بعد استبدال عقوبة حبسها بـ”مركز حماية المرأة” بمصر.. قصة فتاة “التيك توك” منة عبدالعزيز

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

أصدر النائب العام المصري المستشار حمادة قرارًا جديدًا بشأن المتهمة آية -فتاة “التيك توك”- المعروفة باسم “منة عبدالعزيز”، باستبدال عقوبة الحبس، وإيداعها أحد مراكز مشروع وزارة التضامن الاجتماعي الخاصة بـ”استضافة وحماية المرأة المُعَنَّفة”.

وقالت النيابة العامة المصرية، في بيان، أمس الثلاثاء، إن المُتهمة، واسمها الحقيقي آية، قبلت استبدال الحبس بالبقاء في مركز الحماية باعتباره موطنًا وسكنًا لها، نتيجة عدم وجود محل إقامة ثابت لديها.

القرار حظى بإشادة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وصف بـ”الإنساني”، فضلًا عن تعامل النيابة المصرية مع القضية من البداية بكل احترام وتقدير، فما قصة هذة الفتاة وكيف تعامل النائب العام معها منذ البداية؟

تعامل النيابة المصرية

قبل أيام، أمرت النيابة العامة المصرية بحبس المتهمة آية، وشهرتها “منة عبدالعزيز” وستة آخرين أربعة أيام على ذمة التحقيق في القضية المعروفة إعلاميا بواقعة اغتصاب فتاة “تيك توك”.

وانتدبت النيابة العامة الطبيب الشرعي للكشف على المتهمة المذكورة لمعرفة كيفية حدوث إصاباتها ومدى وقوع تعد جنسي عليها.

ضحية لظروف اجتماعية قاسية

آثرت النيابة العامة عدم الإفصاح عن تفاصيل الوقائع التي أقر بها المتهمون في التحقيقات، لما فيها من واقع أليم رأت تقديم ستره على الإعلان عنه، إلا أنها أوضحت أن “إقراراتهم قد تواترت لتؤكد أن المتهمة المذكورة وإن ارتكبت جرائم تستاهل عقابها، إلا أنها على حداثة عمرها وعدم بلوغ رشدها قد دفعتها ظروف اجتماعية قاسية تعرضت لها، من فقد المأوى والأهل، والسعي لتوفير سبل المعيشة، إلى الوقوع في فخاخ ارتكاب تلك الجرائم”.

وتابعت النيابة العامة أن هذه الظروف دفعت المتهمة “إلى حياة بالغة الخطورة جمعتها بباقي المتهمين الذين جنوا عليها، فمنهم من واقعها كرها عنها -وهي لم تبلغ سنها ثماني عشرة سنة- ومنهم من هتك عرضها بالقوة والتهديد، وسرقها بالإكراه، وضربها وأحدث إصاباتها، وأنها لم تكن لتُعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن صلحها مع أحد الجانين عليها والسكوت عن الآخرين على استياء منها”، إلا تحت تأثير ضغط مارسه ذوو هذا الجاني عليها “وإغرائها بهدايا على حداثة عمرها لاسترضائها ودفعها للإعلان عن هذا الصلح على خلاف رغبتها”.

ولفتت النيابة العامة إلى المخاطر التي تسللت، بحسب تعبيرها، إلى الشباب المصري “عبر منافذ إلكترونية وحدود سيبرانية لا تحظى بأي نوع من الرقابة تحت شعارات مزيفة نادت -كذبا وزورا- بحرية التعبير والإبداع، فخلقت فتنة صورت الباطل حقا في أعينهم، وطمعتهم في شهرة زائفة ونجاح لا فلاح فيه، ودفعتهم -أطفالا وشبابا- إلى الانخراط في حياة غارقة في الإباحية الجنسية، وتعاطي المخدرات والإدمان عليها، والسعي غير المشروع لكسب المال، بل وسرقته واختلاسه”.



استبدال عقوبة الحبس بـ”مركز حماية المرأة المعنفة”

قبل ساعات، أمر النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، باستبدال الحبس الاحتياطي لآية، المعروفة باسم منة عبدالعزيز، الشهيرة بـ”فتاة تيك توك”، وإيداعها أحد مراكز مشروع وزارة التضامن الاجتماعي الخاصة بـ”استضافة وحماية المرأة المُعَنَّفة”.

وقالت النيابة العامة المصرية: إن المُتهمة، قبلت استبدال الحبس بالبقاء في مركز الحماية باعتباره موطنًا وسكنًا لها، نتيجة لعدم وجود محل إقامة ثابت لديها.

وفي بيانها، قالت النيابة المصرية إنها كانت قد كلفت، بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للمرأة، ببحث حالة المتهمة الاجتماعية والنفسية وعرض نتائج البحث والتوصيات على النيابة.

