المركز الأوروبي للاستخبارات ينظم ندوة عن تداعيات التدخل التركي في ليبيا على الأمن الأوروبي

وليد أبوالمعارف

رؤية

نظم المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ندوة عن التدخلات العسكرية في ليبيا وتأثيرها على أمن المنطقة، وشملت الندوة عدة محاور رئيسية.

المحاور الرئيسية للمؤتمر:

–    تداعيات التدخل العسكري في ليبيا وتهريب الأسلحة والإرهابيين من سوريا إلى ليبيا.
–    عواقب الهجرة غير الشرعية من ليبيا إلى إيطاليا وإسبانيا، وكذلك عبر بحر إيجه واليونان وتهديدها للأمن الأوروبي.
–    التنقيب التركي عن الغاز في السواحل القبرصية وانعكاسات ذلك على الأمن الأوروبي.
–    ماذا ستصنع ألمانيا وأوروبا تجاه الاعتداءات التركية، وخاصة بعد تسلم ألمانيا مسؤولية مجلس الاتحاد الأوروبي؟
–    تقييم السياسات الأمنية الألمانية في مواجهة التطرف والإرهاب في ألمانيا.

–    جهود ألمانيا وأوروبا لتنفيذ قرارات مؤتمر برلين حول ليبيا.
المشاركون في المؤتمر:

1-    كارستنفيلاند، المستشار السياسي للثلاثة مبعوثين الخاصين بالأمم المتحدة إلى سوريا، والصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط.
2-    ألفريد هاكنسبرجر، الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة “فيلت” الألمانية.
3-    السيدة هايدى كناك، المتخصصة في شؤون الهجرة والاندماج واللجوء
4-    حسين خضر، نائب رئيس الأمانة الفيدرالية للهجرة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي بألمانيا
5-    مانولشترومر، الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط

6-    جاسم محمد، مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
ملخص المؤتمر
افتتح الدكتور “كارستن فيلاند”، المستشار السياسي للمبعوثين الخاصين بالأمم المتحدة إلى سوريا والصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، الحديث مشددًا على ضرورة الرجوع للوراء قليلا لإمكانية فهم مغزى التدخل العسكري التركي في سوريا وليبيا، حيث أكد أن تركيا قبل عام 2005 كانت تتجه نحو الغرب، وتحاول الانضمام للاتحاد الأوروبي، ثم بدأت تتحول السياسة الخارجية التركية نحو الرغبة في إعادة المملكة العثمانية، أو ما يسمى بـ”العثمانية الجديدة” على يد الإسلاميين، ومن ثمّ بدأت أولى الخطوات في تحويل تركيا من دولة قومية عرقية لا يلعب الدين فيها دورًا يُذكر إلى دولة فاشية دينية يسيطر التوجه الديني على توجهاتها، ولعل النزاع الأخير فيما يخص تحويل متحف “آيا صوفيا” إلى مسجد على يد أروغان خير شاهد على تغير النزعة والتوجه التركي نحو الفاشية الدينية، وتابع “فيلاند” بأن السياسة التركية منذ هذه اللحظة وحتى الآن تتحرك وفق مبدأ برجماتي خالص، وأن أردوغان استطاع اللعب على كل الأوتار؛ فلم يكن استقبال أردوغان لثلاثة ملايين لاجئ سوريا من منطلق الأخوة الإنسانية أو الدينية، إنما كان من منطلق برجماتي خالص يتمثل في امتلاك ورقة ضغط يمكن أن يبتز بها أوروبا ويتزرع بها -في الوقت نفسه- للدخول في سوريا، الأمر الذي نجح فيه أردوغان عن طريق اتفاقية “أستانا” مع روسيا وإيران والأمم المتحدة لمحاولة اكتساب شرعية التدخل في الشأن السوري وللجلوس في المفاوضات مع تركيا وإيران رغم معارضة النظام السوري، كما فعلت تركيا نفس الشيء في ليبيا واستغلت حكومة الوفاق الليبية أيضا لمحاولة شرعنة التدخل في ليبيا والادعاء بأن التدخل التركي في ليبيا جاء استجابة لطلب من حكومة الوفاق رغم أن الأهداف التركية من التدخل في ليبيا واضحة وكثيرة منها: الحصول على حصة من الغاز والبترول الليبي في البر والبحر، كما أن الهدف الرئيس وراء هذا التدخل يكمن في الأطماع التركية في التوسع وتحقيق حلم العثمانية الجديدة لأردوغان وأنصاره، ويأتي تخطيط أروغان من وراء هذه الخطوة في محاصرة أوروبا وامتلاك ورقة أخرى من أوراق الضغط على الاتحاد الأوروبي، ويستمر السيد “فيلاند” في وصف المخاطر الحادقة جراء التدخل التركي في ليبيا مؤكدًا أن دعم تركيا للجماعات الإرهابية والمرتزقة سلاح ذو حدين، وأن الخنجر الذي تطعن به تركيا خصومها من خلال دعم هذه الجماعات يمكن أن يرتد إلى صدرها في أي وقت، وأكد الخبير السياسي أن الوضع في ليبيا لا يمكن مقارنته بالوضع في سوريا، حيث إن المواجهة مع تركيا في ليبيا حال استمرار أردوغان في مواصلة اعتداءاته ستكون مباشرة مع دول مثل مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية.

