خبير ألماني لـ”رؤية”: هكذا سيتعافى الاقتصاد العالمي

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

برلين – يرى نائب رئيس الأمانة العامة للاندماج والهجرة بالحزب الاشتراكي الشريك في الحكم بألمانيا حسين خضر، أن  العالم أصبح فجأة وبدون نية  مجبر إلى حد كبير، على  التفكير فيما يسمى “اقتصاد ما بعد النمو”، وذلك  بسبب تداعيات وباء كورونا.

وفي حواره  مع “رؤية” أكد أنه من غير الواضح حاليًا ما إذا كانت الأزمة ستؤدي إلى اقتصاد أكثر صداقة للبيئة أم لا، ولكنه لا ينكر أن هناك اهتزازًا في الدخل القومي للدول، وأوضح  أن التعافي يجب ألا يكون على حساب البيئة ولا بد من  الالتزام باتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية بدرجة ونصف الدرجة المئوية.

ويقول السياسي الألماني من أصل مصري حسين خضر، إنه يموت سنويًا ٧ ملايين شخص بسبب تلوث الهواء، وبسبب الأمراض التنفسية المزمنة وغيرها من الأمراض المتعلقة بتلوث الهواء، ولذلك أصبح الإنسان أكثر عرضة لفيروس كورونا ومخاطره، وبناءً على دراسات، أكثر عدد من الوفيات بكورونا كان بالمدن الأوروبية الأكثر تلوثًا، ألمانيا قللت انبعاثاتها بشكل كبير، ولكن تخوفنا أن يكون ذلك مجرد تغيير لحظي الاتحاد الأوروبي كان من المفترض أن يقوم بعدد من الإجراءات للوصول إلى صفر كبون بحلول منتصف هذا القرن، لكن التخوف انه وبسبب الجائحة سوف يتغير سلم الأولويات.

لماذا تتوقع نموًا اقتصاديًا على حساب الاتفاقيات العالمية الخاصة بالبيئة؟

الاتحاد الأوروبي يريد إنفاق 750 مليار يورو لإعادة بناء الاقتصاد الأوروبي بسبب دواعي وباء كورونا، وتخطط المفوضية الأوروبية لاستثمار هذه الأموال في التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا البيئية، وأضاف ومع ذلك من المستحيل حاليًا تقدير ما إذا كان الاقتصاد الأوروبي سيصبح أكثر صداقة للبيئة حقًا نتيجة لذلك أم لا، وأضاف موضحًا يجب أولاً أن يُظهر ما إذا كان البرنامج له تأثير وما إذا كان الاقتصاد يسير مرة أخرى.

وأكمل حتى قبل تفشي وباء كورونا هناك بالفعل استثمارات كبيرة في التقنيات البيئية، والتي لن تكون بالتأكيد مجهزة بشكل نقدي كما هو مخطط لها، وأكمل الاقتصاد نتيجة لأزمة كورونا تقلص ولم ينم. وهناك توقعات لاهتزاز الدخل القومي لكل الدول، وهو ما سوف يؤثر على الأداء و حياة الشعوب ومن المؤكد أن يكون له دواع سياسية وبيئية سيئة على العالم.

هل ستعود حركة البيع والشراء في أوروبا كما كانت قبل كورونا؟

لا شك أن الأحداث الكبيرة مثل “الحفلات والمؤتمرات والبطولات الرياضية الدولية” ستكون غير قادرة على جذب أكبر عدد ممكن من الجمهور على المدى الطويل، لأن الحساسية تجاه الفيروسات ستبقى، خاصة وأن التعايش مع كورونا لا يعني المعافاة التامة والقضاء على الفيروس، وأضاف هناك مخاوف من التقارب بين الأشخاص، وسوف تستمر  حتى الإعلان عن اكتشاف لقاح أو علاج فعال للسيطرة على هذا الفيروس وبدون ذلك صعب أن تعود الحياة لطبيعتها.

كيف ترى  تأثير فيروس  كورونا على العالم؟

كما تسبب انتشار فيروس كورونا المستجد في الكثير من التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حول العالم. البيئة أيضاً شهدت تغييرات في الفترة الأخيرة، لكنها للأسف لم تكن جميعها إيجابية، ويجب التعامل معها  كقضية تتعلق بالأمن الوطني و الصحي في العالم، وأضاف موضحا هناك تكامل في منظومة العلاقات بين الإنسان والبيئة وعند الإخلال بهذه العلاقة عبر الاستخدام المفرط لعناصرها تكون النتائج  وخيمة،  وتصبح مصدراً  للأوبئة  والأمراض التي تصيب الإنسان وآخرها فيروس كوفيد-19،  وأكد أن الأمر الآن يتطلب من جميع الأنشطة الصناعية والتجارية أن تقدم تقييماً معمقًا للمخاطر البيئية قبل إعطاء الموافقات الرسمية، وذكر بأنه قد أشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى زيادة انتشار الأوبئة الحيوانية على مستوى العالم، وأن % 60 من جميع الأمراض المعدية هي الأمراض حيوانية التي هي مرتبطة بصحة النظم الإيكولوجية.

