الحرس الثوري يستغل التصعيد بين واشنطن وطهران للصعود إلى الواجهة

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

استعادت الجبهة الأمريكية الإيرانية الأضواء من وباء كورونا الذي فتك بشريًا واقتصاديًا بإيران والولايات المتحدة. فبعد تحركات استفزازية من الجانب الإيراني، أدت إلى تهديدات متبادلة بين طهران وواشنطن تؤجج التوتر القائم، منذرة بتصعيد جديد، فيما يكابد الخصمان لتطويق تفشي فيروس كورونا على أراضيه؛ تصاعدت لهجة التهديد المتبادل بين البلدين.

فقبل أيام، قال الجيش الأمريكي إن 11 زورقا تابعا للحرس الثوري الإيراني اقتربت بشكل خطير من سفن تابعة للبحرية وحرس السواحل الأمريكيين في الخليج ووصف الواقعة بأنها “خطيرة واستفزازية”.

وحذر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، النظام الإيراني من مغبة استهداف قوات الحرس الثوري للسفن الأمريكية. وقال إنه أمر القوات البحرية بإطلاق النار على أي سفن إيرانية تتحرش بها في البحر، لكنه قال في وقت لاحق إنه لا يغير قواعد الاشتباك العسكري.

وأمس الخميس، هدد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي بتدمير السفن الحربية الأمريكية إذا تعرض أمنها لتهديد في الخليج.

وقال سلامي للتلفزيون الرسمي “أمرت قواتنا البحرية بتدمير أي قوة إرهابية أمريكية في الخليج تهدد أمن السفن العسكرية أو غير العسكرية الإيرانية”، مضيفًا “أمن الخليج جزء من أولويات إيران الاستراتيجية”.

وقال سلامي “أقول للأمريكيين إننا عازمون تمامًا وبمنتهى الجدية على الدفاع عن أمننا الوطني وحدودنا البحرية وسلامة سفننا وقواتنا الأمنية وسنرد بحسم على أي عمل تخريبي”، مضيفًا “لقد اختبر الأمريكيون قوتنا في الماضي ويجب أن يتعلموا من ذلك”.

كما استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، السفير السويسري في طهران الذي يرعى المصالح الأمريكية في البلاد بسبب التوتر الذي نشب مؤخرا بين طهران وواشنطن.

وكتب وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، في تغريدة له على تويتر: إن جيش الولايات المتحدة لديه أكثر من 5000 إصابة بـ”كوفيد19″. وعلى دونالد ترامب أن يهتم باحتياجات هؤلاء، لا أن ينشغل بإطلاق التهديدات التي يؤيدها الإرهابيون الصداميون.

وفي إطار زيادة مستوى التهديد للقوات الأمريكية في المنطقة؛ أكدت “كتائب حزب الله العراق” في بيان لها أمس الخميس، أن جريمة اغتيال قادة النصر من جانب واشنطن “لا يمكن السكوت عليها”. وفي إشارة للضغط الذي تتعرض له حكومة العراق من المليشيات الإيرانية، أعلنت كتائب حزب الله العراق، أن “رئيس جهاز المخابرات والمكلف بتشكيل الحكومة طلب وساطة للقائنا لشرح موقفه بشأن مقتل قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس”.

صعود الحرس الثوري

في خطوة أججت التوتر حول برامج إيران النووية والصاروخية، قال الحرس الثوري الأربعاء الماضي، إنه أطلق بنجاح أول قمر صناعي عسكري للبلاد في مداره. وأثار الإعلان احتجاجات من واشنطن.

وقال الجيش الأمريكي إن تقنيات الصواريخ الباليستية طويلة المدى المستخدمة في وضع الأقمار الصناعية في مدارها يمكن أن تسمح لإيران بإطلاق صواريخ بمدى أطول وربما برؤوس نووية في وقت ما.

واعتبر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن إيران انتهكت قرارات مجلس الأمن الدولي عبر إطلاق قمر اصطناعي عسكري ووعد بأن هذه الخطوة سيكون لها تداعيات.

وينظر المراقبون للتصعيد الإيراني من زاوية إيران الحرس الثوري، لا إيران، التي عرفها العالم قبل أربعة عقود. ويقول فرزين نديمي، هو محلل متخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، “زاد الحرس الثوري سلوكه العدائي في المنطقة المجاورة”، فيما يؤكد مسؤولو استخبارات غربيون ومحللون إيرانيون أن الحرس الثوري يوسع قاعدته ويبسط سيطرته على البلاد.

وفي ذات السياق لفت محللون أمريكيون وأوروبيون إلى أن الدور الجديد للحرس الثوري في الحكم يمكن أن يترك إيران بقوة أكبر في أيدي العناصر المعادية للغرب بشدة، والتي تفضّل استخدام العنف في التعامل مع خصومها.

وحذّرت صحيفة واشنطن بوست من أن الحرس الثوري قد يزداد عدوانية في معركة تعتبر مصيرية له، وذلك من جهتين.

ولطالما كانت قوة الحرس الثوري أقوى من سلطة الحكومة، وهي مستمدة من دعم المرشد الأعلى والحلقات المرتبطة به، ومن المحافظين الذين يراهنون اليوم على الحرس الثوري من أجل الحفاظ على “مبادئ” الثورة الإسلامية.

لكن، يلفت مهدي خلجي، الخبير في الشأن الإيراني، إلى أن إيران قد تكون في خضم تغيير تطوّري. فالنموذج القديم قد شكّل نظامًا ثوريًا إسلاميًا تم إدراجه بموجب مبدأ “ولاية الفقيه”، ولكنّ ذلك يمكن أن يفسح المجال أمام قيام نظام أمني وعسكري خاضع إلى حد كبير لسيطرة تحالف من الفصائل الرئيسية في الحرس الثوري من جهة وحلفاء الحرس المحددين حديثا والمستفيدين منه وعملائه من جهة أخرى.

ربما يعجبك أيضا