لبنان.. “محور إيران” يواصل استهداف الرموز السنية التي تعارضه

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

“محور إيران” في لبنان هو تحالف بقيادة مليشيا حزب الله اللبنانية يضم أحزابًا لبنانية من كافة الطوائف، وما يهم هذا المحور هو الهيمنة على كافة مفاصل الدولة اللبنانية، وهذا المحور نفسه يستهدف كل من يقف أمامه فكما استهدف المفتي السابق بسام الطراس والشيخ سالم الرافعي ومن قبلهم داعي الإسلام الشهال وأحمد الأسير وخالد حبلص وغيرهم العشرات من السنة، فإنه استهدف كذلك مراجع شيعية كالشيخ صبحي الطفيلي وعلي الأمين ومحمد علي الحسيني.

وأمام الثورة المشتعلة في لبنان، وفشل محور إيران في إدارة الدولة اللبنانية في إيجاد حلول اقتصادية لانهيار الليرة اللبنانية والعقوبات الدولية، فإن محور إيران في لبنان استمر بشكل فج في استهداف معارضيه، وعمل على إسكات كل الأصوات التي تنتقد سياسات الحزب.

قبل أيام اعتقال ناشطة سياسية لبنانية تدعى كيندا الخطيب اشتهرت بهجومها على سياسات الحزب الموالي لإيران خصوصا مشاركة جناحه العسكري في قتال الشعب السوري منذ 2011م، وبعدها عبر المحكمة العسكرية (يقول السنة في لبنان إنها ذراع للحزب) قامت باستدعاء كبار علماء السنة في لبنان، ومنهم المفتي السابق بسام الطراس والشيخ سالم الرفاعي، وهو ما أثار استهجان ليس فقط الطائفة السنية وقيادتها في لبنان ولكن كل الطوائف.

المحامي الدولي الدكتور طارق شندب، رأى أن قانون الإرهاب في لبنان يطبق على معارضي مليشيا حزب الله من السنة فقط وسط سكوت روؤساء الحكومات منذ عام ٢٠٠٥ وحتى هذه اللحظة بشكل يدل على قبولهم بذلك مما جعل السنة في لبنان مواطنين درجة ثانية.

بسام الطراس

وأمام الغضب الشعبي في لبنان، قرّرت المحكمة العسكرية إخلاء سبيل الشيخ بسام ‏الطراس، والتقى وفد من هيئة علماء المسلمين في صيدا الشيخ سليم أنيس سوسان حيث تركز اللقاء حول قضية الإجراءات المجحفة، والتصرفات الغريبة، المثيرة للجدل والشك التي تقوم بها المحكمة العسكرية.

وأكد وفد الهيئة- الذي تقدمه نائب رئيس الهيئة في لبنان فضيلة الشيخ خالد عارفي، ورئيس مكتبها في صيدا، فضيلة الشيخ علي السبع أعين- على خطورة استدعاء رمزين من رموز العلم والدعوة في لبنان الشيخ الدكتور سالم الرافعي، والشيخ الدكتور بسام طراس، معتبرين الحكم على الشيخ الطراس واستدعاء الشيخ الرافعي يهدد السلم الأهلي، ومرفوض شكلا ومضمونًا، المفتي الشيخ سليم سوسان، أكد كذلك أن مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان ودار الفتوى،  يعملون على حل المعضلة، وإغلاق هذه الملفات، معتبرين بأن دار الفتوى حريصة على كرامة ومكانة العلماء، حرصها على سلامة البلد.

سالم الرافعي

الشيخ البارز والرئيس السابق لهيئة علماء المسلمين في لبنان، هاجم في الأسابيع الماضية بشكل قوي محور إيران في لبنان، حيث قال على سبيل المثال لا الحصر: “نحن الآن نتعرض لحصار اقتصادي في لبنان، ولكن من السبب؟، حزب إيران (حزب الله اللبناني) نهب ثروات لبنان وحمى اللصوص والفاسدين الذين نهبوا الدولة، وهذا الحزب لم يقاتل إلا المسلمين الأبرياء في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وسلاح هذا الحزب هو الذي حمى الفاسدين في الحكم”، وأضاف سالم الرافعي: “قلنا لا يجوز قتال الجيش اللبناني، وأكدنا أن “حزب الله” يريد أن يصطدم الشباب السني والجيش اللبناني ليستريح من الطرفين، وحتى الشيخ أحمد الأسير هناك طرف ثالث أطلق النار على شباب صيدا وعناصر الجيش، وللأسف يريدون محاسبة أهل السنة فقط لأنهم مستضعفون”.

وأضاف الرافعي: رفضت الذهاب للمحكمة العسكرية، فهذا القضاء ظالم ويكيل بمكيالين، فعندما فجر مسجدنا (التقوى) هذا ومسجد السلام، بأمر مخابرات الأسد وتنفيذ شباب من جبل محسن، الدولة اعتقلت واحدا منهم، فيما قال لهم “علي عيد” زعيم الحزب الديموقراطي العربي أنا رمز للعلويين لا أحاكم”.

