ضد مرض السل لمعرفة إذا كان سينجح في مقاومة فيروس كورونا أم لا والأفضل هو إجراء هذه التجارب في أفريقيا حيث لا تعقيم أو تطهير أو عناية”.

وعلى نفس الشاشة كان الدكتور كاميل لوشت مدير البحوث بالمعهد الفرنسي للصحة والبحوث الطبية يؤيد ما قاله الدكتور جان بول ويعلن أنهم بالفعل يحتاجون لتلك التجارب في أفريقيا.


بيل جيتس يدخل على خط العنصرية

تعرض مؤسس شركة “مايكروسوفت” الملياردير الأمريكي بيل جيتس لوابل من الانتقادات بعد أن نشرت مواقع إعلامية تصريحات له تتحدث عن إجراء تجارب اختبار لقاحات فيروس كورونا المستجد في أفريقيا.

وبعد تصريحه الأخير الذي أعلن فيه تمويل إنشاء مصانع لاختبار لقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، والتي ستعمل على إنتاج كميات كبيرة من اللقاحات في المستقبل على حد قوله، انهالت الانتقادات من سكان جنوب أفريقيا حين نشرت بعض المواقع تصريحات نسبت له عن إجراء تجارب اللقاحات في بلادهم.

وبحسب موقع “ثاوث أفريكان” كشف جيتس أن خططه لإجراء التجارب على اللقاحات ستتم في أفريقيا، مشيرا إلى أنه أجرى اتصالًا مع رئيس جنوب أفريقيا، لنفوذه الواسع وكونه رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي.

رئيس جنوب أفريقيا يرد على “جيتس”

وبدوره أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في تغريدة له على “تويتر” قال فيها: “مؤسسة جيتس دعمت احتياجاتنا الصحية لأعوام، وعرضوا علينا المساعدة في الاختبارات والأبحاث المبكرة، وأثنوا على إجراءات جنوب أفريقيا بشأن كوفيد 19”.

لكن هذا الإعلان لم يرق للكثيرين في جنوب أفريقيا وأفريقيا بشكل عام، واعتبروا أن الشعب الأفريقي ليس مكانا لإجراء التجارب.

وأبدى الكثير من الأطباء استغرابهم من هذه التصريحات حيث قالت الدكتورة جاوا مابينغو: “نحن نرفض اقتراح بيل جيتس هذا حول اختبارات اللقاح الجديد كورونا في أفريقيا.. المشكلة في إيطاليا والولايات المتحدة والمقاطعات الأوروبية الأخرى.. ليجروا بالاختبارات هناك”.


لا للعنصرية.. غضب وانتقادات لاذعة

ولم يتخيل الطبيبان الفرنسيان أن الرد القاسي على فقدانهما لأي مشاعر وقواعد إنسانية وأخلاقية وطبية سيكون حادًا بهذا الشكل حتى من جانب منظمة الصحة العالمية ذاتها.

واجتاحت حالة من الغضب العارم وسائل التواصل الاجتماعي واعتبر البعض أن الغرب لا يزال ينظر إلى الأفارقة على أنهم أقل قيمة من الآخرين، ووصل الغضب إلى بعض نجوم الكرة حيث وصف الكاميروني صامويل إيتو الطبيبان بـ”أولاد العاهرة” وحين انتقده الناس لسوء اختياره لمفردات يخاطب بها اثنين من كبار أطباء فرنسا قال إيتو”هذا أقل ما يمكن أن يوصف به اثنان بلا شرف وأخلاق أو ضمير ومبادئ”.

وعلق النجم الإيفوارى دروجبا: “بدلًا من أن يساعدنا هؤلاء على إنقاذ الأرواح في أفريقيا ووقف انتشار الفيروس الذي يزعزع استقرار العالم كله، يتم التعامل معنا كخنازير تجارب، إنه أمر سخيف”.

كما اتهم الحجي ضيوف الطبيبين الفرنسيين بأنهم يمثلون الإرهاب الحقيقي ويجب محاكمتهم ووضعهم في السجن على مطالبهم معتبرًا أنّ ما حدث هو إهانة للإنسانية.


الأفارقة ليسوا فئران تجارب

ولعل من أقوى ردود الفعل، قرار نادي المحامين في المغرب رفع دعوى قضائية على الطبيبين لدى القضاء الفرنسي. كما أطلق ناشطون وسومًا على تويتر باللغتين الفرنسية والإنجليزية، منها “أفريقيا ليست مختبرًا” و”الأفارقة ليسوا فئران تجارب”، وأنشئت عريضة على موقع “تشينغ” المتخصص في العرائض الإلكترونية لإعلان رفض إجراء اختبارات على أي لقاح لفيروس كورونا في أفريقيا.

وتقول العريضة إن “الأفارقة ليسوا فئران ولا قردة تجارب في مختبرات، إننا في القرن الحادي والعشرين والغرب ما زال يظهر سلوكًا غير إنساني تجاه القارة الأفريقية”، ودعت العريضة الإلكترونية إلى إبداء التقدير والاحترام للأفارقة.

وغرّد عضو البرلمان الفرنسي أوليفير فاور قائلا “ليس استفزازا هي بكل بساطة عنصرية.. أفريقيا ليست مختبرا لأوروبا، والأفارقة ليسوا فئرانا”. كما عبّرت وزيرة التعليم الفرنسية السابقة نجاة بلقاسم عن رفضها التام لما جاء من تصريحات في برنامج قناة “إل بي سي”، وقالت “لا شيء في هذا الفيديو يمكن قبوله، لا جوهر الحديث ناهيك عن النبرة الساخرة التي قيل بها”.

يذكر أن عدد مصابي كورونا في أفريقيا حتى اليوم يقدر بقرابة 7400 حالة، والوفيات حوالي 280. وتعد هذه الأرقام منخفضة مقارنة مع عدد سكان قارة أفريقيا الذين يتجاوزون 1.25 مليار نسمة.

ربما يعجبك أيضا