خشية تجدد الاحتجاجات بإيران .. دفع تعويضات لضحايا انتفاضة نوفمبر

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يشهد الاقتصاد الإيراني تدهورًا، ترجع معظم أسبابه إلى إعادة فرض العقوبات الأمريكية ردًا على سياسات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة والعالم.

وأدى استشراء الغلاء وصعوبة المعيشة لغالبية الإيرانيين إلى اندلاع احتجاجات واسعة على زيادة سعر البنزين، بدأت الاحتجاجات مساء يوم 15 نوفمبر 2019.

وتواجه طهران ضغوطًا داخلية وخارجية من أجل الإعلان عن عدد القتلى والجرحى وحتى المعتقلين في سجونها زادت مع انتشار فيروس كورونا المستجد في الأشهر الماضية بعد أن أصبحت في مقدمة الدول التي شهدت انتشارًا للوباء في المنطقة.

وطالب جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الجديد في الاتحاد الأوروبي، الحكومة الإيرانية إلى إجراء تحقيقات واضحة وموثوقة في حصيلة القتلى والمعتقلين خلال المظاهرات التي اندلعت منتصف نوفمبر في أكثر من 100 مدينة إيرانية رفضًا لرفع أسعار الوقود بعنف شديد ما أثار  أكبر أزمة تشهدها إيران منذ 1979.

دفع التعويضات

كشفت منظمة العدالة من أجل إيران في تقرير لها تقديم طهران مقترحًا لدفع تعويضات مالية لأسر حوالي 48 شخصًا من ضحايا الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.

وقالت المنظمة إن سلطات النظام الإيراني أخبرت هذه الأسر بأنه يمكن معاملتها مثل “أسر الشهداء”، وبالتالي بإمكانها الحصول على “المزايا المالية وغير المالية التي تتمتع بها أسر الشهداء”.

ووفقًا للسياسات التي أقرها مجلس الأمن القومي في ديسمبر الماضي بعد أن وافق عليها المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي على اعتبار بعض الأشخاص الذين قتلوا في الاضطرابات الأخيرة “ولم يكن لهم دور” فيها “شهداء”.

وعادة يمنح لقب “شهيد” عمومًا للعسكريين الذين يقتلون على جبهات القتال. ويفتح منح هذا اللقب المجال أمام تقديم إعانات مالية لأسر وأبناء القتلى، بالإضافة إلى تسهيلات لحصولهم على عمل أو دخولهم الجامعات.

1500 قتيل

خططت السلطات الإيرانية في السابق للإعلان عن رقم صغير وقابل للتصديق وسط ضغوط داخلية وخارجية تدعو طهران إلى الكشف عن أعداد القتلى والمعتقلين أثناء الاحتجاجات التي عمت المدن الإيرانية في نوفمبر الماضي وواجهتها السلطات بقمع دموي، إلا أن تقريراً لرويترز وضعها في موقف صعب.

حيث كشف تقرير لرويترز في ديسمبر الماضي، أن حصيلة القتلى وصلت إلى 1500 قتيل، وهو رقم يفوق تقديرات منظمات حقوق الإنسان والمعارضة في البلاد، واعتمدت رويترز على مصادر لم تسمها في وزارة الداخلية.

وكانت منظمة العفو الدولية أكدت أن قمع الحركة الاحتجاجية أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.

وهاجم المسؤولون الإيرانييون تقرير رويترز وجميع التقارير التي كشفت عن أرقام القتلى، ووصفها بـ”الأكاذيب”.

وإضافة إلى القتلى، ووفقًا للأرقام اعتقلت السلطات الإيرانية منذ 15 نوفمبر ما لا يقل عن 86 ألف متظاهر من 22 مقاطعة.

وتقول منظمات حقوق الإنسان، بما فيها المتواجدة في إيران، إن معظم المعتقلين في مقاطعتي طهران والبوز يحتجزون في سجن فالهوية المكتظ في جنوب العاصمة دون محاكمة عادلة.

