استقالة وزير الداخلية التركي.. هل يضحي أردوغان برجاله لإنقاذ نفسه؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

تقدم وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، عبر حسابه على تويتر، بالاستقالة من منصبه؛ وذلك بعد يوم من الإعلان المفاجئ عن تطبيق عزل شامل في البلاد بسبب فيروس كورونا (كوفيد_19)، وهو ما أدى إلى احتشاد السكان المذعورين في المتاجر لشراء المؤن.

وكتب صويلو تغريدة على تويتر قال فيها، “في عملية يتم تنفيذها بجد ودقة، تقع مسؤولية إيقاف الوباء وقرار حظر التجول نهاية الأسبوع عليَّ بشكل شخصي، الصور التي ظهرت في البداية لساعات محدودة، لم تتطابق مع جهودنا المدارة بشكل مثالي… كل الخبرات والمسؤوليات التي كنت أمتلكها لا يجب أن تؤدي إلى مثل هذه الحوادث التي جرت، اتخذ القرار بحسن نية بهدف الحد من انتشار الوباء والعدوى في عطلة نهاية الأسبوع…”.

وأضاف: “أترك منصبي كوزير للداخلية، بعدما أديت واجبي بشرف”، مضيفا: “من مسؤوليتي أن أفرض قرار حظر التجول لمنع تفشي الوباء”.

وفي رد فعل المعارضة على قرار الاستقالة، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيلتشدار أوغلو، في تصريحات تلفزيونية، إن استقالة صويلو لم تكن بإرادته، وقال تعقيباً: “لا أعتقد أن قرار استقالة وزير الداخلية فردي، بل جاءت لإنقاذ أردوغان”.

هذا، وقد أعلنت الداخلية التركية، مساء الجمعة الماضية، حظر التجول في 31 ولاية خلال يومي السبت والأحد، في إطار التدابير المتخذة لمواجهة انتشار “كورونا”.

ورجحت وسائل إعلام تركية، فرض حظر التجول مجدداً في الولايات الـ 31 خلال يومي السبت والأحد من الأسبوع القادم، لكن مع عقوبات أكثر صرامة للحيلولة دون تفاقم الوضع بشكل أكبر.

ويهدف هذا العزل الذي يستمر 48 ساعةً إلى منع السكان من الاستفادة من عطلة نهاية الأسبوع للتنزه، كما حصل خلال الأسابيع الماضية رغم تفشي الوباء.

وأعلنت وزارة الداخلية اليوم عن إجراءات قضائية وإدارية بحق 24 ألفا و88 شخصا خرقوا حظر التجول.

وفي بيان نشر السبت، أعلنت الداخلية التركية أن العزل يشمل نحو 63 مليون تركي، مضيفةً أنّ المواطنين احترموا التدبير بوجه عام.

يشار إلى أن إعلان حظر التجوال جاء قبل ساعتين فقط من منتصف ليل الجمعة، مما دفع آلاف الأشخاص إلى التهافت على محلات البقالة، في مخالفة لإجراءات التباعد الاجتماعي الرامية للوقاية من الفيروس.



قرار خاطئ

تأخر وزير الداخلية في إعلان قرار الحظر، إلى أن تغلق المحلات، وهو ما أدى إلى حالة مفاجئة من الهلع وتزاحم الناس والمشاجرات بين الناس وكذلك مع رجال الشرطة في تركيا.

وفي حواره مع صحيفة “حرييت”، اعترف بمسؤوليته عن التأخر في إعلان حظر التجول، مشيراً إلى أنه لم يتوقع الفوضى التي شهدتها بعض الولايات.

وأضاف صويلو، أنه اكتسب خبرةً من نتائج قراره، معرباً في الوقت ذاته عن شكوكه في تسبب حالات الازدحام المحدودة بمشكلة كبيرة فيما يتعلق بانتشار “كورونا”.

وتابع في حواره مع الصحيفة قائلاً: “أقولها مرة أخرى، لقد قبلت الانتقادات التي طالتني جراء التأخر في إعلان القرار، كما قبلت الإهانات أيضاً”.

ولفت إلى أنه خطط ليلة الحظر للكشف عن القرار بعد الساعة التاسعة مساءً لضمان إغلاق المتاجر، في سبيل تجنب مشاهد هلع التسوق التي شهدتها الدول الأخرى.

دفاع عن القرار

ودافع صويلو عن قراره قائلًا: “بعضهم يقول (ليتكم أعلنتم الحظر في تمام الساعة 23.59)، أعتقد بأن هذا التوقيف كان سيتسبب بمواجهتنا لمشاكل إنسانية كبيرة، قد يكون بعضهم في زيارة خارج منازلهم، كيف سيتمكنون من العودة؟ يجب الإعلان عن الحظر قبل بضع ساعات”.

وأشار صويلو إلى أن هلع المواطنين وتهافتهم على المتاجر نجم عن خوفهم من تمديد الحظر لما بعد يوم الأحد، وأن أعداد الذين خرجوا في تلك الساعة لم تتجاوز 250 – 300 ألف.

وختم بالتأكيد على أن الحظر لن يشمل أيام الأسبوع الأخرى، وسينتهي بحلول منتصف ليلة الأحد/ الاثنين.

وأشار وزير الداخلية التركي إلى أن التأخر في الإعلان عن الحظر كان بهدف تجنب النتائج الكارثية التي شهدتها بعض الدول الأخرى نتيجة إعلانها المبكر عنه.

