متجاهلًا النصائح والانتقادات.. ترامب ينفذ وعيده وينتقم من الصحة العالمية

حسام السبكي

حسام السبكي

تشهد الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا، واحدة من أسوأ أزماتها الإنسانية، إلى الحد الذي وصفت بأن ضحاياها أكثر من قتلى الجيش الأمريكي في حرب أفغانستان، التي بدأت قبل نحو 19 عامًا من الآن، متمثلة في وباء كورونا العالمي، الذي احتلت أمريكا المرتبة الأولى عالميًا في عدد المصابين به، بأكثر من نصف مليون حالة، فضلًا عن أكثر من 26 ألف حالة وفاة، منذ ظهوره في فبراير الماضي.

وبدلًا عن البحث عن حلول أكثر إيجابية، وبعد فشل شماعة “الفيروس الصيني”، ذهبت الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها المثير للجدل دونالد ترامب، إلى تعليق فشلها في مواجهة الأزمة على منظمة الصحة العالمية، محملًا إياها في سلسلة تصريحات خلال الأيام القليلة الماضية، المسؤولية عن تفشي المرض، وذلك في خضم انتقادات داخلية ودولية عديدة، ما دفع الرئيس الأمريكي أخيرًا لتنفيذ وعيده، بقطع المساعدات عن المنظمة الدولية

قطع المساعدات

أسدل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الستار، على حالة الاتهامات المتوالية، التي راح يسوقها ضد المنظمة الدولية التي لا تألوا جهدًا في تقديم النصائح والمساعدات المادية والعينية والمعنوية أيضًا، لكافة الدول التي تعاني من أشرس الأوبئة منذ الإنفلونزا الإسبانية في عشرينيات القرن الماضي.

وأعلن ترامب، الثلاثاء، أنه أمر إدارته بتجميد التمويل الأمريكي للمنظمة الدولية، معتبرا أنها ارتكبت أخطاء تسببت في وفاة الآلاف.

وقال الرئيس الأمريكي، خلال مؤتمر يومي يعقده في البيت الأبيض بشأن أزمة كورونا، إن منظمة الصحة العالمية قدمت معلومات خاطئة حصلت عليها من الصين التي تفشى الفيروس على أراضيها.

واعتبر كذلك أن المنظمة تأخرت في التحذير من خطر فيروس كورونا، كما أنها فشلت في الحصول على المعلومات الكافية، بشأن فيروس كورونا ونشرها بطريقة شفافة.

وقال ترامب يجب على منظمة الصحة العالمية “إجراء إصلاحات داخلية”.

وتعتبر الولايات المتحدة المانح الأكبر للمنظمة إذ قدمت لها 400 مليون دولار العام الماضي.

نية مبيتة 

سبق قرار الرئيس الأمريكي، تصريحات من وزير خارجيته مايك بومبيو، قبل ساعات، إذ أكد أن بلاده تسعى لإحداث “تغيير جذري” في منظمة الصحة العالمية.

وفي توجه عام يبدو جليًا لدى الإدارة الأمريكية، صرح بومبيو لإذاعة فلوريدا قائلًا: “لقد قامت منظمة الصحة العالمية خلال تاريخها بعمل جيد، لكن للأسف، فإنها لم تبل بلاء حسناً هذه المرة”.

وأضاف “نريد بذل جهود لإحداث تغيير جذري أو اتخاذ قرار مختلف يقول: عليكم القيام بدوركم لضمان تنفيذ التزامات الصحة العالمية الأهم، أي الأمور التي بصراحة تحافظ على سلامة الأمريكيين”.

انتقادات متجاهلة

خلال الأيام القليلة، شهدت الساحة السياسية الأمريكية، حالة من الجدال والانتقادات، التي وجهها معارضون إلى الرئيس الأمريكي، حيث يرى هؤلاء أن ترامب يسعى إلى العثور على كبش فداء في الخارج بعد تعرضه لانتقادات بسبب طريقة تعاطيه مع أزمة كوفيد-19 بعدما قال في يناير/ كانون الثاني إنه “تحت السيطرة الكاملة”، ولكنه أدى حتى الآن إلى وفاة أكثر من 24 ألف شخص في الولايات المتحدة.

