ارتدادات خطط ضم الأغوار .. صيف ساخن يتنظر فلسطين‎

محمد عبد الدايم

كتب – محمد عبد الكريم

مبكرًا اشتد قيظ الصيف في الأرض المحتلة، ليلامس الأربعين مئوية، موجة تشي بـ”صيف ساخن” كما تنبأ رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، بفعل “الارتدادات الخطيرة” التي قد تترتب على تنفيذ خطط ضم الأغوار، والبحر الميت، والمستوطنات إلى كيان الاحتلال، مع بدء حكومة الاحتلال أعمالها.

حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة التي توصف بأنها الأكبر في تاريخ كيان الاحتلال بواقع 34 وزيراً بدأوا من اليمين لينتهوا إلى أقصى اليمين المتطرف، حيث حددوا أهدافهم في خطاب رئيس الوزراء نتنياهو على “محاربة إيران، وضمّ أجزاء واسعة من الضفة المحتلة إلى إسرائيل”، مؤكدا (نتنياهو) “أن الضم لن يبعدنا عن السلام، بل سيجعلنا أقرب إليه”.

موقف رغم كل فجاجته ووقاحته إلا أنه أقله اعترف بوجود الفلسطينيين، على عكس موقف سفير الولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل ديفيد فريدمان، الذي قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة “يسرائيل هيوم”: “إن الدولة الفلسطينية لن تقام في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا عندما يتحول الفلسطينيون إلى كنديين، وعندما يتحولون إلى كنديين، فإن جميع المشاكل ستختفي”، مؤكدًا أيضًا “أنه يتفهم موقف اليمين الإسرائيلي الذي لا يوافق على دولة فلسطينية”.

نتنياهو وضع خطة رديفة لخطة الضم تقوم على رشوة الفلسطينيين بالمال، ومنحهم قرضًا بمبلغ 800 مليون شيكل، وتحويل مستحقات الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة، بقيمة 500 مليون شيكل شهريًا، خلال الأشهر الستة المقبلة، حيث رأى المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، أن نتنياهو سيحاول شراء صمت الفلسطينيين على الضم بالمال.

وكتب: “تبدأ ساعة الضم تدق بسرعة، وتستل إسرائيل المال من جيبها من أجل تليين الجانب الآخر، وباليد الأولى تنفذ الاعتقالات في الليالي من أجل منع اشتعال الوضع بسبب الضم، وباليد الثانية تغذي الاقتصاد الفلسطيني من أجل تهدئة المواطنين (الفلسطينيين)، وهو ما يسميه نتنياهو “سلامًا اقتصاديًا” بإلقاء عضمة للفلسطينيين، توفير نسيج حياة أفضل لهم، الأمر الذي سيخفف الحماسة الأيديولوجية، وتتغلب على حافز الخروج للنضال من أجل غايات سياسية”.

رد الشارع الفلسطيني المتقدم على قيادته وفصائله، لم يتأخر في الرد على نتنياهو الصحيفة المقربة منه، بجملة عمليات مقاومة كان على رأسها، إلقاء حجر على رأس أحد جنود نخبة الاحتلال وقتله في بلدة يعبد شمالي غرب جنين في الثاني عشر من شهر أيار/ مايو الجاري، بينما أصيب 20 صهيونًا، غالبيتهم من الجنود في عمليات أخرى تنوعت بين الدهس والطعن، وإطلاق نار.

ومن أبرز تلك العمليات، عملية الدهس التي نفذها فلسطيني في القدس المحتلة في السادس من شباط/ فبراير والتي تسببت بإصابة 12 جنديًا من لواء “جولاني” وهم في طريقهم إلى حائط البراق، حيث وُصفت جراح أحدهم بالخطيرة واعتقل المنفذ في اليوم التالي.

وفيما يتعلق بعمليات إطلاق النار، وقعت عمليتان؛ الأولى في السادس من شباط عندما فتح فلسطيني من حيفا النار باتجاه عناصر من شرطة الاحتلال على مداخل المسجد الأقصى فأصاب أحدهم بجروح، وذلك قبل استهدافه بالرصاص فاستشهد في المكان، حيث تبين أنه مسيحي اعتنق الإسلام حديثاً.

وفي اليوم ذاته، أطلق فلسطيني النار باتجاه موقع عسكري يقع في الشمال الغربي من مدينة رام الله، ما أدى لإصابة أحد الجنود بجروح، وفي السابع عشر من الشهر ذاته، تم العثور على جثة الفلسطيني المنفذ في منطقة جبلية قريبة من مكان العملية، وإلى جانبه سلاح آلي ومسدس حيث يعتقد بأنه أصيب بنيران الجنود في العملية وبقي ينزف حتى الموت.

