الفرص والأولويات.. دور واعد ينتظر مصر بـ”النظام العالمي الجديد بعد كورونا”

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – بدأت الحكومة المصرية، بحث الفرص والأسواق والقطاعات والأنشطة التي سيكون التركيز عليها خلال الفترة المقبلة، من أجل تعظيم الاستفادة من الأوضاع الحالية، في ظل التوقعات الدولية بحدوث تغييرات اقتصادية كبرى في النظام العالمي ما بعد انتهاء أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد.

“ما بعد كورونا”

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أكد أن حكومته بالتعاون مع المجموعة الاقتصادية دأبت خلال الفترة الماضية على التباحث ومناقشة السيناريوهات المحتملة للتعامل مع “عصر ما بعد كورونا”، لاسيما في ضوء المناقشات الجارية حول العالم خلال هذه الآونة والتي تشير إلى ضرورة التعايش مع الفيروس المستجد حتى يتم اكتشاف لقاح أو دواء له.

وأضاف -خلال ندوة تحت عنوان “النظام العالمي الجديد ما بعد كورونا .. الفرص والأولويات”، اليوم الثلاثاء؛ بحضور نخبة من الخبراء المصريين في المجالات السياسية والدولية والاقتصادية والاستثمار وسوق المال، والسياحة والتجارة- أن انتشار “كوفيد 19” كان له تداعيات كبيرة للغاية على الاقتصادين العالمي والمحلي، وأن عدداً كبيرا من القطاعات في مصر تأثرت بشدة مع خسائر ملحوظة في الاقتصاد.

وتابع رئيس الوزراء أن المجموعة الاقتصادية بدأت في دراسة سيناريوهات التعامل مع فيروس كورونا من الناحية الاقتصادية، مشيراً إلى أنه عند مناقشة هذه السيناريوهات، تم الأخذ في الاعتبار كيفية معالجة الأمر داخليا من خلال عدد من الإجراءات، لكن في الوقت ذاته كان من الأهمية بمكان النظر إلى الآلية التي يتعامل بها العالم مع هذه الأزمة، وكيف ينظر إليها خلال المرحلة المقبلة.

“الفرص المتاحة”

وأوضح رئيس الوزراء أن عددا من المؤسسات الدولية الآن بدأت تتحدث أن عصر ما بعد كورونا ربما يشهد تغييرا كبيرا في الكيانات السياسية والاقتصادية العالمية خلال المرحلة المقبلة، وأن هناك أطروحات مفادها أن المرحلة التي ستعقب انتهاء أزمة كورونا مباشرة ستبدأ فيها كل دولة في معالجة المرض وآثاره داخليا مع تشجيع الكيانات الوطنية على التعافي.

وأضاف: “يبدو أن الأزمة تمثل محنة كبيرة، لكن وسط هذه الأزمة ثمة فرص كبيرة لمصر، فقد حان الوقت لأن تتواجد مصر في الأسواق التي لم يسبق لها التواجد فيها”، موضحا أنه سيتم التوافق على ورقة عمل تتضمن عددا من الأفكار القابلة للتنفيذ أخذا في الاعتبار الظروف الاقتصادية المحلية والأوضاع العالمية المتغيرة.

ولفت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد عقد لقاء أو لقاءين أسبوعيا للتوافق حول الأفكار التي سيتم اقتراحها، ذلك سيعقد مؤتمر تحت رئاسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لمناقشة الأفكار، من أجل الخروج بنتائج واضحة ومحددة.

“سيناريوهات الأزمة”

وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد، أشارت إلى أن هناك العديد من التساؤلات حول سيناريوهات ما بعد انتهاء أزمة فيروس “كورونا”، وما يتعلق بالنظام العالمي سواء من الناحية السياسية أو التكتلات الاقتصادية، والاتفاقيات التجارية الدولية، والقطاعات التي سيتم توجيه الاستثمارات لها خلال الفترة المقبلة، منوهة إلى الأهمية التي يحتلها قطاع اللوجيستيات، حيث بلغ حجم الاستثمارات به على مستوى العالم ما يقدر بـ 25 تريليون دولار.

وأكدت وزيرة التعاون الدولي السابقة نجلاء الأهواني، أن التقارير الدولية التي تتعامل مع فيروس كورونا تسير في اتجاهين، الأول هو دراسة التقلبات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية التي ستحدث، والثاني مواجهة التداعيات الاقتصادية سواء على المستوي العالمي أو المستوي المحلي، موضحة أن ازمة التشغيل والمتعطلين ستكون قضية شائكة في المستقبل، حيث إنه وفقا لتقديرات التقارير الدولية فإن حجم المتعطلين على مستوي العالم لن يكون أقل من 200 مليون فرد.