وبينما هدأت حدة الخطاب الأمريكي تجاه الصين، باعتبارها المصدر الرئيسي للإمدادات الطبية حاليًا، اختار ترامب منظمة الصحة العالمية كوجهة جديدة لانتقاداته.

وفي الأسابيع الماضية، سلطت تقارير وسائل الإعلام الأمريكية الضوء بشكل متزايد على المخاوف المتزايدة حول كيفية تعامل البيت الأبيض مع الإشعارات الأولية التي تشير إلى أن الجائحة قادمة، والتقليل في بعض الأحيان من المخاطر على الولايات المتحدة والفشل في ضمان أن الاحتياطيات من المخزونات الطبية كافية.

إلا أن الرئيس الأمريكي رفض قبل أيام الانتقادات الموجهة إليه حول استجابته لتهديد فيروس كورونا، منتقدا عبر “تويتر” ما وصفه “بالأخبار المزيفة” للديمقراطيين ووسائل الإعلام.

وغرد قائلا: “إذا كان حزب الاخبار المزيفة المعارض يدفع، بكل قوته، بحقيقة أن الرئيس ترامب” تجاهل التحذيرات المبكرة بشأن التهديد”، فلماذا انتقدني الديمقراطيون والإعلام بشدة عندما فرضت حظر سفر على الصين؟ قالوا إنه “مبكر وليس ضروريا”. وسائل إعلام فاسدة!”.

وأوضحت تقارير معمقة في كل من “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” أن كبار مستشاري الرئيس قد حذروا من تفشي وباء فيروس كورونا في أواخر شهر يناير والذي يمكن أن يقتل مئات الآلاف من الأمريكيين.

وقلل ترامب في البداية من خطورة الفيروس، وأكد علنا ​​حتى بداية مارس أن الفيروس لم يكن مدعاة للقلق بالنسبة للولايات المتحدة.

كما أشاد ترامب في تلك الشهور الأولى أيضًا بجهود الصين لاحتواء الفيروس، الذي نشأ في مدينة ووهان الصينية.

نصائح عديدة

في أولى ردود الأفعال على القرار الأمريكي بحجب المساعدات عن منظمة الصحة العالمية، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أسفه، واصفًا القرار بأنه “في غير وقته المناسب”.

وقال جوتيريش، في بيان: إن أزمة الفيروس “غير مسبوقة في حياتنا وتتطلب استجابة غير مسبوقة”.

وأضاف أنه “من الواضح أنه في مثل هذه الظروف، ربما يكون للوقائع نفسها قراءات مختلفة من كيانات مختلفة”.

وتابع جوتيريش: “بمجرد أن نطوي في النهاية صفحة هذا الوباء، يجب أن يكون هناك وقت للنظر إلى الوراء بالكامل لفهم كيفية ظهور هذا المرض وانتشار دماره بسرعة في جميع أنحاء العالم، وكيف كان رد فعل جميع المعنيين بالأزمة”.

وأكد الأمين العام للمنظمة الدولية “ستكون الدروس المستفادة ضرورية للتصدي بفعالية لتحديات مماثلة، ربما تنشأ في المستقبل. ولكن الآن ليس هذا الوقت”.

وتابع: “بما أنه ليس الوقت (المناسب)، فإنه ليس الوقت المناسب أيضًا لتقليل الموارد لعمليات منظمة الصحة العالمية أو أي منظمة إنسانية أخرى في مكافحة الفيروس”.

وقبل نحو أسبوع، دعت منظمة الصحة العالمية، إلى عدم تسييس أزمة فيروس كورونا المستجد بعد انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقال الدكتور هانز كلوج -المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، في إفادة عبر الإنترنت ردًا على سؤال بشأن تصريحات ترامب- “لا نزال في المرحلة الحرجة للوباء لذلك الوقت ليس ملائما الآن لوقف التمويل”.

ربما يعجبك أيضا