بولتون يكشف المستور.. رئيس “غريب الأطوار” داخل البيت الأبيض

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

كشفت تسريبات كتاب مستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض جون بولتون، والذي ينتظر أن ينشر الثلاثاء، تفاصيل مثيرة، من داخل البيت الأبيض.

ووجه كتاب بولتون “من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض”، انتقادات غير مسبوقة لـ”ترامب”، إذ لم تركز هذه الانتقادات على السياسة الخارجية الأمريكية في مجملها، وإنما على سلوك ترامب، وما اعتبره بولتون جهله بهذه السياسة.

ويضم الكتاب 570 صفحة، ويتحدث بولتون في أولى صفحاته عن الجناح الغربي (West Wing) بالبيت الأبيض، والذي يضم مكاتب كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية.

ووصف بولتون “ترامب بأنه غريب الأطوار دائمًا ولم يصدق أنه في منصب الرئيس خلال الأشهر الأولى بعد فوزه، وبعد ذلك أصبح أكثر ثقة في نفسه، لكنه لا يستطيع أن يعطي صورة شاملة للإدارة الحالية، لأن التغيير يبقى ممكنا”.

وأشار بولتون إلى أن ترامب يحب أن يحيط نفسه بالمسؤولين الذين لا يبدون معارضة لآرائه، كما أنه يعتقد أنه يمكنه إدارة البيت الأبيض، من خلال علاقاته الشخصية مع الزعماء الأجانب، وكذلك حبه للظهور بوسائل الإعلام، مبديًا معارضته لهذا النهج.

ترامب ساذج

“ترامب ساذج، ونادرًا ما يقرأ، ويحصل على إحاطات إعلامية مرة أو مرتين أسبوعيًا”، هكذا وصف مستشار الأمن القومي السابق، ترامب في مقابلة مع شبكة “ABC” الأمريكية.

وفي حديثه قال جون بولتون، إن التهديد من كوريا الشمالية اليوم أكبر من أي وقت مضى، لأنه ليس هناك شك على الإطلاق في أن عمل كوريا الشمالية مُستمرة في برامجها النووية والصاروخية، ووصفها “بأنها واحدة من أكثر المجتمعات سرية على وجه الأرض”.

وأضاف بولتون “لا أعتقد أن بيونج يانج أبطأت قليلا خلال هذين العامين من المفاوضات، وتستمر كوريا الشمالية وإيران وغيرها من قدرات الدولة المارقة في التقدم”.

وانتقد بولتون التواصل الذي قام به ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، قائلا “الفكرة القائلة بأن – مجرد التملق والثناء على هذا الديكتاتور الوحشي ستقنعه بأنه يمكن عقد صفقة مع ترامب، في اعتقادي، كانت فكرة ساذجة وخطيرة على حد سواء”.

يضيف “أعتقد أن الزعيم الكوري الشمالي “يهزأ” من مفهوم ترامب لعلاقة الصداقة بينهما، وحين سألته الصحافية مارثا راداتز ما إذا كان ترامب “يعتقد فعليًا أن كيم جونغ أون يكن له الود” رد بولتون أن ليس هناك أي تفسير آخر.

ولفت إلى أن الرسائل التي عرضها ترامب على الصحافة، كتبها موظف رسمي في مكتب الدعاية التابع لحزب العمال الكوري الشمالي، ورغم ذلك، عرضها ترامب كدليل على عمق صداقتهما”، مضيفا “الصداقة لا ترقى إلى مستوى الدبلوماسية الدولية”.

وأشار إلى أن ترامب “نادرًا ما يقرأ الكثير، مضيفًا “الرئيس يجب أن يحصل على إحاطات إعلامية يومية، لكن ترامب كان يحصل عليها مرة أو مرتين أسبوعيًا… إنه أمر غير معتاد للغاية، ولا أعتقد أنه صالح للمنصب”.

خفايا ترامب

وأظهرت تسريبات كتاب بولتون، خفايا مشاعر الرئيس الأمريكي تجاه قادة الدول الأخرى، حيث ذكر الكتاب، الأجواء المتوترة بين الرئيس ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو في 2018.

وفي ظل استمرار شكاوى رئيس الوزراء الكندي من الجمارك التي فرضها ترامب على البضائع، قرر ترامب الانسحاب من اتفاقية مجموعة السبع التي روج لها ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ووفقا لكتاب بولتون، طلب ترامب من المسؤولين الحكوميين، الهجوم على ترودو، خلال المقابلات التلفزيونية التي يظهرون بها، قائلا: “فقط هاجموا ترودو، لا تقلقوا بشأن الآخرين، وأشر إلى أن ترامب لم يحب ترودو وماكرون قط، لكنه تحملهم، بينما عارضهم وتحداهم خلال الاجتماعات الدولية بداعي المزاح الممزوج بالجدية.

يقول بولتون” أتوقع أنهم فهموا ما كان يفعله ترامب، وهم تماشوا معه لأنه ليس من مصلحتهم أن يكونوا على خلاف مع رئيس الولايات المتحدة”.

