بعد الاحتجاجات العارمة.. هل أوروبا على موعد مع موجة جديدة من إصابات كورونا؟

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

على الرغم من انتشار فيروس كورونا، أشعل مقتل الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد على شرطي أمريكي أبيض، في ولاية منيسوتا الأمريكية، الاحتجاجات في مناطق عدة من دول العالم، تنديدا بالعنصرية.

واندفع المتظاهرون بشكل عفوي إلى الشوارع والساحات والميادين العامة متناسين أن العالم يعيش وسط جائحة فيروس كورونا، دون الحفاظ على التباعد الاجتماعي، في حين كان بعضهم لا يرتدي الكمامات والأقنعة الوقائية، وخاصة في الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا.

أمريكا

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن الاحتجاجات الحاشدة ضد وحشية الشرطة الأمريكية، والتي أخرجت آلاف الأشخاص من منازلهم إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد تثير شبح تفشى جديد لكورونا، مما دفع القادة السياسيين والآباء وخبراء الصحة العامة إلى التحذير من أن الحشود يمكن أن تتسبب في زيادة الحالات، خاصة وأن أمريكا من أكثر الدول تضررا جراء كورونا، بعد تسجيل أكثر من 100 ألف حالة وفاة.

وحث القادة السياسيين المتظاهرين على ارتداء أقعنة الوجه والحفاظ على التباعد الاجتماعي لحماية أنفسهم ومنع المزيد من الانتشار المجتمعي للفيروس.

وأغلقت المظاهرات في لوس أنجلوس، مراكز اختبار كورونا يوم السبت، وحذر عمدة المدينة إريك جارسيتى من أن الاحتجاجات يمكن أن تصبح أحداثا فائقة الانتشار، فى إشارة إلى أنواع من التجمعات، والتي عادة ما تعقد فى جلسات داخلية، والتي يمكن أن تؤدي إلى انفجار للعدوى الثانوية.

بريطانيا

وشهدت المملكة المتحدة عددا من المظاهرات ضد العنصرية التي انضم لها الآلاف في لندن ومانشستر وكارديف وليستر وشيفيلد. حيث استمرت الاحتجاجات على الرغم من أن المسؤولين حذروا من التجمعات بسبب فيروس كورونا، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية في لندن.

ونصحت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل بالبُعد الاجتماعي قائلة “من أجل سلامتنا جميعاً”، في حين قالت مفوضة الشرطة إن الاحتجاجات “غير قانونية”.

وارتدى آلاف الأشخاص أقنعة الوجه والقفازات، وحمل البعض لافتات تشير إلى كورونا بما في ذلك واحد كتب عليه: “هناك فيروس أكبر من Covid-19 ويطلق عليه العنصرية”.

ألمانيا

وحذر عدد من علماء الفيروسات الألمان، من خطورة موجة التظاهرات الحالية في ألمانيا ومعظم أنحاء العالم للاحتجاج ضد العنصرية.

وغرد ينس شبان وزير الصحة الألماني، عبر حسابه الرسمي على تويتر قائلاً: “مكافحة العنصرية تحتاج إلى التزامنا المشترك، ومشهد الحشود وسط الوباء يصيبني بالخوف الشديد حتى عندما يتعلق الأمر بأهداف مهمة، ولذلك كن على مسافة، وارتد القناع لحماية نفسك وحماية الآخرين”.

وبحسب تقارير إعلامية، فرغم مشروعية هذه التظاهرات وأغراضها النبيلة، فإنها تشكل خطراً كارثياً في زمن كورونا، لأنها يمكن أن تحدث ما يطلق عليه “تجمعات الانتشار الخارق”.

وتساءل تقرير لموقع مجلة “دير شبيغل” الألماني عن مدى خطورة هذه المظاهرات، خاصة أن قوات الشرطة تطلق نداءات بمراعاة التباعد الاجتماعي والالتزام بالكمامات، ولكن الأمر على أرض الواقع يعد صعباً للغاية، لأن الميادين ممتلئة بالكامل في باريس، وروما، وميونيخ، وبرلين، وغيرها.

وأكد التقرير أن أوروبا بدأت مؤخراً في تخفيف إجراءات الوقاية من كورونا بشكل تدريجي، وأنها لا تحتمل موجة ثانية عنيفة من الفيروس يمكن أن تسببها هذه التظاهرات.

وأكد عالم الفيروسات جوناث شميت تشاناسيت، بمعهد برنهارد نوشت للطب في هامبورغ لموقع “دير شبيغل”، أن الأمر يمثل معضلة كبيرة لأنه من جهة هذا احتجاج مبرر يريد كثير من الناس دعمه، ولكنه من ناحية أخرى فإن الفيروس يلعب في إيدي الجماهير خاصة عندما يقتربون من بعضهم بعضاً.

وأشار إلى أن عدم وجود تجمعات كبيرة كان أحد أهم الأسباب التي حاصرت كورونا في أوروبا، ولكن بهذه المظاهرات فإن الخطورة كبيرة للغاية، وأن القول بأنه في الفضاء الخارجي يمكن التحكم في الإصابات أكثر من الأماكن المغلقة يعد أمراً غير دقيق، لأنه بسبب مباريات كرة القدم ومظاهرات يوم المرأة العالمي 8 مارس الماضي في العاصمة الإسبانية مدريد، انتشر الوباء بقوة في البلاد بعدها.

الدنمارك

حث الاشتراكيون الديمقراطيون، الحزب الحاكم في الدنمارك، لإجراء اختبار للكشف عن كورونا لآلاف من المتظاهرين الذين يعيشون وسط احتجاجات الداعمة لـ “حياة السود أهم” ممن غمروا شوارع كوبنهاجن، وسط مخاوف من أن المظاهرات قد تؤدي إلى تفشي فيروس كوفيد 19 وزيادة حادة في الحالات.

وأعرب ألان راندروب تومسن، أستاذ علم الفيروسات في جامعة كوبنهاجن، عن قلقه بشأن الأرقام التي تتجمع قبل المظاهرات.

وقال لـ محطة TV2 التلفزيونية: “إذا نظرت إليها حصريًا أصبت بالعدوى من النظرات الى تلك الحشود، فهذه مشكلة”. مضيفا “هذا هو بالضبط نوع الموقف الذي تفضل تجنبه لوقف انتشار الوباء مرة أخرى”.

بلجيكا

في السياق نفسه، حذّر علماء الفيروسات، من احتمال ارتفاع إصابات كورونا بالبلاد، عقب احتجاجات شهدتها العاصمة بروكسل، على مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد على يد الشرطة بالولايات المتحدة.

وأشار علماء الفيروسات إلى أنه يمكن السماح بتنظيم الاحتجاجات إن كان عدد المشاركين قليلا؛ إلا أن تجمع الآلاف قد يزيد من سرعة الانتشار ويؤدي إلى زيادة خطيرة في عدد الحالات.

ختاما، تثير المظاهرات في زمن الكورونا العديد من الأسئلة، فهل ستكون أوروبا على موعد مع موجة جديدة من الفيروس، ولماذا يضرب فيروس كورونا مناطق دون أخرى رغم الازدحام والخروج العفوي للمتظاهرين، وهل تخفف الأماكن المفتوحة والهواء الطلق وعدم مخالطة المرضى وارتداء الكمامات من حدة انتشار الفيروس؟

ربما يعجبك أيضا