عسكري إيراني: الحرس الثوري يسيطر على الإعلام والاقتصاد لصالحه

يوسف بنده

رؤية

يعد الحرس الثوري في إيران جهازاً موازياً للجيش الإيراني. وخلال السنوات الماضية نفى قادة عسكريون وجود خلافات أو تنافس بين الجيش وقوات “الحرس” التي تعد القوة الأساسية، بسبب الدعم المباشر من المرشد الإيراني.

وتربط الجيش والحرس علاقات عبر وزارة الدفاع التابعة للحكومة، والأركان المسلحة التي يختار المرشد الإيراني عادة رئيسها من “الحرس الثوري”.

ومن النادر أن تخرج مواقف تظهر الخلاف بين الحرس والجيش، على لسان قادة عسكريين. ولا يحظى الحرس بالشعبية التي يتمتع بها الجيش في الشارع الإيراني، لأسباب منها عدم التدخل في السياسة.

انتقادات “سياري”

حذفت وكالة أنباء “إرنا” الرسمية، الأحد الماضي 31 مايو/ أيار 2020، انتقادات قائد بالجيش الإيراني للحرس الثوري، بعد ساعات من نشرها، دون توضيح سبب ذلك.

في مقابلة مع الوکالة، انتقد حبيب الله سياري، المساعد المنسق للجيش الإيراني، ضمنيًا، الأنشطة السياسية والاقتصادية للحرس الثوري، مشيراً إلى تجاهل أجهزة الإعلام الإيرانية للجيش.

وقد نشرت وكالة أنباء “إرنا” مقطع فيديو قصيرًا من المقابلة الأسبوع الماضي، بعنوان “ما لم يُسمع عن الجيش من لسان الأدميرال سياري”، غير أن الفيديو الكامل للمقابلة تم حذفه، يوم الأحد 31 مايو (أيار) 2020، دون أي إيضاح، وذلك بعد ساعات من نشره.

لكن بعض المواقع الإيرانية أعادت نشر نحو 14 دقيقة من الفيديو المحذوف.

في المقابلة، انتقد الأدميرال حبيب الله سياري الأنشطة السياسية والاقتصادية للحرس الثوري، قائلاً: “ليس من مصلحة القوات المسلحة التدخل في الأمور الاقتصادية”.

وشدد سياري على أن الجيش وفقاً للمبادئ لا يتدخل في الأنشطة السياسية والاقتصادية، متسائلًا: “هل يعني هذا أننا لا نفهم السياسة؟ هذا ليس صحيحًا. نحن نفهم السياسة جيدًا، فنحن متيقظون ونقوم بتحليل جيد، لكننا لا نتدخل في السياسة؛ لأن التسييس ضرر للقوات المسلحة”.

کما انتقد القائد العسكري تجاهل أجهزة الإعلام الإيرانية للجيش، وضمن ذلك مؤسسة الإذاعة والتلفزيون والأفلام الخاصة، وقال إنه “بعد بث تصريحات خاطئة حول المياه الإقليمية لإيران وتقاعس الجيش، رفعتُ دعوى قضائية، وکتبت رسالة إلى رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، لكن لم يردّ أحد”.

وبحسب سياري، تُبين هذه الحالات أن “شيئًا ما وراء الكواليس، في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون نفسها”.

کان حبيب الله سيّاري قائدًا للقوة البحرية في الجيش الإيراني منذ عام 2008، وقد تمت إقالته من منصبه وتعيينه مساعدًا لمنسّق الجيش بأمر من القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية، علي خامنئي، في نوفمبر 2017.

يشار إلى أنَّ مسألة وجود كثير من التمييز ضد الجيش الإيراني ومنعه من إظهار قوته أمام الحرس الثوري تمت إثارتها عدة مرات من قبل. ويشير أنصار النظام الإيراني إلى أن واجب الجيش هو “الدفاع عن الوطن”، في حين يتمثل واجب الحرس الثوري الإيراني في “الدفاع عن النظام”.