إعادة تأهيلها نفسيًا واجتماعيًا

وأوضحت النيابة أنه تبين معاناتها من اضطراب انفعالي ونفسي، بسبب تعرضها لأزمات اجتماعية قاسية مُنذ صغرها حرمتها من عاطفة الأسرة والأهل، وأثَّرت في سلوكها العام، حسب البيان.

وأضافت النيابة أن الفتاة المتهمة سعت إلى “الظهور وتحقيق الشهرة بأي وسيلة عوضًا عما لقيته من أزمات، فانخدعت بشهرة حققتها في بيئة افتراضية خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي أسلمتها إلى أصدقاء سوء استغلوها مع سهولة انقيادها وعدم رجاحتها وتسامحها في حقوقها، وطمعها فيما عرضوه عليها من هدايا وسُبل لإعاشتها، فوقعت ضحيةً لهم”.

وأشارت النيابة المصرية إلى أن الفتاة تعرضت لـ”صدمة نفسية واضطرابات” على أثر التعدي عليها (جنسيًا) بالواقعة محل التحقيق.

وأرجعت النيابة قرار إيداع الفتاة أحد مراكز حماية المرأة المُعنفة إلى المساعدة في “تأهيلها نفسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا لإصلاحها وإعادة الثقة في نفسها وتصحيح مفاهيمها والتوفيق بينها وبين ذويها، وإعادة دمجها بالمجتمع، واستكمال دراستها أو تدريبها على مهارات تتيح لها فرصة عمل سوية، أو مصدرا حسنا لإعاشتها”.

وفي وقت سابق، طالبت مؤسسات حقوقية مصرية، بالإفراج عن الفتاة وإسقاط التهم الموجهة لها والتعامل معها كضحية ناجية من الاغتصاب، وتقديم الدعم في إنفاذ القانون ومعاقبة المعتدين عليها، ووجهت مناشدة للمجلس القومي للمرأة بدعم آية وتقديم الدعم النفسي والعملي لها كونها ضحية ناجية من العنف الجنسي والبدني والنفسي.

الأمور كانت تسير طبيعية، حيث كانت منة عبدالعزيز -17 عامًا- تمتلك حسابًا على موقع “تيك توك” الشهير، ولها العديد من المتابعين والمتابعات، إلا أنها نشرت صورا وفيديوهات توثق تعرضها لاعتداء جنسي بعد استدراجها من قبل أصدقائها.

ظهرت في الفيديو منة وعلى وجهها علامات تشير إلى تعرضها للضرب والعنف، واعتبرت الأمر “قضية رأي عام”، وطالبت بدعمها حتى تسترد حقها من مغتصبها، لا سيما بعد إجبارها على التصوير في أوضاع مخلة بالآداب، “على حد قولها”.

تضامن رواد مواقع التواصل الاجتماعي

لم تمر دقائق على نشر منة الفيديوهات، وتصدر هاشتاج “حق منة فين” مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بحقها ومحاسبة المتورطين في هذا الحادث، لا سيما أن منة كشفت عن هويتهم، حيث أشارت في أحد الفيديوهات أن شابا يدعى مازن إبراهيم اتفق مع صديقة لها وهددوها بسلاح أبيض واغتصبوها بالإكراه”.

وكانت منه قد أكدت في فيديوهاتها أن الأمر كان بالمؤامرة مع رفقائها من الفتيات وأنها كانت تحت تهديد السلاح، مطالبة بحقها وأنها “قضية رأي عام”.

لم يصمت مازن على اتهام منة له، فرد هو الآخر بفيديو وصور تجمعهما معًا، مكذبًا روايتها ومشيرًا إلى تخلي أهلها عنها لسلوكها وأنها مريضة نفسيا، وطلبت منه بعض المال، ثم نشر كل منهما فيديو يكذبان أنفسهما وأن ما حدث كان سوء تفاهم ولحظة انهيار.

بعد ساعات من تضامن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ألقت أجهزة الأمن في الجيزة، القبض على منة عبدالعزيز، وأوضحت مصادر قضائية أن الفتاة سيجرى سؤالها في التحقيقات باعتبارها متهمة ومجنيا عليها في ذات الوقت.

التهم الموجه إليها

واجهت فتاة الـ”تيك توك”، اتهامًا بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتحريض على الفسق، والاعتداء على قيم المجتمع المصري.

كما طلبت النيابة تحريات مباحث شرطة الآداب عن الفتاة، كما طلبت عرض الفيديوهات المتداولة للفتاة ووقائع اغتصابها على الجهات الفنية المختصة بوزارة الداخلية للتأكد من عدم إدخال مونتاج عليها أو تعديلات.

ربما يعجبك أيضا