في ظل أزمة “كورونا”.. مصر تحاول جني مكاسب اقتصادية

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – رغم تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، والتي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي، تعمل الحكومة المصرية على محاولة تخفيف حدة الأزمة الحالية، في ظل تحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية في السنوات القليلة الماضية، تمكنها من جني مكاسب اقتصادية “مهمة”، تتمثل في توطين الصناعات في البلاد مع توقف حركة الاستيراد والتصدير، علاوة على إجراء إصلاحات هيكلية متعلقة بالحماية الاجتماعية والعمالة غير المنتظمة وتفعيل الشمول المالي، وزيادة التعاون القاري.

“الوضع الاقتصادي”

قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، هالة السعيد، إن أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد وتداعياتها تأتي في توقيت سيئ للغاية للاقتصاد العالمي في ضوء العديد من المتغيرات الاقتصادية والسياسية، موضحة أن اتساع بؤرة خطر انتشار الفيروس إلى جميع دول العالم أثر سلبًا على سلاسل التوريد والسياحة وحركة الطيران، والتجارة والشحن، فضلًا عن انعكاسه سلبًا بانخفاضات وتذبذب الأسواق المالية، وأن ذلك أثر أيضًا على تراجع أسعار النفط لأدنى مستوياتها منذ 2014.

وأوضحت الوزيرة في مؤتمر صحفي، اليوم الإثنين، أنه من المحتمل أن تتطور المخاطر الاقتصادية والمالية التي تواجه دول العالم لتشمل مخاطر السيولة والتمويل والإفلاس لبعض القطاعات منها الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لافتة إلى أن المؤسسات الدولية توقعت خسارة 2 نقطة مئوية في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، وتعرض العديد من اقتصاديات الدول إلى حالة الركود، فضلا عن دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود.

وأوضحت هالة السعيد أن العديد من المؤسسات الدولية خفضت توقعاتها بشأن معدلات النمو الاقتصادي العالمي بعد انتشار الفيروس بقيم تراجع تتراوح بين 2.0% و3.0% موضحة أن خسائر التوظيف المتوقعة على مستوى العالم وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي تبلغ 50 مليون وظيفة على مستوى العالم، موضحة أنه سيتم إجراء مراجعة لأولويات أجندة التنمية المستدامة من المؤسسات العالمية على خلفية الأزمة الحالية.

وأوضحت السعيد أن “جميع مؤشرات الاقتصاد القومي المصري كانت في أفضل حالاتها في النصف الأول من العام المالي الحالي فيما يخص معدلات النمو الاقتصادي والبطالة والتضخم وإيرادات السياحة حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي الحقيقي 5.6 % في النصف الأول مقارنة بـ 5.4% في نفس فترة المقارنة من العام 2018 /2019 كما ارتفع معدل الاستثمار ليصل إلى 18.5 % في النصف الأول من العام المالي الحالي مقارنة بـ 16.9% فضلًا عن زيادة في نسبة المشتغلين لنسبة 26.6% وتحقيق 8 % معدل بطالة”، متابعة: “نتوقع قدرًا من التعافي في معدلات النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام المالي القادم من يناير”.

وتابعت السعيد أن الدولة المصرية قامت منذ بداية الأزمة في فبراير بوضع سيناريوهات للتعامل مع الأزمة في حال وصولها لمصر تضمنت ثلاثة سيناريوهات الأول باحتمالية انتهاء الأزمة في يونيو بنهاية العام المالي الحالي 2019/2020 باحتمالية بلغت 20 % والسيناريو الثاني باحتواء الأزمة في الربع الثالث من العام 2020 شهر سبتمبر باحتمالية 50 % والسيناريو الثالث باحتواء الأزمة بنهاية ديسمبر 2020 بنسبة احتمالية تبلغ 30 %.

“توطين الصناعة”

وحول التأثير المحتمل على الاقتصاد المصري أوضحت السعيد أن مسار التعافي من المتوقع أن يأخذ شكل”يو” نظراً لامتداد الأزمة لأغلب دول العالم وفي كافة القطاعات متابعة أنه بالرغم من شدة الأزمة الحالية إلا أنها في الوقت ذاته تخلق فرصًا يمكن الاستفادة منها تتمثل في إمكانية النهوض بقطاع الصناعة حيث يُعد الوقت الحالي هو الوقت المثالي لتوطين الصناعة في ضوء انخفاض الواردات لتأثر سلاسل التوريد العالمية، مع وجود فرص كذلك لنفاذ الصادرات المصرية لبعض الأسواق.

وأضافت السعيد أن بعض القطاعات لديها المرونة والقدرة على احتمال الأزمة الحالية مثل قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي يستلزم تقديم قدر من المساندة، متابعة أنه في حالة التعافي فإن القطاعات لا تتعافى بصورة مماثلة ولكن من المتوقع أن التعافي سيكون بطيئًا في معظم القطاعات، وأن هناك قطاعات سوف تتأثر تأثراً شديداً بالأزمة مثل قطاع السياحة والصناعة.

“إصلاحات هيكلية”

وزيرة التعاون الدولي في مصر رانيا المشاط، رأت خلال جلسة عن الآثار الاقتصادية القصيرة وطويلة الأجل لأزمة فيروس كورونا المستجد والتي نظمها معهد الشرق الأوسط في واشنطن، “MEI”، أن أزمة انتشار فيروس كورونا ستدفع بالتعجيل بالإصلاحات الهيكلية العامة المتعلقة بالحماية الاجتماعية والعمالة غير المنتظمة وتفعيل الشمول المالي.

وأشارت الوزيرة إلى إعداد الحكومة المصرية استراتيجية للمواجهة وإعادة البناء لما بعد الأزمة، وما قامت به وزارة التعاون الدولى من تكوين “منصة” مع شركاء التنمية ومؤسسات التمويل الدولية، للاستجابة الفورية لكل من مواجهة انتشار فيروس كورونا، ووضع خطة عمل من خلال جهد منظم يتماشى مع الأولويات الوطنية للحكومة المصرية.

وأوضحت الوزيرة أن جميع التدابير الرامية إلى التخفيف من تأثير فيروس كورونا تسهم في عدم تعطيل جهود التنمية عن أغراضها المقصودة وخاصة تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، لافتة إلى أن التنسيق والتعاون الدولي أصبح يلعب دورًا محوريًا لمواجهة الأزمة الحالية، ويسعى الجميع لتحليل السياسات والإجراءات المطلوبة لإثراء التفاعل البناء.

“التعاون القاري”

بدوره، أكد وزير المالية المصري، محمد معيط، خلال اجتماع لجنة وزراء المالية الأفارقة الخمسة عشر “F15” التي انعقدت عبر تقنية “Teleconference”، لبحث تداعيات فيروس كورونا المستجد على اقتصاديات الدول الأفريقية أنه لا بد من تعزيز التعاون القاري لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على اقتصاديات القارة السمراء، بما يسهم في احتواء الآثار السلبية.

تطرق الاجتماع إلى بحث تحديد استراتيجية على المستوى القاري لمواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية للأزمة والتخفيف من آثارها، إضافة إلى اتخاذ موقف أفريقي موحد بهذا الشأن في المحافل الدولية، وعلى رأسها الاجتماعات المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين المزمع انعقادها خلال الفترات المقبلة، فضلا عن اتخاذ الخطوات التنفيذية اللازمة لتفعيل قرارات هيئة مكتب الجمعية العامة للاتحاد الأفريقي، الخاصة بإنشاء صندوق على المستوي القاري لمكافحة آثار فيروس كورونا.
 

ربما يعجبك أيضا