وأضاف: “هل تريدون أن تتكرر لدينا مشاهد هـ.ـلع التسوق والهجوم على المتاجر من أجل المواد الغذائية وورق الحمام؟”.

غضب المعارضة

وواجه القرار انتقادت لاذعة، حيث ندد رئيس بلديّة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، عضو حزب المعارضة الرئيسي، بالطبيعة المفاجئة لإعلان الحجْر، قائلاً إنّه لم يتم إبلاغه به مسبقاً.

ومنذ أيام هاجم رئيس بلدية إسطنبول إجراءات الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان فيما يتعلق بمواجهة تفشّي فيروس كورونا في البلاد، وكرّر دعوته بإصدار أمر بالتزام الناس لبيوتهم في مدينة إسطنبول، المركز التجاري للبلاد، والتي شهدت الكشف عن أكثر من 60 بالمئة من حالات الإصابة حتى الآن.

كما قال أونال تشيفيكوز وهو عضو في البرلمان التركي ونائب رئيس حزب “الشعب الجمهوري” للشؤون الخارجية: إن “هذا القرار كان مهيناً ومحرجاً”.

غضب أردوغان

حسب تقرير صحيفة “ملييت”، فقد انزعج الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من تأخر “صويلو” في الإعلان عن حظر التجول، وما نجم عنه من ازدحام في المتاجر والأفران. وأن بقاء المتاجر مفتوحة ليلة صدور القرار، على الرغم من انتهاء ساعات عملها، كشف عن عدم تنسيق واضح وخلل في ضبط التدابير المتخذة لمـواجهة انتشار “كورونا”.

وأشار تقرير الصحيفة، إلى أن مشاهد الازدحام التي شهدتها بعض الولايات المشمولة بحظر التجول أزعجت المجلس العلمي التابع لوزارة الصحة والرئيس التركي. خاصة أن الكشف عن قرار الحظر جاء قبل ساعتين فقط من تطبيقه؛ مما سبب حالة الذعر التي خيمت على بعض الأسواق.

أردوغان في وضع حرج

يعيش الاقتصاد التركي في أزمات متلاحقة. وجاءت أزمة كورونا لتبطئ أكثر من عجلة إنقاذه. وهو ما دفع الرئيس التركي إلى الغضب من وزير داخليته؛ لأن الوضع في الشارع التركي يتجه إلى الأسوأ إذا لم تستطع الحكومة إدارة ملف أزمة كورونا بحكمة. خاصة في ظل توقف أجور العمال وفقدان الكثير لوظائفهم.

فوسط الحديث عن اضطرار تركيا للذهاب إلى صندوق النقد الدولي، أكد وزير المالية التركي بيرات البيرق عدم عقد اجتماعات أو طلب مساعدة من أي مؤسسة أو دولة، وذلك في تأكيد لنفي الحكومة التركية عقد صفقة جديدة مع صندوق النقد الدولي.

كما تنتشر موجة من السخط في عالم الشركات في تركيا، حيث يرفع رؤساء أكبر مجموعات الأعمال في تركيا، أصواتهم في ظل تداعيات انتشار فيروس كورونا على أعمالهم.

وحسب تقرير صحيفة أحوال تركية، فقد حثت مؤسسة “توسياد”، التي تمثل أكبر الشركات في تركيا، الحكومة على اتخاذ تدابير أقوى لمساعدة الشركات وتقديم المزيد من التوجيه حول المدة التي سيعمل بها الاقتصاد في ظل هذا التباطؤ، وفقًا لتقرير صادر عن بلومبرج في 27 مارس، والذي استشهد برسالة مرسلة إلى أردوغان. وقالت بلومبرج إن مجلس إدارة الشركة ناقش عملية الحظر الكامل للسكان لفترة محددة مسبقًا حتى تتمكن الشركات من التخطيط للمستقبل.

كما أصدر رفعت هيسار جيكلو أوغلو، وهو حليف أردوغان ورئيس اتحاد “توب”، أكبر اتحاد أعمال في تركيا، بيانًا مكتوبًا ينتقد فيه بنوك الدولة لرفضها طلبات القروض الطارئة من أعضائها.
 
ارتفاع الحصيلة

وقد أعلنت وزارة الصحة التركية، اليوم الأحد، تسجيل 97 حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، لترتفع الحصيلة إلى 1198.

وحسب وكالة الأناضول، أضافت في بيان على موقعها المخصص لبيانات كورونا، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 56 ألفا و956 إثر تسجيل 4 آلاف و789 إصابة جديدة.

وأشارت إلى أن حالات الشفاء واصلت ارتفاعها لتبلغ إلى 3 آلاف و446، بعد تسجيل 481 حالة جديدة.

وأوضحت أنها أجرت 35 ألفا و720 فحصا طبيا حول كورونا، لترتفع الحصيلة إلى 376 ألفا و100.

وذكرت أن عدد المرضى في وحدات العناية المركزة تراجع إلى 1665، فيما تراجع عدد المرضى الموصولين بأجهزة التنفس إلى 978.

وقد كشفت لقطات لطائرة مسيرة عن عمليات حفر في إحدى ضواحي مدينة إسطنبول يُعتقد أن الحكومة التركية تعدها لدفن ضحايا كورونا.

وتظهر اللقطات المصورة سيارات وحفارات ضخمة تحفر مقابر في مناطق كثيفة بالأشجار بعيدا عن أعين المارة.

فيديو يكشف حفر مقابر لضحايا كورونا في اسطنبول التركية
https://www.youtube.com/watch?v=CtgxvfsmhFg

ربما يعجبك أيضا