ومن هنا الأزمة البيئية لا تقل خطرًا عن الأزمة الاقتصادية والمحافظة على البيئة حفاظًا على استمرارية العالم.

ماذا سيحدث عند الانتهاء من جائحة الكورونا ومتى ذلك؟

التوقعات أن الفيروس لن يختفي إلا بوجود لقاح، وهذا يحتاج لأشهر! أمنيتنا أن تكون الفترة الماضية فرصة للدول والأفراد لتقييم علاقتهم مع البيئة، وأن تكون هذه فرصة للتخطيط المستدام المبني على الاقتصاد الأخضر لما بعد الجائحة، وأن لا نرجع كسابق عهدنا!.

كيف سيكون رد الفعل بعد أزمة كورونا الاقتصادية؟

 وقف النمو  لم يكن ناتجًا عن إخفاقات السوق كما هو الحال في الأزمات الاقتصادية الأخرى، ولذلك سنرى ظواهر سياسية سيئة بسبب الضغوط الاجتماعية والإفلاس والبطالة، وفي المقابل تتحول الضغوط الاقتصادية إلى الخوف وانعدام الأمن وإلى رغبة  ملحة في العمل على النمو الاقتصادي السريع  من أجل العودة مرة أخرى والقدرة على العيش بشكل صحيح، وأضاف لذلك  يمكن للشركات متوسطة الحجم التي تديرها بعض العائلات في مختلف الدول على وجه الخصوص التركيز بشكل أكبر على جوانب استدامة مستقبلية، وأكمل ويمكن للشركات زيادة حقوق الملكية والاحتياطيات لتصبح أقل عرضة للأزمات. وهذا سيمكن الشركات من التكيف بشكل أفضل مع عالم ذي مخاطر أعلى، على سبيل المثال من الأوبئة المستقبلية.

وبالنسبة للدول؟

يمكن للدول متابعة دوافع مماثلة، لا بد أن الدول ستبرز أكثر كممثل وتنظم المزيد وتتخذ المزيد من الإجراءات لجعل الاقتصاد أكثر مرونة في مواجهة الأزمات. يمكن للبلدان، على سبيل المثال، نقل إنتاج الأدوية إلى بلدها من خلال الحوافز حتى وإن كان أكثر تكلفة ولكنه يوفر المزيد من الأمان.

كيف ترى تعامل الدول في إدارة الأزمة؟

لقد أظهرت الأزمة مدى قوة الدول الحقيقية قبل وباء كورونا مثل تعامل مصر واستعدادها مع بداية الأزمة، وأيضًا ألمانيا وبعض الدول العربية والعالمية، وهو إنجاز قوي خفف العديد من المصاعب الاجتماعية.

ما المطلوب من المجتمع الدولي الأن؟

يجب أن نرى تعامل جديد مع الازمة وما إذا كانت توفر أيضًا مجالًا لمزيد من التحسينات المختلفة، خاصة في مجال البيئة  هذا يعني تطوير إطار لبناء اقتصاد عالمي صناعي ومالي من طراز جديد يحافظ على غنى وتنوع الطبيعة والبيئة واعتماد الأسس العضوية لتعزيز القطاع الزراعي والحيواني وتقليص استخدام الأسمدة الكيمياوية ومبيدات الحشرات وتعويضها بأسمدة عضوية والقضاء على الأفات بطرق صديقة للبيئة، ومزيد من الجهود لتمكين قدرات الطبيعة على إعادة التوازن البيئي خاصة مع تزايد مخاطر الاحتباس الحراري والتغير المناخي وتزايد انبعاثات الكربون وبالاستفادة من البيئة ذاتها، وأيضًا إدارة مستدامة للحياة الوحشية من حيوانات ونباتات في المحميات الطبيعية والغابات ومنع الصيد الجائر والتجارة غير القانونية بالحيوانات أو بعض إجزائها، وأكد أن التنمية الاقتصادية يجب أن تشمل كافة المجالات الزراعية والتجارية والصناعية ولكن بطرق تحافظ على البيئة.

ربما يعجبك أيضا