لعبة القوارب .. استفزاز إيراني وسط مخاوف من رفع حظر التسليح

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أعلنت البحرية الأمريكية في بيان، ليل الأربعاء الماضي، أن تصرفات الزوارق الإيرانية في المياه الدولية بشمال الخليج العربي “خطيرة واستفزازية”.

حيث قام 11 زورقًا تتبع للحرس الثوري الإيراني بعمليات “اقتراب ومضايقة خطيرة” لسفن من البحرية الأمريكية في الخليج. وأفاد البيان بأن زوارق إيرانية اقتربت لمسافة عشر ياردات من سفينة تابعة لخفر السواحل الأمريكية أو ماليزيا أو هونج كونج.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان للبحرية الأمريكية، أنّ الزوارق الإيرانية مرّت، مرارًا وتكرارًا، أمام السفن الأمريكية وخلفها، واقتربت منها إلى مسافة قريبة جدًا وبسرعة عالية، وفي واحدة من الحالات كانت على مسافة 10 ياردات من زورق تابع لحرس السواحل، حسبما نقلت وكالة “أسوشييتد برس” عن مسؤولين أمريكيين.

وتأتي الخطوة الإيرانية، ربما بعدما حاولت طائرة مقاتلة أمريكية، دخول المجال الجوي الإيراني، وهي محاولة تحذير واستعراض قوة أمام التحركات الأمريكية في الأيام الأخيرة، التي تعتبرها طهران تستهدف أمنها.

نفي إيراني

وقد نفى وزير الدفاع الإيراني أمس الجمعة، التقارير الأمريكية التي تحدثت عن مضايقات من السفن الإيرانية ووصفها بأنها “بلا أساس”، وقال: إن الوجود الأمريكي “غير المشروع والعدواني” في الخليج يتسبب في انعدام الأمن بالمنطقة.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن وزير الدفاع الجنرال أمير حاتمي، قوله: “ما يؤدي لانعدام الأمن في منطقة الخليج (…) هو الوجود غير المشروع والعدواني للأمريكيين الذين جاءوا من الطرف الآخر للعالم إلى حدودنا، ووجّهوا مثل هذه المزاعم التي بلا أساس”.

ورغم نفي وزارة الدفاع الإيرانية تورط الحرس الثوري في عملية الاستفزاز لكن التسجيلات والصور كشفت اقتراب الزوارق إلى أمتار قليلة من البوارج.

وقد كتب وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، على تويتر، “لا أعلم ماذا يفعل الأمريكيون في منطقتنا التي تبعد سبعة آلاف ميل عن حدودهم”.

كما أكد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، حسين نقوي، أن أمريكا عليها -قبل توجيه أي إتهام- أن توضح بشأن تواجدها في الخليج.

تصاعد التوتر

وقد أعلن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي -للتلفزيون الرسمي السبت- أن القوات المسلحة الإيرانية حصلت على ثلاث طائرات مسيرة حاملة للقنابل مداها 1500 كيلومتر.

والطائرات المسيرة عنصر مهم في مراقبة الحدود الإيرانية، لا سيما في مياه الخليج وحول مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20 بالمئة من إمدادات النفط في العالم.

هذا، وقد شهدت الأعوام الماضية تكرارًا لسيناريو اقتراب زوارق إيرانية مسلحة من سفن حربية أمريكية في الخليج في ظل تصاعد للتوتر بين واشنطن وطهران.

وقتلت الولايات المتحدة، الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، بطائرة مسيرة خارج مطار بغداد يوم 3 يناير/ كانون الثاني.

وفي مطلع الشهر الحالي، اعتبر النائب الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، أن إيران وأمريكا تقتربان من الحرب بشكل غير عادي.

وتبادلت طهران وواشنطن التحذيرات حول احتمال اندلاع مواجهة بين القوات الأمريكية والميليشيات التابعة لإيران في العراق.

وكانت أنباء عن تحركات للقوات الأمريكية من أجل مواجهة تلك الميليشيات قد دفعت بالخارجية الإيرانية إلى إصدار بيان ذكرت فيه أن تلك التحركات تؤدي إلى “عدم استقرار كارثي” في المنطقة.

ونقلت الولايات المتحدة مؤخرًا جزءًا من قواتها من بعض القواعد العسكرية العراقية، وزادت عدد أنظمة باتريوت المضادة للدفاع الجوي.

وأكدت مصادر أمريكية -خلال الأيام الأخيرة- أن البنتاجون يخطط للانتقام المحتمل من الميليشيات العراقية المتحالفة مع النظام الإيراني، وخاصة ميليشيات “كتائب حزب الله العراقي”، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”.

سخرية من لعبة القوارب

وقد انشغلت الصحف المقربة من الحرس الثوري بلعبة القوارب مع أعصاب السفن الأمريكية؛ فمضايقة السفينة الأمريكية وتحذير حرس الجمهورية الإسلامية، والإشارة بالسبابة نحو السفينة، كانت عنوان وصورة كثير من الصحف، بما في ذلك الصحف المقربة من الحرس الثوري، مثل “وطن أمروز”، و”جوان”.

كان استعراض الحرس الثوري استفزازي، ليس فقط للولايات المتحدة بل أيضًا للداخل الإيراني الذي لا يرغب في إثارة التوتر مع القوى العالمية أكثر في ظل اقتصاد متعب.