ونوهت أنه يمكن التعامل مع الأمر من خلال مرحلتين، الحالية والمتمثلة في الإجراءات التي يتم اتخاذها حالياً لاحتواء الازمة، إلى جانب المرحلة التالية وهي التعافي ما بعد الأزمة، موضحة أن السياسات المالية والاقتصادية عليها عبء كبير جداً لمحاولة احتواء مشكلة العمالة، لافتة إلى أنه يوجد إجراءات تم تحديدها لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.

وفيما يخص مرحلة التعافي ما بعد الازمة، نوهت وزيرة التعاون الدولي السابقة إلى ضرورة دعم القطاعات الأكثر عرضة للتأثر بالسلب مشيرة إلى أن هناك تجارب ناجحة لعدد من المشروعات التي نجحت في استغلال الازمة الحالية، وقام العاملون بها بالعمل عن بعد من منازلهم.

“ميزة مصرية”

وأشار المشاركون بالندوة إلى أن هناك تغييرا كبيرا كان يحدث في العالم قبل حدوث أزمة فيروس “كورونا”، وخاصة في مجال التطور التكنولوجي، مؤكدين أهمية متابعة حجم التغيرات الداخلية، والتي من شأنها أن تدعم وتقوى دعائم الدولة الأساسية سواء ما يتعلق بالتكنولوجيا أوالاقتصاد.

وذكر المشاركون أن السوق المصري يعتبر من أكبر الاسواق بمنطقة الشرق الأوسط لتنوع المجالات به سواء السياحية والإنتاجية والتجارية أو الاستهلاكية، مشددين على ضرورة وجود نظام صحى شامل، يكون قادرا على مواجهة أي أزمات صحية من الممكن أن تحدث، هذا إلى جانب أهمية التوسع في مجال التعليم عن بعد، والأدوات التكنولوجية الخاصة به، لما لهذا من دور كبير في تقليل الإنفاق على إنشاء مدارس.

وقدم أحد الحضور مقترحاً يتضمن ضرورة استفادة مصر من التغيير الذي يحدث حاليا في سلاسل الإمداد عالميا، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تحول عدد كبير من المصانع من الصين، وفي هذا الصدد ستكون مصر وجهة مناسبة لهذه المصانع وكذا دول أخرى مثل المغرب أو المكسيك.

وأشار الحضور إلى ضرورة الاستفادة من الميزة النسبية التي يحظى بها السوق المصري مقارنة بالأسواق المجاورة، بوجود هيكل تصنيعى أكثر تنوعاً، داعيا إلى أهمية الاتجاه نحو الصناعات التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة، ووضع السلع التي يزداد الطلب العالمي عليها وأن تكون على رأس أولويات عمل الحكومة خلال هذه الفترة، بما يسهم في اتاحة فرص عمل أكثر، إلى جانب نمو حجم الصادرات.

“مصادر تمويل جديدة”

وأكد الحضور ضرورة البحث عن مصادر تمويل أخرى، عقب تأثر قطاعات اقتصادية هامة بأزمة “كورونا”، والسعي لجلب استثمارات أجنبية مباشرة تعمل بشكل مستمر في مصر، والعمل على دراسة ومراجعة كافة المعوقات التي من الممكن أن تواجه ضخ مزيد من تلك الاستثمارات في السوق المصري، للعمل على حلها، لافتين إلى  أهمية زيادة الانفاق الحكومي على صناعة المعلومات والبرمجيات، مع دراسة إتاحة المزيد من التيسيرات في هذا المجال.

وأكدوا على أهمية التواجد المؤسسى والحكومي والمحلي داخل قطاع سوق المال بشكل أكبر، وضرورة الاستفادة من أفكار ومبادرات الشباب في مجال ريادة الأعمال، وتقديم المزيد من الدعم لهم، ملمحين إلى ضرورة ربط ما يتم إتاحته من تيسيرات أو محفزات للشركات والمصانع، باحتفاظ تلك المؤسسات بالعمالة المتواجدة لديها في تلك الفترة، والتركيز خلال هذه الفترة على دعم الصناعة والزراعة المحلية، وإتاحة المزيد من التيسيرات والدعم وزيادرة حجم الاستثمارات بها.

وقدم أحد الحضور مقترحا بشأن العمل على نقل عدد من المصانع المكملة لصناعة السيارات من أوروبا إلى مصر مع تقديم الحوافز اللازمة لذلك مثلما حدث في دول مثل المغرب، حيث يوجد في أوروبا حوالي 350 مصنعا يعمل في هذا المجال، مشيرا إلى إمكانية فتح أسواق تصديرية لمصر في العديد من بلدان العالم، بشرط “مراقبة الجودة” بحيث تكون المنتجات التي سيتم تصديرها مطابقة للمواصفات القياسية.

ربما يعجبك أيضا