تركيا تمد يد العون لإسرائيل.. مساعدات “كورونا” تكشف إزدواجية أردوغان

محمد عبد الدايم

رؤية – محمود رشدي

دائمًا ما يحب أردوغان أن يظهر نفسه في وسائل الإعلام بأنه حفيد السلاطين العثمانيين، ومدافعًا عن الحق الفلسطيني في أراضيه المغتصبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك لم يتوان عن أي ظهور إعلامي كمقدم سخي للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ولذا انقطعت العلاقات التركية مع الجانب الإسرائيلي تارة بسبب تصريحات أردوغان، ولاسيما عقب اقتحام قوات البحرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي للسفينة “مرمرة” التي كانت متوجهة لسكان غزة بعام 2010.

واليوم، يتودد أردوغان إلى تل أبيب بحزمة مساعدات طبية في حربها ضد تفشي فيروس كورونا؛ الذي يتسع يومًا تلو الآخر في البلاد بعدما تخلت عنها الدول الأخرى في إمدادها بمتطلباتها نتيجة لزيادة الطلب على الأجهزة الطبية، وكي يحفظ ماء وجهه، اشترط أردوغان أن تسمح إسرائيل بإيصال المساعدات التركية إلى القطاع.

أنقرة تمد يد العون للاحتلال

هذه الـمُساعدات التركيّة التي قد تبدو للبعض صادمةً، حيث العلاقات مُتوتّرةٌ بين البلدين، كشفت عنها وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، وتشمل معدّات طبيّة، وكمامات للوجه، وملابس واقية، وقفّازات مُعقّمة، لكن هذه الـمُساعدات ليست مجّانيّةً، فقد قرّرت تركيا “بيعها” لا منحها للإسرائيليين.

وفي سياق توضيح القرار التركي، قال مسؤول تركي للوكالة الأمريكيّة: إنّ قرار بلاده جاء “لدوافعٍ إنسانيّة”، وهذه الدوافع “الإنسانيّة” يبدو أنها تتعدّى الإسرائيليين، فعلى ما يبدو قد اشترطت أنقرة مُوافقتها على بيع تل أبيب المعدّات الطبيّة، مُقابل تزويد السلطة الفلسطينيّة بمعدّات مُشابهة، دون أي عراقيل إسرائيليّة، ويُسجّل لتركيا أنها قامت بالتبرّع لفلسطين بالشحنة الطبيّة لا بيعها.

وتُطرح تساؤلات فيما إذا كانت أنقرة تسعى لتحسين علاقاتها مع إسرائيل، من خلال “التضامن الإنساني” خلال الجائحة، أم أنّ الأمر يقتصر على تفكير تركي سريع في كيفيّة وصول المُساعدات الطبيّة للفِلسطينيين دون عراقيل إسرائيليّة تُذكر.

العالم يتخلى عن إسرائيل

فيما كانت دول العالم تُسارع لدعم إسرائيل في المحافل الدوليّة، بدا أن فيروس كورونا نجح في كشف الحجم الحقيقي للاحتلال، فالأخيرة حاولت مرارًا وتكرارًا استيراد عدد كبير من أجهزة التنفّس الاصطناعي، وفي إطار الخشية من تسجيل عدد كبير من الإصابات بالفيروس، وهُنا بدأت سلسلة من التراجعات، حيث مصنع ألماني أبلغ بعدم قدرته على تزويدها، أمّا الوكيل الصيني الذي كان يُفترض أن يُزوّدها بألف جهاز تنفّس أعلن أن طرفًا آخر قد اشترى الأجهزة.

أمّا الحليف الأمريكي، أو شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكيّة قالت إنها لن تتمكّن من الإيفاء بتعهّدها بتزويد إسرائيل أيضًا بألف جهاز تنفّس، وهو ما دفع بالأخيرة إلى التوقّف عن مُحاولات شِراء أجهزة التنفّس، ومُحاولة اللجوء إلى حلول محليّة، وبحسب وزارة الصحّة الإسرائيليّة فإنّ دولة الكيان لا تملك إلا 2864 جهاز تنفّس، ونصفها فقط شاغرة، كما اعترف مسؤولون من إسرائيل بالفشل في زيادة عدد الفُحوصات لتشخيص الكورونا، وهو ما يشي بحجم الكارثة الصحيّة التي تنتظر الإسرائيليين، وتخلّي دول العالم عن دولتهم، وفشل إدارتهم للأزمة، فيما الدول المُجاورة وعلى سبيل المثال الأردن، تنجح في الحُصول على مُساعدات، أقلها فحوص الكشف عن الفيروس كتبرّعات. 

إسرائيل ترفض  شرط أردوغان

رفضت إسرائيل صفقة شراء معدات طبية لمواجهة فيروس كورونا المستجد من تركيا، بعد شرط أنقرة دخول مساعدات مشابهة إلى قطاع غزة. وأفادت القناة العبرية الـ”12″، صباح اليوم، بأن إسرائيل رفضت إتمام شراء صفقة معدات ومستلزمات طبية مهمة لمكافحة فيروس “كوفيد 19، بعدما رأت أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان يريد إدخال معدات طبية مماثلة إلى غزة، ما يعني تجميد الصفقة.  

يُذكر أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل، قد ارتفع لما نسبته 14% في السنوات الأخيرة وتحديدًا في عهد الرئيس أردوغان، وهو ما يطرح تساؤلات واقعيّة، حول حقيقة الخصومة السياسيّة بين البلدين، وفيما إذا كانت المُساعدات تلك التي تحمل “دوافع إنسانيّة” في ظل كورونا اليوم، تأتي أصلًا استكمالًا لعملية تجارة مزدهرة بين البلدين، لم تتوقّف، ولم يخفت وهجها، حتى في أسوأ الظروف التي شهدتها أنقرة وتل أبيب، لكن في المقابل يقول مناصرون لسياسات تركيا: إن البراغماتية هي عامل أصيل في تعاملات الأتراك الداخلية والخارجية، وحزبهم الحاكم، وهو ما قد يفسِر هذه التناقضات في سياساتهم، ولا علاقة للمواقف السياسية، بالاقتصاد وعوامل ازدهاره.

ربما يعجبك أيضا