إلقاء اللائمة على الداخلية

كان النائب، علي مطهري قد ذكر سابقًا، في خطابه أمام البرلمان المنتهي أن وزير الداخلية هو الجاني الرئيسي في أحداث نوفمبر، وطالب مطهري بعزل وزير الداخلية، وعلى الرغم من وجود النصاب القانوني لعزله، فإن رئيس البرلمان لم يسمح بهذا الطلب.

أمس ردت وزارة الداخلية ووزيرها عبد الرضا رحماني، على انتقادات مطهري، في رسالة، وهو الأمر الذي اعتبرته الصحف بدعة جديدة. وقال وزير الداخلية في رسالته: “إذا لم يقدم علي مطهري أدلة، فسأقاضيه”.

ونقلت صحيفة “آرمان ملي” تحت عنوان: “تهديد بالتقاضي بدلًا من الشفافية”، عن النائب البرلماني مصطفى كواكبيان قوله: “إن رد وزارة الداخلية على تصريحات مطهري هو بدعة جديدة في البرلمان”.

حسب تقرير صحيفة شرق، ما لا يقل عن 18 محققًا اعتبروا أن الكثير من المسؤولية تقع على عاتق وزير الداخلية في أحداث نوفمبر، وحتى توضحيات الوزير في الجلسات الخاصة جعلتهم أكثر إصرارًا على استيضاحه في البرلمان، ونقل النائب شهاب الدين بي مقدر لصحيفة “شرق” تفاصيل إحدى الجلسات التي أوضح فيها الوزير ونائب رئيس الشرطة أنه كان بإمكانهم منع إراقة الدماء لكنهم لم يفعلوا ذلك.

ولم تقدم صحيفة “شرق” في تقريرها إجابات واضحة عن سبب عدم عزل وزير الداخلية رغم محاولات نواب البرلمان، حيث إن الوزير لم يتم استدعاؤه أبدًا للاستيضاح، أو كما يقول النواب لم يتم السماح بذلك.

ذاكرة لن تُمحى

كتب الخبير في الشأن القانوني، نعمت أحمدي، في افتتاحية صحيفة “آرمان ملي” أن أحداث نوفمبر 2019 لن تُمحى من الذاكرة التاريخية للشعب الإيراني، وكلما تقاعس المسؤولون عن اتخاذ خطوات لتوضيح وإزالة الغموض، سيطرح الرأي العام المزيد من الأسئلة.

ووصف الخبير القانوني زعم وزير الداخلية بتقديم شكوى ضد علي مطهري بأنه غير قانوني، لأنه بموجب المادتين 84 و86 من الدستور، لا يمكن محاكمة نواب البرلمان أو توقيفهم بسبب تصريحاتهم.

وأضاف أحمدي أن أسئلة الرأي العام التي طرحت على وزير الداخلية عديدة، بدءًا من عدد الضحايا إلى معاملة الناجين؛ والآن إذا لم تقدم الحكومة إجابات منطقية للناس  فستبقى هذه الأسئلة في الذاكرة التاريخية للمجتمع.

تجدد الاحتجاجات

في ظل أزمة كورونا وارتفاع الأسعار ومستوى البطالة وعجز توفر بعض السلع الأساسية، فهناك خشية لدى النظام في إيران من تجدد موجة الاحتجاجات على المعيشة والغلاء في البلاد. فقد شهدت مختلف المحافظات الإيرانية، خلال الأيام الماضية، ما لا يقل عن 12 تجمعًا احتجاجيًا نظمه الموظفون، والعمال، والسائقون، والفلاحون، والمتقاعدون، والعمال الذين تم تسريحهم من العمل، وذلك احتجاجًا على عدم تلبية مطالبهم، والفساد الاقتصادي في مختلف المؤسسات الإيرانية.

ربما يعجبك أيضا