فيما قالت هيئة علماء المسلمين في لبنان إنها تابعت “ببالغ الاستهجان والغضب استدعاء المحكمة العسكرية لأحد رؤسائها السابقين، ورمز من رموز العلم والسلم والحكمة، وقامة وطنية؛ هي مبعث فخر لكل حرّ شريف في لبنان، ويهمّها أن توضح حيث عدت الهيئة هذا الاستدعاء حلقة في مسلسل استقواء فريق السلطة الحاكم على أهل الرأي المخالف لها على خلفيات كيدية، وليس ما حصل مع المرجع الشيعي علي الأمين ببعيد، وتساءلت “أهكذا يُكافأ من قدم دمه فداء للوطن، وأطلق العسكريين اللبنانيين في عرسال؟!”.

شيخ قراء طرابلس

أما شيخ قراء طرابلس الشيخ بلال بارودي فقال إن: المشكلة في لبنان، أن ورقة التوت وهي هذه المنظومة الحاكمة موجودة فقط لتغطي على تسلط حزب إيران على هذا البلد، ألا فلتسقط ورقة التوت ولتسقط هيمنة الحزب على هذا البلد، وبغير ذلك لن يقوم هذا البلد، واعلموا أنهم كلما ضاق الخناق عليهم، يفبركون الفتن، ورغم كل هذه الأزمات الخانقة للناس في لبنان، فإن هناك من يحرك الفتن بين الناس، حيث يتم تحريك ملفات ظالمة ومجحفة في المحكمة العسكرية، ويتم استدعاء شيخا بتهم ملفقة، ألا يكفي ألف موقوف سني بلا تهمة وبلا محاكمة، شبعنا ظلما وقهرا وتعسفا.

هل المطلوب تدخل الجامعة العربية ومجلس الأمن ؟

القاضي الشيخ خلدون عريمط رئيس المركز الاسلامي للدراسات والإعلام، قال إن الاستهداف المنظم والمبرمج لعلماء المسلمين السنة في لبنان قتلا أو اعتقالا أو استدعاء أو تشريدا أو تشويها بحجج وملفات وهمية من هنا أو من هناك؛ يؤكد بأن الوجود الإسلامي لأهل السنة والجماعة مهدد بالخطر والتهميش وبالتالي بالاحتواء والمسخ بهدف سلخ لبنان وشعبه عن بيئته العربية والإسلامية؛ وما تعانيه بيروت وطرابلس ومناطق الشمال من حرمان وإهمال وفقر وبطالة واعتقالات بالشبهة وتغييب لممثليهم في الحكم والحكومة اللبنانية يأتي في إطار هذا الاستهداف المتمادي منذ سنوات”، والسؤال، لما لا تطبق القوانين والأنظمة في لبنان إلا على فئة معينة من المسلمين؟، ولماذا هذه الاستدعاءات والأحكام الغيابية بحق العلماء والشيوخ وشباب وشابات السنة ؟.

وأضاف القاضي البارز: هل المطلوب تدمير صيغة العيش الواحد بين اللبنانيين؟ أم المطلوب تدخل الجامعة العربية ومجلس الأمن والأمم المتحدة لإعادة الاعتبار لثقافة المواطنة وعدم استهداف فئة معينة من المسلمين في لبنان الذين راهنوا باستمرار على نهوض الدولة ومؤسساتها الشرعية ؟ وختم بالقول: “ليدرك الجميع بأن هذه الكيدية والانتقائية المتبعة من أهل السلطة، والاستقواء بفئة على فئة من اللبنانيين لا تبني وطنا أو استقرارا أو سيادة؛ فلا وطن بلا عدالة ولا حرية بلا مساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات؟ ولا سيادة لوطن ولاء ابنائه لخارج الحدود؟ فهل نتعظ مما جرى ويجري حولنا؟ ام ان أفة السلطه وفائض القوة والاستقواء؛ يعمي البصر والبصيره ؟”.

الحريري يتحرك

من جهته، استقبل الرئيس سعد الحريري الشيخ سالم الرافعي مع وفد من العلماء، و بعد اللقاء قال الرافعي: “أردنا أن نشكر دولته على وقوفه معنا في موضوع استدعاء ‏المحكمة العسكرية لي، كما شكرناه على موقفه من موضوع الشيخ بسام الطراس. وقد تداولنا أيضا ‏في موضوع الموقوفين الإسلاميين والتفلّت الأمني الذي يزداد يوما بعد يوم في طرابلس، بالإضافة ‏إلى موضوع الأمن الغذائي في لبنان ككل، وضرورة اتخاذ التدابير المطلوبة للتصدي لهاجس ‏الخوف من الجوع عند الناس”.‏

ربما يعجبك أيضا