للتشويش على جهود واشنطن للسلام .. إيران تبعث بمندوبها إلى أفغانستان

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

التقى الرئيس الأفغاني أشرف غني، الأحد الماضي، بالمندوب الإيراني الخاص لأفغانستان محمد إبراهيم طاهريان، الذي يزور العاصمة الأفغانية كابول.

تأتي هذه الزيارة، بعد أن توصلت أمريكا وحركة طالبان الأفغانية إلى اتفاق يقضي بسحب كامل الجنود الأجانب من أفغانستان التي أرهقتها المعارك الدامية التي استمرت نحو 20 عامًا، إلا أن الاتفاق لم يلق ترحيبًا من الجارة الغربية إيران، التي حاولت التقليل من شأن الاتفاق، قائلة إنه “ليس له أساس قانوني ووصفته بأنه ستار لتقنين وجود القوات الأمريكية في أفغانستان”.

من الواضح، أن إيران غاضبة من كونها خارج معادلة التفاوض التي تتم داخل أفغانستان، سواء بين الفصائل المتناحرة على السلطة. أو بين طالبان والحكومة والولايات المتحدة الأمريكية.

كذلك، طهران غاضبة من إعلان أمريكا والاتحاد الأوروبي أن أشرف غني هو الفائز في الانتخابات الرئاسية. وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد دعت في الشهر الماضي إلى “تشكيل حكومة شاملة بمشاركة جميع الفصائل والجماعات السياسية في أفغانستان”. وأضافت الخارجية الإيرانية أنه مع تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان “سيتم تمهيد الأرضية في أسرع وقت ممكن لبدء المحادثات بين الفصائل الأفغانية، بمشاركة الجماعات السياسية كافة، بما في ذلك طالبان”.

في ذلك الوقت، لم يكن الموقف الإيراني إزاء نتائج الانتخابات، يرضي الحكومة الأفغانية، خاصة المقربين من أشرف غني، واتهمت وزارة الخارجية الأفغانية، إيران بنظرتها السطحية إلى القضايا الأفغانية. واتخذت روسيا أيضًا موقفًا مماثلا للموقف الإيراني.

مهمة “طاهريان”

قام طاهريان بمهمة متعددة الجوانب خلال زيارته إلى أفغانستان، منها مساعي إيران لمعالجة الوضع الاقتصادي الذي تفاقمت أزمته بعد جائحة كورونا. حيث ناقض طاهريان تسهيل العلاقات التجارية وطرح قضية السكة الحديدية بين الدولتين من أجل تعزيز التبادل التجاري.

كذلك، تأتي زيارة طاهريان بعد زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للمصالحة الأفغانية زلمي خليل زاد إلى الهند الجمعة الماضي؛ من أجل حل الأزمة السياسية في أفغانستان وتشكيل حكومة شاملة، وقد نقل لوزير الخارجية الهندي أن الولايات المتحدة الأمريكية ترحب بدور الهند على مستوى المنطقة والعالم من أجل حل المعضلة الأفغانية. خاصة أن الهند وإيران، كانتا خارج عملية السلام في أفغانستان، وكلتاهما دولة مجاورة وفاعلة في أفغانستان.

وكان القائم بأعمال وزير الخارجية، وهو مستشار الأمن القومي الأفغاني السابق محمد حنيف أتمر، قد أكد قبل أيام أن من بين المشاكل، التي تواجه الحكومة في المصالحة الأفغانية، عدم وجود إجماع على مستوى المنطقة، وأن الحكومة تركز حاليًا على إيجاد تنسيق وإجماع بين دول المنطقة حيال المصالحة الأفغانية.

وتعتبر زيارة زلمي خليل، محاولة أمريكية لكسب تأييد إقليمي لعملية السلام في أفغانستان، وكذلك محاولة لعزل إيران عن القضية الأفغانية. وزيارة طاهريان إلى أفغانستان هي محاولة للتأكيد على الدور الإيراني هناك.

إيجاد موطئ قدم

كذلك، تأتي زيارة طاهريان بعد أسبوع من اتصالات قام بها وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، مع نظيريه التركي مولود جاويش أوغلو والقطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

وترعى الدوحة كبار قادة طالبان ويبدو أن إيران تريد أن تستفيد من هؤلاء، ومن توظيفهم ضمن أجندتها في أفغانستان ظنّا منها أن تريد تحقيق مبدأ التوازن في معركتها مع الولايات المتحدة، خاصة مع علاقتها الوطيدة مع طالبان.

لذلك؛ التقى طاهريان خلال زيارته بـ عبدالله عبدالله المرشح الرئاسي، الذي يتنازع السلطة مع الرئيس أشرف غني زي ونصّب نفسه رئيسًا للبلاد، وهو ما عقّد خطط إبرام تسوية شاملة تضم حركة طالبان. وكذلك التقى مع زعيم حزب الوحدة الإسلامية، محمد محقق، الذي يتقارب مع إيران في ضرورة تشكيل حكومة أفغانية يكون لـ عبدالله عبدالله موقع فيها. وله تصريح سابق قال فيه: “نحاول حل المشكلة التي نشأت بعد الانتخابات عن طريق وساطة وجهود القادة السياسيين الكبار في البلاد، وجهود الدول الصديقة، حتى نهاية الأسبوع المقبل”.

لكن هذا الموقف أثار رد فعل سريعًا من شاه حسين مرتضوي، كبير مستشاري رئيس الجمهورية، على جهود إيران لحل الأزمة الانتخابية بين أشرف غني، وعبد الله عبد الله، حيث كتب شاه حسين مرتضوي، في مقال له: “إن الدولة الجارة تسوّغ لنا وصفة حكومة الشراكة.. إذا كان في هذه الوصفة شفاء فلماذا لم يسوّغها أحمدي نجاد لمير حسين موسوي وكروبي؟” (انتخابات 2009 التي فجرت الثورة الخضراء، بعدما أعلنوا فوز نجاد وخسارة موسوي وكروبي).

الواضح من هذا اللقاء، أن إيران تريد إيجاد أصدقاء في أفغانستان باعتبارها دولة مجاورة، وتريد أن تلعب دورًا في شؤون هذا البلد.

إن تدخل إيران ليس مجرد تغيير مسار الحرب الدائرة بالوكالة بينها وواشنطن، بل تريد التأثير على نتيجة الصراع الأفغاني.

ربما يعجبك أيضا