أي دور يتقمصه اليمين المتطرف الأوروبي في أزمة كورونا؟

محمود رشدي
رؤية
تراجع تأثير اليمينيين الشعبويين الذين يستغلون عادة الهجرة والإسلام، بسبب أزمة كورونا وتحدياتها محاولين استرجاع شعبيتهم عبر نشر نظريات المؤامرة، كما تبين نماذج من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
        
قبل تفشي وباء كورونا كانت مواضيع الهجرة واللجوء والإسلام الأوراق “الرابحة” التي يحاول من خلالها اليمين الشعبوي في أوروبا حشد أنصاره واستقطاب أتباع جدد. ومنذ تفشي الوباء وارتفاع عدد الضحايا واتخاذ إجراءات مشددة كالحجر الصحي والإغلاق العام، لم يعد لتلك المواضيع تأثير كبير، وسرعان ما أدرك اليمينيون الشعبويون الأمر وبدأوا في استغلال الوباء المستجد سياسيًا.
معارضة الإجراءات الاحترازية
خلال الأسابيع الماضية شهدت عدد من المدن الألمانية مظاهر تندد بإجراء الإغلاق العام و”تقييد حرية التنقل” و”حرية التعبير”، ورفع المتظاهرون شعارات تتهم الحكومة بـ”المبالغة في تشديد الإجراءات” أو “استغلال الفيروس لقمع الحريات”، أما البعض الآخر فيصفون طريقة التعامل مع الفيروس “بأنها أشد قسوة من الفيروس ذاته”.
وكتبت اليس فايدل، زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب البديل اليميني الشعبوي، على تويتر للتشكيك في الرواية الرسمية حول الوباء. في تغريدة لها وصفت الحجر الصحي “بحجر حرية التعبير”.
يزعم بعض اليمينيين الشعبويين في منشورات لهم أن المهاجرين ينقلون الفيروس، كما تسود وسط آخرين ـ كجماعة “الرايخ” اليمينية المتطرفة ـ نظريات معادية للسامية على خلفية انتشار الفيروس، حيث يرون أن كورونا سلاح كيميائي بيولوجيي.

 وانتقد المجلس الأعلى لليهود في تغريدة على توتير: “استغلال التدابير الخاصة بكورونا بشكل متزايد من قبل أصحاب نظرية المؤامرة واليمينيين الشعبويين للتحريض، ومعاداة السامية وإنكار المحرقة. يجب حمل الأمر محمل الجد”.

تضييق العالم الافتراضي
دفع منع التجمعات والفعاليات في ألمانيا وباقي الدول الأوربية اليمينيين المتطرفين إلى التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي لترويج أفكارهم، لكن تضييق فيسبوك وتوتير الخناق على الأخبار الزائفة وحذفه للتغريدات التي يتم التبليغ عنها، جعل فعالية وسائل التواصل الاجتماعي محدودة.
ويبرر خبراء عودة اليمينيين للتظاهر بمحاولة لتعويض تراجع تأثيرهم على وسائل التواصل الاجتماعي. حوار لها مع إذاعة وتلفزيون وسط ألمانيا (mdr) تفسر الخبيرة الألمانية بيا لامبرتي نجاح أصحاب نظريات المؤامرة في التأثير على المواطنين ودفعهم إلى التظاهر في الشارع بـ”الوضع الفوضوي ومشاعر الخوف السائدين، في وقت لا يعرف فيه المواطنون ماذا يفعلون”.
فرنسا وإيطاليا في الصدارة
في فرنسا التي شهدت وفيات قياسية بسبب الفيروس يحاول اليمين الشعبوي استغلال الوضع لصالحه؛ ففي حوار أجرته إذاعة “فرانس إنفو” مع مارين لوبان زعيمة التجمع الوطني حاولت دعم المشككين في الروايات الرسمية حول الوباء، من خلال الدفاع عن أصحاب نظرية المؤامرة.
وعبرت لوبان التي تنوي الترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية عن موقفها بالقول: “من حق المواطنين أن يتساءلوا إذا كان أصل فيروس كورونا طبيعيا أم أن مصدره من المختبر”، وأضافت بأنه “لا يوجد هناك من يعرف حقيقة ما حدث فعلًا”.  وفي تغريدة لها على موقع تويتر كتبت لوبين “ما لا أستطيع تحمله منذ بداية هذه الأزمة الصحية هو الأكاذيب المتتالية التي يتم إيصالها للفرنسيين بشكل مستمر. هذا الأمر كسر الثقة بين الفرنسيين وقادتهم”.
وفي رد فعل على خطاب لوبان قالت أورور بيرجي ـ المتحدثة باسم حزب الجمهورية إلى الأمام الحاكم ـ نقلا عن صحيفة “لوفيغار”، إن لوبين تريد أن تبعث رسالة للمواطنين الفرنسيين بأن “الحكومة كذبت عليهم وأن فيروس كورونا لا يعدو أن يكون سوى مؤامرة تقف وراءها شركات الأدوية والحكومة”.

وفي إيطاليا اختار اليمين نهجًا مغايرًا بسبب تضامن الناس وبسبب العدد الكبير للوفيات الذي لن يجعل الناس يتحملون تحميل حكومة بلدهم المسؤولية كاملة. فقد استغل زعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني الأزمة لتوجيه سهام النقد للاتحاد الأوروبي متهمًا الأوروبيين بعدم الالتزام بمبدأ التضامن، ومطالبا بمراجعة عضوية بلاده في الاتحاد. واتهم سالفيني في تغريدة له ألمانيا بثني بروكسل عن تقديم دعم مالي أكبر لروما.

ربما يعجبك أيضا