وقد حضر سياري الحرب العراقية الإيرانية وفي الأيام الأولى من الحرب، وفي منطقة عمليّات عبادان-المحمرة، أصيب بجروح إلی حد 70 في المئة.

ما لم يُسمع عن الجيش

يبدأ التسجيل الذي حذفته الوكالة بانتقادات يوجهها سياري إلى تجاهل دور الجيش الإيراني في حرب الخليج الأولى؛ خصوصاً في برامج وثائقية عن الحرب الإيرانية العراقية التي امتدت بين 1980 و1988.

وقال سياري: إن تعليمات الجيش الإيراني “تحظر تصوير أنشطته”، قائلاً: “أي مجموعة من القوى الشعبية، ومن الحرس وقوات التعبئة (الباسيج) في الحرب، كان يرافقها مصور”، مشيراً إلى سلسلة برامج وثائقية عن الحرب أنتجها قسم الدعاية في “الحرس الثوري”.

وعن الغياب الإعلامي للجيش الإيراني، قال سياري: “ما زلنا نعتقد بعدم نقل أي خطوة يقوم بها الجيش إلى وسائل الإعلام”.

وأضاف: “هل تقوم جيوش الدنيا بنقل ما تقوم به على وسائل الإعلام؟ لم يحدث ذلك. لا حاجة لحدوثه. ليس ضرورياً أن يقوم الجيش بإعلان كل خطوة يقوم بها. هل نحن شركة إنتاج ثلاجات أو شركة عقارية، أو صناعة كاميرات؟”، لافتاً إلى أن الأمر يعود إلى أمن البلاد.

ومع ذلك، لمح سياري إلى إمكانية تنشيط مكتب العلاقات العامة وتوسيع أنشطته الإعلامية، إذا ما كان هذا مطلوباً في إيران. وشدد على أهمية “أن يعرف الشباب اليوم أن الأمن مستتب، ومَن يقوم بحماية أمن البلاد”، غير أنه “ليس من الضروري أن أقول لكم انظروا كم أنشط أنا، وماذا صنعت، وكيف تمكنت من الدخول إلى تحت البحار”، محذراً من أن “الأعداء يستفيدون من تلك المعلومات”.

وقال: “نحن قمنا بترويج عادة سيئة، وضعنا أنفسنا في بيئة تنافسية ومقارنات”.

وانتقد وسائل الإعلام لتجاهلها أنشطة الجيش، عندما قال: “إذا ما كان من المقرر النشر في وسائل الإعلام، فلماذا عدم الاهتمام بالجيش مقارنة بالآخرين؟”.

ورداً على سؤال حول غياب الجيش عن الساحة الإعلامية، قال سياري: “ربما أحد أسبابه عدم دخولنا إلى مجال الدعاية، وربما هناك عناصر لا تزال لديها مشكلة مع الجيش”، لافتاً إلى أن قادة الجيش يلمسون ذلك.

ووجه سياري انتقادات لاذعة للتلفزيون الإيراني لبثه تصريحات عن دخول القوات الأمريكية إلى المياه الإيرانية، ووصفها بالمخجلة، مشيراً إلى أنه تقدم بشكوى؛ لكن المحاولات لم تسفر عن نتائج.

وفي جزء من تصريحاته، يسخر سياري من المبالغة في الأفلام السينمائية الإيرانية حول الحرب العراقية، عندما قال: تصنعون أفلاماً تظهر أحدهم يمسك بندقية “جي 3″ بيد واحدة، ويفني فيلقاً من الجيش العراقي في 24 ساعة، إذا كان الأمر كذلك لانتهى أمر 12 فيلقاً عراقياً في 12 يوماً. لماذا خضنا الحرب لثمانية سنوات؟”.

وأشار سياري إلى حوار جرى بينه وبين أحد المخرجين السينمائيين، حول إظهار قائد للجيش في حالة مرتعشة، لافتاً إلى أن ذلك المشهد تسبب في بكائه. كما وجه انتقادات لأفلام سينمائية تظهر إيرانيات يشاركن في الخطوط الأمامية من حرب الخليج الأولى، واعتبرها على نقيض الواقع.

ربما يعجبك أيضا