من أجل المساواة.. صرخة نساء سويسرا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

هدى اسماعيل

كتب – هدى إسماعيل

لا تزال الفجوة في الأجور بين الجنسين أمرا بعيدا عن التغيير في المستقبل القريب في معظم بلدان العالم، ومن غير المتوقع أن تنتزع النساء المساواة مع الرجال في الأجر، قبل حلول عام 2277، بحسب ما جاء في “تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2020”، الذي قام بقياس الفجوة بين الجنسين من 153 دولة في مجال الاقتصاد والسياسة والتعليم والصحة.

ووفقا للتقرير السنوي الصادر عن منظمة العمل الدولية حول الأجور العالمية لعامي 2018 و2019، فإن المرأة على الصعيد العالمي تتقاضى أجرا يقل بنسبة 20% تقريبا عما يتقاضاه الرجل.

إضراب النساء

شاركت نساء في صراخ جماعي لمدة دقيقة في جميع أنحاء سويسرا خلال احتجاج عام، طالبن خلاله بمعاملة متساوية وإنهاء العنف على أيدي الرجال.

وفي العام الماضي، نظم نصف مليون شخص مسيرة لتسليط الضوء على سجل سويسرا السيئ فيما يتعلق بحقوق المرأة، لكن مسيرة هذا العام التي أطلق عليها المنظمون اسم “إضراب النساء” كانت أكثر قيودا بسبب الجائحة.

وتتمتع سويسرا بجودة حياة عالية، ولكنها تتخلف عن الدول المتقدمة الأخرى فيما يتعلق بأجور النساء والمساواة في مكان العمل.

وتحصل النساء على أجور أقل من الرجال بما يقرب من الخمس، وهو أفضل مما كانت عليه قبل 30 عاما، عندما كانت تحصل على أقل من الثلث تقريبا، لكن أجور النساء الآن أسوأ مما كانت عليه في عام 2000، وفقا للبيانات الحكومية.

وصرخ آلاف المتظاهرين في جنيف والمدن السويسرية الأخرى لمدة دقيقة في الساعة 3:24 مساء، وهو التوقيت اليومي الذي تبدأ فيه المرأة العمل دون أجر، من الناحية الفنية، نظرا لوجود فجوة في الأجور.

كما نظم المحتجون تجمعا سريعا ثم وقفوا دقيقة صمت حدادا على النساء اللاتي قتلهن الأزواج أو الأصدقاء.

وشجب المتظاهرون العنف ضد النساء ودعوا إلى الاعتراف بعملهن بدون أجر في رعاية أفراد العائلة والأقارب.

نساء اسطنبول

في مارس الماضي منعت السلطات التركية تنظيم مسيرة نسوية ليلية دأبت العديد من المنظمات النسائية على تنظيمها منذ 18 عامًا بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة.

واحتشد آلاف النساء بمدينة اسطنبول التركية، للتأكيد على حقهن في العيش بحرية ومساواة، ورفضهن لما يمارس ضدهن من عنف.

جاءت الوقفة تحت عنوان “نحن النسوة متمردات حتى نحصل على المساواة وحياة حرة”، وتم تنظيم الوقفة تلبية لدعوة وجهتها “منصة 8 مارس النسوية”، حيث حرصت السيدات المشاركات على ارتداء ملابس ذات ألوان عدة، كما حملن في أيديهن لافتات تؤكد مطالبهن في حياة كريمة بلا عنف.

ورددت السيدات هتافات مناهضة للعنف، والحرب، وعدم المساواة، وللهجوم على حقوقهن المكتسبة، وشددن على أنهن “سيواصلن تمردهن حتى الحصول على المساواة والحياة الحرة”.

ومن ضمن العبارات التي كتبت بالتركية والكردية على اللافتات التي حملتها النساء: “نحن نصر على السلام”، “نريد مساواة في الأجور مع الرجال”، “فلترتفع الأجور لا الفواتير”، و”قوتنا في اتحادنا”.

ومن بين الهتافات التي رددتها المشاركات بالوقفة “يحيا التضامن النسوي”، و”متمردات من أجل من قتلن من النساء”، و”المرأة من حقها حياة كريمة”.

المحتجات أكدن كذلك أنهن أكثر المتضررين في البلاد جرّاء الأزمة الاقتصادية الراهنة، مضيفات في البيان: “لا تجد المرأة فرصة للعمل في مثل هذه الظروف، وإن عملت تأخذ أقل راتب، وإن كانت هناك نية لفصل أحد تكون النساء أول من تتم التضحية بهن”.

وتابع البيان: “نحن ضد الأعباء التي تحملها لنا الأزمة الاقتصادية، وضد النظام السياسي الذي يصر على تبني سياسات الحرب بدلًا من العمل على الحد من الجرائم التي ترتكب ضد النساء، هذه مطالبنا ولن نتقاعس عن المطالبة بها في كل مناسبة”.