في هذا السياق، كتب أحد المغردين: “هذه العمليات لا سبب لها سوى الاستعراض لصالح قادة الحرس الثوري والباسيج”، فيما قال آخر: “يذكرني هذا الاستعراض بالحركات الطفولية عندما كنا نقرع جرس أحد البيوت ونهرب”.

رد أمريكي

قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو -الخميس الماضي، تعليقًا على “مضايقة” زوارق الحرس الثوري الإيراني لسفن أمريكية بالخليج- إن واشنطن تدرس الرد المناسب على هذه الخطوة الإيرانية.

كما دعا بومبيو -اليوم السبت، عبر حسابه الرسمي على “تويتر”- مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، إلى تجديد حظر التسليح المفروض على إيران، والذي من المقرر أن ينتهي بعد 6 أشهر.

وقال بومبيو: “اليوم، ينتهي حظر التسليح المفروض على إيران -أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم- بعد 6 أشهر من الآن، يجب على مجلس الأمن الدولي تمديد الحظر قبل أن تتسبب إيران في زيادة أعمال العنف، وتبدأ سباق تسلح جديد في الشرق الأوسط”.

مخاوف من رفع حظر التسليح

ومع مُضي معظم مهلة الخمس سنوات الموجودة ضمن بنود الاتفاق النووي، قبل رفع حظر توريد وتصدير الأسلحة التقليدية عن إيران، تتصاعد المخاوف العالمية من تطبيق هذا القرار، الذي سيطلق أيادي إيران في دعم الحركات الإرهابية.

ففي أكتوبر/ تشرين الأول المقبل 2020 تنتهي القيود المفروضة على إيران بموجب القرار 2231، الذي يتضمن إلغاء قيد حظر بيع الأسلحة لإيران، إذ كان جزءًا من جهود المجتمع الدولي للضغط على إيران للتفاوض بشأن برنامجها النووي، أن أصدر مجلس الأمن الدولي عديدًا من القرارات التي فرضت حظرًا على بيع الأسلحة لها، ومنها القرارات 1747 و1803 و1929.

وحسب تقرير إندبندنت عربية، على ما يبدو أن رفع هذا القيد ينتظره وتستعد له عدة أطراف، من بينهم إيران والولايات المتحدة، الاستعداد لقرب هذا الموعد سيشهد عودة لإحدى حلقات مسلسل التصعيد بين البلدين.

ففي سبتمبر الماضي، قال الرئيس حسن روحاني: إن إيران ستستعيد القدرة على الوصول إلى سوق السلاح الدولية في وقت لاحق العام المقبل، إذا التزمت الاتفاق النووي الذي أبرمته في عام 2015 مع القوى العالمية، وإن هذا سيكون نجاحًا سياسيًا هائلًا.

وفي نهاية فبراير الماضي، قال وزير الخارجية مايك بومبيو للكونجرس: إن الولايات المتحدة ستناشد المجتمع الدولي تمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، الذي من المقرر أن ينتهي في أكتوبر/ تشرين الأول بموجب شروط الاتفاق النووي لعام 2015.

وفي أثناء المفاوضات لإتمام خطة العمل الشاملة المشتركة طلبت إيران ضرورة رفع حظر الأسلحة فور تنفيذ الاتفاق النووي، ودعمت روسيا والصين هذا الطلب، لكن الولايات المتحدة ضغطت من أجل الاحتفاظ بهذه العقوبة، لكن تفاوضت على التمديد مدة خمس سنوات، وهو ما ينعكس في الفقرة 5 من الملحق ب من قرار مجلس الأمن 2231.

وتراهن واشنطن على الأوروبيين، للاستعداد لمحاولة إيران تعزيز قدراتها العسكرية بالاعتماد على مشتريات الأسلحة الصينية والروسية بعد رفع حظر بيع الأسلحة لها، وهو ما أشارت إليه بعض التقارير من مشاورات جرت بين الروس والإيرانيين في أثناء مؤتمر موسكو للأمن في أبريل/ نيسان 2019 بشأن الاتفاق حول صفقات الأسلحة، وإعلان إيران العام الماضي أن الصين وروسيا اقترحتا بيع طائرات مقاتلة ثقيلة متعددة الأغراض مثل Su-35 من موسكو وطائرات مقاتلة من بكين، عندما ينتهي حظر الأسلحة في أكتوبر/ تشرين الأول، حيث تحتاج إيران إلى تحديث أسطولها الجوي المتقادم لتعزيز استعدادها القتالي المضاد للطائرات.

كما تراهن واشنطن أيضًا على إقناع الروس والصينيين بعدم استخدام حق النقض ضد قرار لمجلس الأمن الدولي بتمديد الحظر وفقًا لبومبيو.

من المحتمل أن تواجه الولايات المتحدة عدة معضلات، منها أنّ الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي، ومن ثمّ لا تستطيع تفعيل آلية سناب باك الخاصة بتمديد بعض العقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن، الأمر الآخر هو أن الفيتو الروسي والصيني ينتظر أي قرار أمريكي بشأن إيران في مجلس الأمن، والموقف الروسي لا يوحي بأنه سيستجيب للرغبة الأمريكية في هذا الشأن فقد صدر بيان عن الخارجية الروسية في 3 مارس/ آذار أشار إلى أنه “لقد قيل في الكونجرس أن الولايات المتحدة ستحاول إقناع روسيا والصين بعدم استخدام حق النقض ضد مشروع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن تمديد حظر الأسلحة على إيران، لكن لا فائدة من إثارة هذه المسألة في مجلس الأمن”.

ربما يعجبك أيضا