كورونا في أوروبا.. خلافات بين الشمال والجنوب ودعوات لخطة مارشال جديدة

مراسلو رؤية

رؤية

لم يستطع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي التوصل لاتفاق حول مساعدة البلدان الأعضاء التي تضرّرت من فيروس كورونا المستجد، في وقت ما تزال فيه الخلافات بين شمال القارة وجنوبها مستمرة؛ حيث أخفق وزراء المالية بالاتحاد الأوروبي في التوصل لاتفاق بعد ليلة طويلة من المباحثات حول خطة إنعاش بعد تفشي فيروس كورونا المستجد.

ويعود سبب الخلاف إلى رفض دول الشمال مشروعًا لدول الجنوب بإجراءات مالية غير مسبوقة في صيغة ديون مشتركة، وكانت قمة رؤساء الدول والحكومات التي خُصصت للأزمة في 26 مارس قد فشلت بدورها في التوصل إلى اتفاق.

وتطالب إيطاليا بإنشاء “أداة” تسمح لدول الاتحاد التي تبنت العملة الموحدة (19 دولة) باللجوء إلى الاقتراض المشترك، على شكل سندات “كورونابوند”. وتدعم هذا الاقتراح إسبانيا وفرنسا واليونان ومالطا ولوكسمبورغ وأيرلندا.

لكن ألمانيا وهولندا يرفضان فكرة قرض مشترك مع دول لها ديون مرتفعة كإيطاليا وإسبانيا، باعتبار أنها متساهلة في إدارة ميزانيتها، وقد صرّح وزير المالية الهولندي فوبكي هوكسترا، الأربعاء، أن “سندات كورونا ستخلق مشاكل أكثر من الحلول”. وتدعم موقف ألمانيا وهولندا كل من الدنمارك والنمسا والسويد ودول البلطيق.

ودعا وزيرا المالية في ألمانيا أولاف شولتس، وفي فرنسا برونو لومير، إلى العمل من أجل التوصل إلى “حل وسط جيد لأجل حلّ المشكلات الصعبة”، بينما دعا وزير مالية إيطاليا روبرتو جولاتيري إلى تسريع العمل وتفعيل اقتراح الاقتراض المشترك، متحدثًا عن أنه وقت المسؤولية المشتركة والقرارات الشجاعة.

وتفضل دول شمال أوروبا التركيز على الأدوات الموجودة للتصدي للصدمة الاقتصادية، خصوصًا آلية الاستقرار الأوروبي المزودة بـ410 مليارات يورو، وهو صندوق تم إنشاؤه عام 2012 لمساعدة الدول على الاقتراض، لكن روما ترى أن هذا الصندوق غير مناسب لمواجهة تداعيات الأزمة.

أوروبا ما تزال الأكثر تضررًا

ومع عدد وفيات بتسعين ألفًا و180 من أصل مليون و47 ألف و279 إصابة تبقى أوروبا القارة الأكثر تضررًا بفيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة 137499 شخصًا في العالم، وتعد إيطاليا (21645 وفاة) وإسبانيا (19130 وفاة) البلدين الأوروبيين الأكثر تضررًا تليهما فرنسا (17167 وفاة) وبريطانيا (12868 وفاة).
وفي العالم تم تسجيل ما لا يقل عن مليونين و83 ألف و551 إصابة، وهو رقم لا يعكس سوى جزء من عددها الحقيقي؛ لأن بعض الدول لا تفحص سوى الحالات الخطيرة.

وتبقى أوروبا القارة الأكثر تأثرًا بالوباء، لكن الولايات المتحدة هي التي تسجل حاليًا أسرع انتشار للمرض مع إحصاء 28326 وفاة من أصل أكثر من 637 ألف إصابة.

وحض فرع أوروبا لمنظمة الصحة العالمية جميع الدول على “عدم التراخي” والتثبت من أن الفيروس تحت السيطرة قبل رفع القيود المفروضة لاحتوائه. وحذر كلوغ من أن الوباء “ما زال يرخي بثقله على المنطقة”، معتبرًا أن “الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لأوروبا”.

“خطة مارشال جديدة”

من جهتها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين: إن التعامل الأوروبي الجمعي مع أزمة فيروس كورونا يعد “الأكثر تأثيرًا في العالم كله”، مشيرة إلى أن أوروبا تمكنت من جمع أكثر من 3 تريليون يورو (26.3 تريليون دولار) حتى الآن.

وأضافت فون دير لاين -في جلسة خاصة عقدها البرلمان الأوروبي اليوم الخميس لبحث استجابة مشتركة من الدول تجاه وباء كورونا- “أوروبا بذلت خلال  الأسابيع الأربعة الأخيرة جهدًا أكثر ممّا بذلته خلال أول أربعة أعوام في الأزمة الأخيرة”. وأشارت إلى أن الإجراءات  التي اتفق عليها وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، وتبلغ قيمتها 500 مليار يورو “تمثل خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح”.

لكن فون دير لاين أوضحت أنه ما تزال هناك حاجة للقيام بالمزيد، مشيرة إلى المطلوب هو وضع “خطة مارشال جديدة”، وذلك باستخدام موازنة الاتحاد الاوروبي للسنوات السبع القادمة من أجل إعداد خطة للتعامل مع الأزمة، وكانت فون دير لاين قد اقترحت قبل عدة أيام إعادة النظر بشكل جذري في ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة من 2021 إلى 2027 والتي يمكن أن تحاكي حزمة الانعاش الهائلة التي وجهتها الولايات المتحدة إلى أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

ربما يعجبك أيضا