وأردف: “نساء متمردات حتى نحصل على المساواة، وحياة حرة، هذا ردنا على من يؤججون العنف ضد المرأة، ومن يبرئون ساحة قتلة النساء، ومن يعلنون الحرب على حساب النساء والأطفال، ومن يتسببون في أزمات اقتصادية تحكم علينا بالبطالة والفقر”.

وكشف تقرير للمعارضة التركية، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أن 15 ألفا و557 سيدة قتلت في البلاد خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي امتدت من 2002 حتى 2020.

وأوضح التقرير الذي حمل عنوان “انتهاكات حقوق المرأة بتركيا بين عامي 2002-2020″، أن 474 سيدة قتلن في عام 2019، و27 في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، و22 في فبراير/شباط الماضي.

تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر الماضي، حذّر المجلس الأوروبي السلطات التركية من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، مطالباً باتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الأكثر فاعلية، بهدف مكافحة الظاهرة.

وقال تقرير صادر عن المجلس آنذاك: “نشعر بقلق بالغ حيال استمرار الآراء النمطية التقييدية داخل المجتمع التركي، لا سيما على المستوى السياسي الرفيع والشعبي، إذ تستهدف المرأة وتشجع على تعنيفها”.

وألقى مسؤولية تلك الجرائم “على المسؤولين الحكوميين الذين يقفون مكتوفي الأيدي دون فعالية في حماية المرأة التي تتعرض للعنف، ويتسامحون في تلك الموضوعات”.

نتحمل المسؤولية

ندد أنطونيو جوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بتصاعد أعمال العنف ضد المرأة خلال فترة تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم وطالب الحكومات والمجتمعات باتخاذ الاجراءات اللازمة لحل هذه الأزمة، حيث غرد أنطونيو على حسابه الرسمي بموقع “تويتر” قائلا: ” يتصاعد العنف ضد النساء والفتيات خلال أزمة COVID19، نتحمل جميعًا مسؤولية اتخاذ إجراءات ضد جائحة الظل هذا”.

وأكد أنطونيو جوتيريس، أن انتشار فيروس كورونا المستجد تسبب في معاناة انسانية واقتصادية كبيرة حول العالم، قائلا: “يتسبب COVID19 في معاناة إنسانية هائلة ومصاعب اقتصادية حول العالم. نحن بحاجة إلى وحدة وتضامن أقوى بكثير إذا أردنا أن نتغلب على هذا الوباء العالمي معا وأن نبني مستقبلا أكثر أمنا واستقرارا”.

العزل العنيف

كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول العنف الأسري، ضد الإناث عموما، أن نحو 243 مليون امرأة وفتاة تعرضن لأشكال من العنف الأسري والتحرش الجنسي والإساءة خلال الشهور الاثني عشر الماضية.

وأوضح التقرير أن هذه الأشكال من العنف تضاعفت منذ بداية تفشي فيروس كورونا الجديد، وبدء الدول بتطبيق إجراءات الإغلاق والحجر الصحي المنزلي، خصوصا منذ منتصف شهر مارس الماضي.

ووفقا لتقرير الأمم المتحدة حول العنف الأسري بعد تفشي فيروس كورونا، فقد سجلت زيادة كبيرة هذا النوع من العنف في العديد من الدول.

ويبدو أن سبب ذلك يعود في الأساس إلى زيادة القلق والتوتر الناجم عن فقدان الأمن الوظيفي والاجتماعي والصحي، بالإضافة إلى خسارة الوظائف والأعمال بعد اتخاذ تدابير وإجراءات الإغلاق لمكافحة تفشي الوباء.

الجدير بالذكر أن عدد من فقدوا وظائفهم في الولايات المتحدة بلغ نحو 22 مليون شخص، فيما ارتفع عدد العاطلين عن العمل في إسبانيا إلى نحو 3.9 مليون شخص، وهو رقم قريب من العديد من الدول الأوروبية.

ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى تسجيل زيادة كبيرة في الشكاوى من العنف الأسري وطلب الحماية، خلال فترة الإغلاق، في كندا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.

ففي فرنسا، بلغت نسبة الزيادة في العنف الأسرى، منذ بدء إجراءات الإغلاق في 17 مارس، 30%.

أما في الأرجنتين، فقد بلغت الزيادة في شكاوى العنف المنزلي منذ بدء إجراءات الإغلاق في 20 مارس، حوالي 25%.

وفي قبرص وسنغافورة ارتفعت شكاوى العنف الأسري بنسبة 30 و33%على التوالي.

ربما يعجبك أيضا