بين الاستغلال السياسي وتصدي الإفتاء المصرية.. فتح القسطنطينية بريء من “الخليفة”

حسام السبكي

حسام السبكي

من جديد، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الطامح لاستعادة أمجاد أجداده العثمانيين، كما يزعم، لإثارة الجدل، بشأن حدث تاريخي إسلامي، بحثًا عن بطولة أخرى، على ما يبدو، وربما تخفيفًا من حدة الانتقادات الداخلية والإقليمية والدولية، بشأن ملف حقوق الإنسان أو الشأن الاقتصادي، وحتى تدخلاته في الأزمة الليبية، وقبلها في سوريا والعراق أيضًا، أو تشتيتًا للمطالبات بإنهاء سطوته وحزبه على البلاد، وأيضًا للتغطية على الفشل المتراكم لـ”العدالة والتنمية”، الذي كُلل في السنوات الأخيرة بخسائر سياسية، وصل إلى حد الانشقاقات الداخلية بالحزب الحاكم، وانتكاسات انتخابية.

“فتح القسطنينية”، الفصل الجديد من مسرحية “البطولة الزائفة” لـ”الخليفة المستجد”، إلا أن الإفتاء المصرية كانت له بالمرصاد، وردت في أكثر مناسبة، على ادعاءات وأكاذيب “الزعيم المنكوب”.

تملق أردوغان

تفاصيل الواقعة، تعود إلى نهاية مايو الماضي، حيث ظهر أردوغان، وكما اعتاد، “حريصًا على الموروثات الإسلامية”، التي يجد فيه “مطية” لتنفيذ مبتغاه، وسيفًا على رقاب خصومه ومعارضيه، حيث تطرق “الخليفة” إلى فتح القسطنطينية في ذكراها الـ567.

وفي كلمته، قال أردوغان إنه “في الذكرى 600 لفتح إسطنبول التي توافق عام 2053، سنترك لشبابنا بلاد تليق بعظمة أجدادهم وبالسلطان محمد الفاتح”.

وجد أردوغان ضالته إذن، في إلصاق نفسه أو حتى بلاده بـ”الجد محمد الفتاح”، وهي وسيلته الجديدة، لتسيس الأحداث التاريخية الإسلامية، و”مادة دسمة” يتغذى عليها، وأعوانه، من أجل إنجاح مخططاتهم الاستعمارية في المنطقة وحتى في الداخل التركي.

بعد اللعب على ورقة “عودة الصلوات إلى المساجد”، من أجل مكاسب سياسية جوفاء، وخلق “زعامة ورقية”، وإنقاذًا لشعبيته السياسية الآخذة في الانهيار يومًا بعد يوم، ومع فشل متوالي، على غرار حليفته أمريكا، في ملف “جائحة كورونا”، التي كان نصيب تركيا منها، حتى كتابة تلك السطور، المركز الـ11، وفق موقع “وورلد ميتر”، المتخصص في إحصائيات “كوفيد-19″، بأكثر من 171 ألف مصاب، وما يزيد عن 4 آلاف حالة وفاة، علاوة على وضع اقتصادي لا تحسد عليه تركيا، كان لا بد من تدخل ديني رفيع لوقف “الاستغلال السياسي” من قبل واحدة من أبرز المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، وهي دار الإفتاء المصرية.

استياء الإفتاء المصرية

“لا صله بينه وبين هذا الفتح والنصر الكبير”، بهذه العبارة اختتمت دار الإفتاء المصرية، بيانها القوي ردًا على “افتراءات أردوغان”.

الإفتاء المصرية قالت في بيانها، أمس الإثنين، أنه “بالوثائق والمؤشرات والأدلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواصل استخدام سلاح الفتاوي لتثبيت استبداده في الداخل باسم الدين، وتبرير أطماعه في الخارج باسم الخلافة المزعومة”.

وأضافات المؤسسة الدينية الكبرى في مصر: “أما ما يتعلق بـ”فتح القسطنطينية”، فهو فتح إسلامي عظيم بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، وتم على يد السلطان العثماني الصوفي العظيم “محمد الفاتح”، أما أردوغان فلا صلة له بـ”محمد الفاتح”.

وعبر موقعها الرسمي، وبعنوان “أردوغان يواصل استخدام سلاح الفتاوى لتثبيت استبداده في الداخل وتبرير أطماعه الاستعمارية بالخارج”، نشرت دار الإفتاء المصرية، من خلال المؤشر العالمي للفتوى، بيانًا مرفقًا بـ إنفوجرافيك، حول نماذج من الفتاوى التي استغلها الرئيس التركي مرارًا وتكرارًا فقط لتثبيت دعائم حكمه.

وقالت الدار في بيانها: “استمرارًا لما نشره المؤشر العالمي للفتوى في فبراير الماضي حول استغلال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخطاب الديني وسلاح الفتاوى لتثبيت أركان حكمه في الداخل التركي وإبراز مطامعه السياسية في الخارج، أكد المؤشر، التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، استمرار أردوغان في استخدام هذا السلاح حتى الآن.. وقد خلص مؤشر الإفتاء في هذا الإطار إلى عدة نتائج كان أهمها:

• (92%) من الخطاب الديني والفتاوى بالداخل التركي ترسخ لديكتاتورية أردوغان.

• الرئيس التركي يوظف المساجد للحصول على تأييد كتل انتخابية جديدة بعد تهاوي شعبيته.

• تحويل متحف “كنيسة” آيا صوفيا إلى مسجد يأتي لتهدئة الطائفة المتدينة من الشعب التركي.

• فتاوى أردوغانية: كل معارضي النظام التركي “كفار” و”أعداء الإسلام”.

• مستغلًّا الخطاب الديني.. أردوغان يهدف لتحقيق استقرار داخلي وانتصار على خصومه السياسيين بعد تفشي وباء كورونا والبطالة والفقر وإنهاك جيشه في صراعات خارجية.

• دعاة أردوغان بالخارج يستخدمون سلاح الفتاوى بنسبة (50%) في ليبيا و(15%) في مصر و(15%) في سوريا و(10%) في السودان و(10%) في اليمن.

• إخوان مصر يتمنون انهيار الاقتصاد المصري ويدعمون الليرة التركية.

• إخواني مصري: “لو سقطت الليرة التركية سيسقط الإسلام وستُغتصب زوجتك أمام عينيك”.

• فتاوى تكفيرية إخوانية لخدمة أغراض أردوغان وأطماعه في ليبيا وسوريا واليمن.

• مشروع أردوغان التوسعي في تركيا والمنطقة يقوم به مرتزقة وكيانات إسلامية مسلحة.

• مسؤولون أتراك متورِّطون مع أحد أعضاء تنظيم القاعدة في تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى ليبيا.

للاطلاع على البيان كاملًا من هنا

ربما يعجبك أيضا