هل تستعد طهران لصلح “الحسن” والتفاوض مع واشنطن؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

تزداد وطأة العقوبات الأمريكية وسياسة أقصى ضغط التي تمارسها واشنطن مع طهران، منذ عودة العقوبات الأمريكية بعد خروج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي. وازدادت أزمة العقوبات صعوبة مع تفشي وباء كورونا في إيران، وما تبعها من أزمات إقتصادية في قطاعات التجارة والصناعة وارتفاع مؤشرات الفقر والبطالة في البلاد.

وتقلق طهران من رغبة واشنطن في منع رفع حظر الأسلحة عن إيران في أكتوبر المقبل. ويقول مايك بومبيو: إن الولايات المتحدة تحاول منع إيران من شراء أسلحة من روسيا والصين، مؤكدًا على استخدام الولايات المتحدة لحقها في مجلس الأمن من أجل تمديد حظر الأسلحة على إيران.

يذكر أنه لم يكن لإيران الحق في شراء وبيع السلاح منذ عام 2007. ولكن بموجب الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية الست في عام 2015، والمعروف باسم “برجام”، وقرار مجلس الأمن رقم 2231 بالموافقة على الاتفاق، فقد تم فرض حظر أسلحة على إيران سينتهي يوم 18 أكتوبر من هذا العام. فيما ذكرت الحكومة الأمريكية مرارًا أنها تعتبر رفع الحظر خطأ فادحًا.

استعداد للتفاوض؟

التحركات الإيرانية للتنديد بالعقوبات الأمريكية وخطورة تأثيرها وإعاقتها للقدرة على التصدي لمواجهة فيروس كورونا؛ تُظهر في الحقيقة رغبة طهران في التفاوض والحوار ولكن على أُسس إيرانية. حيث تعامل طهران مع واشنطن لم يشبه أبدًا تعامل كوريا الشمالية التي تأبى الحوار والكلام في الخلاف مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولذللك ترفض طهران الرؤية الأمريكية التي تريد من طهران الانصياع للمطالب الأمريكية دون الدخول غي دائرة النقاش.

والاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مع رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، يوم الثلاثاء 5 مايو/ أيار، يدل على هذه الرغبة في التفاوض؛ لأن اليابان لعبت دور الوساطة من قبل بين طهران وواشنطن. ولأن هذا الإتصال جاء بعقب تصاعد التوترات بين طهران وواشنطن، حول تمديد حظر الأسلحة على إيران، وكذلك التوترات بين القوات البحرية للبلدين في مياه الخليج.

“صلح الحسن”

تزامنًا مع ذكرى ولادة “الإمام الثاني عند الشيعة، الإمام الحسن”، نشر المرشد الإيراني علي خامنئي على “تويتر”، مساء الجمعة 8 مايو/ أيار، جزءًا من خطابه قبل 5 عقود حول “صلح الإمام الحسن”، كان المرشد الإيراني قد استشهد به عام 2013، للسماح بإجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة، وهو ما عبّر عنه في حينه بـ”المرونة البطولية”.

وكتب خامنئي في تغريدته: “أعتقد أن الإمام الحسن المجتبى هو أشجع شخصية في تاريخ الإسلام، حيث قام بالتضحية بنفسه وباسمه بين أصحابه المقربين منه، في سبيل المصلحة الحقيقية، فخضع للصلح، حتى يتمكن من صون الإسلام وحماية القرآن وتوجيه الأجيال القادمة”.

وكان علي خامنئي قد أشار في عام 2014. وفي بداية المفاوضات النووية التي أدت إلى الاتفاق النووي، إلى خطابه عام 1973، والكتاب الذي كتبه عن صلح الإمام الحسن، وأثار سياسة “المرونة البطولية”، قائلا: “إن المرونة ضرورية جدًا في بعض المواقف”.

ومع إثارة سياسة المرونة البطولية للسيد خامنئي، أدت المحادثات النووية إلى اتفاق نووي، يوم 14 يوليو/ تموز 2015، تم بمقتضاه تعليق عقوبات الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن رقم 2231.

بعد هذا التاريخ، لم يعد خامنئي يتحدث عن “المرونة البطولية”، وفي السنوات التالية، كثف أنشطة فيلق القدس التابع للحرس الثوري في المنطقة، ووفقًا لما قاله بعض القادة العسكريين، فقد تم تحويل الإذن بالوجود الاستشاري في سوريا، إلى أمر بالوجود والتدخل المباشر للحرس الثوري في سوريا. وفي يناير/ كانون الثاني 2018، قامت القوات الموالية لخامنئي بقمع الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران بعنف، مما أسفر عن مقتل العشرات واعتقال وسجن الآلاف.

ونتيجة لهذه التطورات، أعلن دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وبدء عقوبات جديدة، وقال خامنئي: إن الأمريكيين إذا مزقوا الاتفاق النووي، فإننا سوف نحرقه.

مؤشرات

وتزامنًا مع تصريحات المرشد الأعلى، خامنئي، بعث وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، قال فيها إن بلاده “على استعداد لإجراء محادثات على أي مستوى لتطبيق الاتفاق النووي”.

ووصف محمد جواد ظريف، في رسالته، التي تم نشرها الجمعة 8 مايو/ أيار، موقف الحكومة الأمريكية من قرار الأمم المتحدة رقم 2231 بأنه “مقلق للغاية”.

كما حذر وزير الخارجية الإيراني من أن موقف الحكومة الأمريكية “يمكن أن يؤدي إلى وضع لا يمكن السيطرة عليه”.

وفي جزء آخر من الرسالة، شدد ظريف على أن إجراءات الحكومة الأمريكية “تنتهك بشكل واضح قرار مجلس الأمن على الاتفاق النووي برقم 2231″، واصفًا انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق بأنه “نهاية مشاركة واشنطن في الاتفاق النووي”.

وفي إطار مؤشرات خفض التصعيد والمرونة مع واشنطن، قال علي ربيعي، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، إن إيران مستعدة للتفاوض مع الولايات المتحدة لتبادل السجناء دون شروط مسبقة.

وفي حديث له مع موقع “الخبر أونلاين”، اليوم الأحد 10 مايو، قال ربيعي: إن الولايات المتحدة لم ترد حتى الآن على دعوتنا بتبادل السجناء.

كما أجرى محمد إبراهيم طاهريان، مبعوث وزير خارجية إيران الخاص إلى أفغانستان، محادثة هاتفية مع المسؤولين في المكتب السياسي لطالبان في قطر. وهو ملف يشغل اهتمام واشنطن التي تريد نجاح هدنتها مع طالبان أفغانستان.

كما أجرى كبير مساعدي وزير الخارجية الايراني في الشؤون السياسية الخاصة علي أصغر خاجي محادثات مع المتحدث باسم حركة أنصار الله في اليمن محمد عبد السلام حول ايجاد حل لازمة اليمن بانه يتم من خلال التوصل الى اتفاق سياسي يقوم على وقف الحرب وإزالة الحصار الجوي والبحري والبري بصورة كاملة واستئناف المفاوضات اليمنية – اليمنية. وهو ملف يشغل اهتمام واشنطن وحلفائها في المنطقة.

ربما يعجبك أيضا