وفي الثاني والعشرين من شهر نيسان الماضي نفّذ فلسطيني عملية دهس وطعن على مدخل مستوطنة “معاليه أدوميم” المقامة على أراضي شرقي القدس المحتلة، ما أدى لإصابة جندي بجروح وبتر ساقيه واستشهاد المنفذ بنيران الجنود.

وتتخوّف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من تأثير الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الضفة الغربية المحتلة، من ردّ فعل الشارع على الخطوة الإسرائيلية بضم أجزاء من الضفة، على الوضع الأمني، وفي جلسة تقدير، قال قادة الأجهزة الأمنية “إن هذه الضغوطات قد تؤدي إلى اندلاع انتفاضة تقوّض استقرار حكم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.

وقالت صحيفة “هآرتس”، إن مندوبي الأجهزة الأمنية استعرضوا خلال جلسة مداولات معطيات استندت إلى أرقام دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية ومعلومات استخبارية. وذكر ضباط الاستخبارات، الذين طولبوا بتقدير تبعات ضم المستوطنات، أن العامل الذي دفع الفلسطينيين في السنتين الأخيرتين إلى الاحتجاج كان العامل الاقتصادي، لكنهم امتنعوا عن تصعيد الوضع الأمني حتى عندما تم نقل السفارة “الأمريكية إلى القدس، أو بعد استشهاد عدد كبير من الفلسطينيين في غزة خلال مسيرات العودة، أو عندما أعلن الأسرى إضراباً عن الطعام بشكل واسع.

ووفقاً للصحيفة، رغم أن عدد الإصابات بكورونا في صفوف الفلسطينيين قليل نسبياً (375 إصابة ووفيتان) لكن أضراره اقتصاديًا على السلطة الفلسطينية خطيرة وتثير قلق المسؤولين الأمنيين الذين قالوا إن الهدوء النسبي في الضفة، خلال السنوات الماضية، سببه تحسن وضع الفلسطينيين الاقتصادي، إضافة إلى الواقع الاقتصادي السيّئ الذي سبّبه الإغلاق بسبب الفيروس، فإن تجميد إسرائيل تحويل مخصصات الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، بذريعة الضغط عليها لوقف دفع المخصصات الشهرية للأسرى وعائلات الشهداء، سيزيد من تأزم الوضع الاقتصادي. وبحسب التقديرات، يوجد بيد كيان الاحتلال 720 مليون شيكل من هذه الأموال.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين قولهم إن الدمج بين مخطط الضم ومصاعب السلطة الاقتصادية من شأنه تسريع انفجار عنف في الضفة ضد الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية معاً.

المضمون نفسه كرّره الملك الأردني، عبد الله الثاني، الذي قال في حوار مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية ، إن “القادة الذين يدعون لحل الدولة الواحدة (نتنياهو) لا يعلمون تبعاته. ماذا سيحدث إذا انهارت السلطة الفلسطينية؟ سنشهد مزيداً من الفوضى والتطرّف في المنطقة، وإذا ما ضمّت إسرائيل بالفعل أجزاءً من الضفة في يوليو (تموز)، فإن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع المملكة الأردنية”.

وتابع: “لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيّئ جواً للخلاف والمشاحنات، ولكننا ندرس جميع الخيارات، نحن نتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة لا يجب أن يُطبّق في الشرق الأوسط”.

يشار إلى أن “المحكمة الدستورية” في المملكة أصدرت قبل أيام حكماً بـ”عدم جواز إصدار قانون لإلغاء اتفاقية الغاز المبرمة مع إسرائيل”، لأن ذلك يتعارض مع التزامات كانت المملكة صدّقت عليها بمقتضى قانوني، راهنة القرار بيد الملك حصراً، وهو ما ينزع من عمان ورقة ضغط كان يمكن أن تستثمره شعبياً في حال طبّقت إسرائيل قرار الضمّ.

ويرى المحلل السياسي هاني المصري، أن مخطط الضم هذا، من الخطورة بمكان، لكونه يُدشّن مشروع إسرائيل الكبرى، ويتعامل مع الأراضي الفلسطينية كمناطق “محررة” وجزء من أرض الميعاد، لافتاً إلى أن هذا المخطط سينتج عنه تهجير وتشريد الآلاف من الفلسطينيين، الفرصة الآن، لتنفيذ الضم، مثالية وتاريخية بالنسبة لإسرائيل، المحكومة للأحزاب اليمينية الأكثر تطرفاً.

ربما يعجبك أيضا