بالأمل والدعم.. كوريا الجنوبية تحارب “كوفيد19” بأبهى الحملات التوعوية

أميرة رضا

رؤية – أميرة رضا

رغم أن البلاد لم تشهد إقفالًا إلزاميًا كاملًا لمواطنيها، كما حدث في كثير من الدول لمكافحة وباء “كوفيد19″، لكن لا تزال الغالبية العظمى من أفراد الشعب الكوري الجنوبي يتعاملون بحرص شديد، ويرتدون أقنعتهم للفرار من العدوى، وبين هذا وذاك فالجميع يأمل في العودة الكاملة إلى الحياة الطبيعة، ولكن بحذر.

المشهد في سيول قد تناقض مع صورة الدول الأخرى، منذ بداية الأزمة، حيث بدت المدن الكبرى مثل مدن الأشباح، فالحكومات أغلقت الأبواب في وجه السكان، وبعضها فرض قيودًا صارمة على التجمعات والحركة.

إجراءات كثيرة اتبعتها الدول، كل دولة بما يناسبها كما هو شائع في المثل الشعبي “كل شيخ وله طريقته”، وكان من بينهم كوريا الجنوبية التي احتلت المرتبة الثانية عالميًا على مستوى الإصابات منذ بداية الأزمة.

ووفقا لأحد التقارير الصادرة عن وكالة “بلومبرج”، فقد واجهت كوريا الجنوبية العدو الذي أربك العالم بخطى ثابتة، فانزاحت عن قائمة الدول الأكثر تضررًا بفيروس كورونا لتحول ترتيبها من الثانية عالميًا إلى واحدة من أقل الدول الآسيوية تسجيلًا لحالات الإصابة، على مدار الشهور السابقة.

وصلت كوريا الجنوبية إلى هذا الرقم بفضل استراتيجية استثنائية، فمن نقاط القوة التي استطاعت عبرها تسطيح منحى الوباء في البلاد، الاختبارات واسعة النطاق أينما وليت وجهك.

وفي تقرير لكلية الطب بجامعة سيول الوطنية، قال أحد الأطباء، وهو يدعى كيم يون: “قمنا بعمل جيد جدًا في مجال الوقاية، وهو العثور على المرضى واتخاذ إجراءات الحجر الصحي، بفضل خبرتنا السابقة في تفشي فيروس سابق عام 2015”.

كما اعتمدت سيول إجراء تتبع ومراقبة بشكل مكثف لأي شخص مصاب بالفيروس ومخالطيه، بطرق ربما يراها البعض خرقًا للبيانات الشخصية وانتهاكًا للخصوصية، إلا أنها أتت أكلها، ونجحت في إعادة عجلة الحياة إلى طبيعتها.

وعي الشعب.. بارقة الأمل

رغم كل هذه الإجراءات التي انتهجتها سيول للفرار من الأزمة، إلا أنها اتبعت طريقًا مختلفًا في الإغلاق، ففي وقت اختارت فيه الكثير من الحكومات حجر وعزل شعوبها بشكل كامل، توجهت كوريا الجنوبية إلى الإغلاق الجزئي، الذي شمل الأماكن العامة كالمدارس والكنائس والصالات الرياضية، بينما أبقت المصانع والمراكز العامة مفتوحة في وجه السكان.

وفي الوقت الذي راهنت فيه الدولة على وعي الشعب، كجزء من حل الأزمة وليس كأساس، استُبدلت بعض الإجراءات الحكومية بمجموعة من إرشادات النظافة للأفراد والجماعات، وكلها غير إلزامية، من أجل الحفاظ على احتياطات “كوفيد 19”.

واستؤنف العمل في العديد من المرافق العامة، وافتُتح المتحف الوطني الكوري والمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، وسُمح بدخول الزوار الذين قاموا بالحجز مقدمًا.

وتأكد موظفو المتحف من أن جميع الزوار يرتدون أقنعة ويحافظون على مسافة مترين من بعضهم البعض أثناء التجول لرؤية المعروضات.
كما سُمح بفتح المتنزهات الخارجية وملاعب كرة القدم وملاعب التنس.

وكشفت الإدارات المحلية عن خططها الخاصة بفترة “حملة ما بعد التباعد الاجتماعي”.

وفي العاصمة سيول، استؤنف العمل جزئيًا في متحف سيول للتاريخ، ومتحف سيول، ومركز سيجونج للفنون المسرحية، مع السماح لعدد محدود من الزوار بالدخول.

وسمحت مكتبة سيول العامة للأعضاء باستعارة الكتب عن طريق الحجز عبر الإنترنت، واعتبارًا من 26 مايو، سيتم السماح للأشخاص بدخول المكتبة لتصفح الكتب.

وقالت حكومة المدينة إنها تقبل الآن طلبات التجمع في ساحة سيول بلازا وميدان غوانغهوامون، بعدما تم حظر التجمعات في المكانين بشكل صارم خلال فترة التباعد الاجتماعي.

الحملات التوعوية في أبهى صورها 

ومع كل ذلك، حذرت الحكومة المواطنين من التهاون في الإجراءات الاحترازية، مع إنهاء حملة التباعد الاجتماعي الجزئية التي فرضتها البلاد.

ولكن بالأمل والدعم تواصل كوريا الجنوبية تكثيف حملات الدعم والتوعية على أن تقدمها للشعب في أبهى صورها.

وكانت آخر هذه الحملات التوعوية، تلك التي أضاءت سماء العاصمة سيول في عرض لافت لمئات الطائرات المسيرة بهدف رفع المعنويات وتوجيه رسائل توعية في وقت يواجه العالم جائحة كوفيد-19.

وبرمجت 300 من هذه الطائرات المسيرة لتشكيل صور فوق نهر (هان) الذي يعبر العاصمة الكورية الجنوبية، في عرض يخطف الأنفاس.

وبدأ العرض برسائل تذكر المواطنين بإجراءات احترازية أساسية منها وضع الكمامات وغسل اليدين والإبقاء على مسافة مترين مع الآخرين.

وشكلت الطائرات صورًا لكمامة محاطة بجزئيات فيروس كورونا، لتتحول بعد ذلك بسرعة إلى يدين مع قطرات ماء على خلفية السماء المظلمة.

واستمر العرض 10 دقائق، وانتقل إلى كتابة رسائل شكر للطواقم الطبية الواقفة في الصفوف الأمامية لمحاربة الجائحة، فضلًا عن الشعب الكوري الجنوبي لجهوده الجماعية في هذا المجال.

وكتبت الطائرات من دون طيار “شكرا لكم” إلى جانب قلب ومن ثم شكلت خريطة شبه الجزيرة الكورية مع رسالة تشجيع إلى المواطنين.

ولم تعلن سلطات سيول سلفًا عن العرض الذي نظمته تجنبًا لحصول تجمعات، في خطوة لافته لضمان عدم تفشي العدوى.

ربما يعجبك أيضا