وبين صفحات كتابه الجديد  ينتقل بولتون من كندا إلى روسيا، حيث تحدث حول نظرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ترامب، قائلا: “بوتين لا يرى ترامب “خصمًا خطيرًا”، كما يعتقد أنه قادر على تحريك ترامب كما لو كان يعزف كَمان، لا أعتقد أنه قلق بشأنه”.

وأشار بولتون إلى أنه فوجئ كيف كان ترامب حريصًا على مقابلة بوتين والمستبدين الآخرين، مضيفا: “أعتقد أنه كان هناك نفس الانبهار الذي رأيناه بالتحدث مع زعيم مثل بوتين، فيما يتعلق بالرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون. كان من الصعب شرح ذلك”.

وذكر بولتون أن علاقته بترامب تمتد لمرحلة ما قبل توليه منصبه، مشيرا إلى أنه اجتمع بترامب قبل الانتخابات، وتحدث معه حول الأفكار التي يمكن أن يدلي بها، قائلا: “ترامب قال لي في اجتماع سابق إنه يتفق معه في مواقفه حول مختلف القضايا”.

وأشار بولتون إلى أحد النقاشات بشأن بعض القضايا الخارجية، قائلا: “كنا في البيت الأبيض للحديث عن الملف الإيراني والاتفاق الذي وقعته الإدارة الأمريكية السابقة، لكن ترامب حينها تحدث كثيرًا عن كيفية إقالة وزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون، وأخبره أنه يريد أن يكون إلى جانبه هنا في البيت الأبيض، لكن من الصعب الحصول على موافقة الكونجرس على تثبيته في هذا المنصب”.

واستقر الأمر على تعيين بولتون في منصب مستشار الأمن القومي، وهو منصب لا يلزم الرئيس بالتوجه للكونجرس من أجل الحصول على موافقته، كما شارك في هذه النقاشات جون كيلي، الذي كان يشغل منصب كبير موظفي البيت الأبيض، قبل إقالته.

وفي الصفحة  الـ 30 من الكتاب يشير بولتون إلى أنه ظل وفيًا لأفكاره باستعمال القوة العسكرية من أجل حل الخلافات مع الدول التي تعارض السياسات الخارجية الأمريكية اقترح على الرئيس إمكانية القيام بقصف صاروخي استباقي ضد كوريا الشمالية، لوضع حد لبرنامجها النووي.

وأشار إلى أن ترامب سأله حول حظوظ الولايات المتحدة في حسم حرب محتملة مع كوريا الشمالية، فكانت إجابته بأن ذلك يعود أيضا لمدى وقوف الصين إلى جانب كوريا الشمالية في هذه الحرب.

وبشأن الأزمة السورية، قال بولتون “كنت مطلعًا على المفاوضات مع تركيا وبريطانيا وفرنسا في 2018، إذ شبه الرئيس التركي بالديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني، وبدا وكأنه يتجنب أي التزام بالانضمام إلى الخطط الأمريكية لضرب سوريا، لكنه قال إنه سيتحدث إلى بوتين قريبا”.

وبعد الضربات الأمريكية لسوريا سنة 2018، قال بولتون إنه اقترح على ترامب خلال زيارة لهما إلى ولاية فلوريدا، فرض عقوبات إضافية على سوريا، لكن الرئيس الأمريكي لم يكن مقتنعًا بجدوى هذه العقوبات.

وحول الملف النووي الإيراني، قال بولتون إنه كان من أكثر المدافعين عن الانسحاب من الاتفاق النووي، حيث تمثل إيران تهديدا كبيرا أعظم من كوريا الشمالية، وأن تقدمها في برنامجها النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية، ألهم دولا أخرى في الشرق الأوسط.

وانتقد بولتون الطريقة التي يعتمدها ترامب خلال هذه المحادثات، وأيضا التصريحات التي كانت ترد على لسانه، لافتا إلى بعض جوانب من المفاوضات التي كان يجريها ترامب مع زعماء دول أجنبية، خصوصا الصين وروسيا وتركيا.

وبحسب مستشار الأمن القومي السابق، طلب ترامب من نظيره الصيني تشي جي بين، خلال قمة الدول العشرين 2019، مساعدته في الانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال اقتناء الصين منتجات من الولايات المتحدة، ما سيزيد من شعبية ترامب في أوساط المزارعين الأمريكيين خلال المعركة الانتخابية المقبلة.

ترامب ينفي

ونفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صحة ما ورد من تسريبات الكتاب، ووصف الحكم القضائي الصادر الذي سمح بنشر الكتاب بـ”الانتصار”، بالنظر إلى أنه انتقد بولتون على تضمن الكتاب لعدد من المعلومات السرية ما قد يعرضه للمتابعة القضائية.

وحاولت إدارة ترامب وقف نشر كتاب بولتون لكن قاضيًا أمريكيًا رفض ذلك، قائلا إن الآوان قد فات لإصدار أمر بتقييد نشره، وكتب القاضي في القرار “في حين يثير السلوك الأحادي لبولتون مخاوف كبرى على صعيد الأمن القومي، لم تتمكن الحكومة من إثبات أن المنع القضائي هو الحل المناسب”.

ربما يعجبك أيضا