فيما تحدث السيد “ألفريد هاكنسبرجر”، الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة فيلت الألمانية، حول خطورة استمرار تركيا في إرسال الأسلحة في ليبيا وانتهاك الحظر المفروض على توريد السلاح لليبيا من قبل الأمم المتحدة، وقال بأن أردوغان يرغب في تهديد أوروبا عن طريق إرسال آلاف اللاجئين عبر الحدود الأوروبية ونشر الأيدولوجيات المتطرفة من خلال دعم الجماعات الإرهابية والسعي نحو تقسيم ليبيا إلى شرق وغرب، وانتقد “هاكنسبرجر” الموقف الأوروبي المتخاذل من هذه الانتهاكات التركية. وتابع بأن أوروبا_للأسف_ ليست طرفًا في المعادلة التي يتحكم فيها كل من روسيا وتركيا بعدما تخلت واشنطن وبروكسل عن أدوارهما في حماية هذه المنطقة المهمة من العالم. وأكد هاكنسبرجر بأن المخطط التركي لاحتلال الشمال السوري لم ينجح بعد وأن الحرب ما تزال مشتعلة خاصة في منطقة “عفرين” وأن المعركة مؤجلة بسبب الأزمة الحالية التي يمر بها العالم جراء انتشار فيروس كورنا، وتابع بأن سوريا وتركيا سيدفعان ثمنًا باهظًا -عاجلا أم آجلا- لهذا التدخل، وهذا الغزو للأراضي السورية والأراضي الليبية.

فيما سلط السيد “حسين خضر”، نائب رئيس الأمانة الفيدرالية للهجرة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي بألمانيا، الضوء على خطورة التدخل التركي في الأراضي الليبية، مؤكدًا أن الدعم التركي للجماعات المتطرفة سيعمل على تفريخ عناصر إرهابية يمكن أن تهاجم أوروبا مرة أخرى لتعيد إلى الأذهان ظاهرة التفجيرات والعمليات الإرهابية التي كان يقوم بها عناصر يُطلق عليها الذئاب المنفردة، وتابع  السيد “خطر” بأن الرغبة التركية في المكاسب الجمة جراء التدخل في هذه المنطقة والذي يتمثل في الاستثمارات الضخمة من عمليات إعادة الإعمار، واستغلال الموقع الاستراتيجي لليبيا بين إفريقيا وأوروبا، بالإضافة إلى السواحل الممتدة على البحر الأبيض المتوسط، والتي سمحت لليبيا بالاتفاق الغير معترف به في ترسيم الحدود مع حكومة الوفاق، وهذه هي أيضا الأسباب نفسها التي دفعت تركيا للاعتداء على اليونان، العضو في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة لقبرص، حيث الرغبة في الحصول جزء من الغاز المكتشف حديثا، وأكد السيد “خضر” بأن مواقف الاتحاد الأوروبي من هذه التدخلات التركية متباينة فيما عدا فرنسا التي تتخذ موقفًا واضحًا تجاه العدوان التركي السافر على هذه الدول.

من جانبه ركز الصحفي مانولشترومر، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، على الوضع في الداخل الليبي، حيث أشار إلى أن ليبيا إلى وقت قريب كانت مرتعًا للجماعات الإرهابية كداعش والقاعدة، لكن هذ الجماعات عانت كثيرا من التراجع في الفترة الأخيرة لصالح الجماعات التقليدية كالجماعات السلفية وجماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بعلاقات وطيدة مع أردوغان وحزب الحرية والعدالة وتتقاطع مصالح جماعة الإخوان مع مصالح الحكومة التركية الحالية، حيث تعمل الجماعة على التمدد وإحياء الخلافة المزعومة، الأمر ذاته الذي يطمح إليه أردوغان وحكومته من خلال إحياء العثمانية القديمةوالتوسع نحو الغرب والشرق، الأمر الذي يهدد أمن أوروبا قبل منطقة الشرق الأوسط.

وفي النهاية تحدثت السيدة “هايدى كناك”، المتخصصة في شؤون الهجرة والاندماج واللجوء، عن الصعوبات التي يعاني منها العالم جراء أزمة كورنا بما في ذلك ألمانيا، ورغم ذلك فإن العالم يجب أن يتحمل مسؤولياته لوقف نزيف الحروب في جميع أنحاء العالم، وليس فقط في منطقة الشرق الأوسط أو إفريقيا، وأن العالم أصبح قرية صغيرة في كل شيء، فلا يمكن أن تعاني منطقة من ويلات الحرب ولا تتأثر بها أخرى، ومن ثمّ فقد أصبح الحفاظ على الحياة والاستقرار حق إنساني أصيل لا يقل مكانة عن الحق في الكرامة، وتابعت السيدة “كناك” بأن حرمان الأطفال من عائلاتهم ليس حلًا ولا يمكن أن يساهم في إنتاج أجيالٍ واعية تشارك في رفعة الإنسانية وأن المجتمعات البديلة مهما وفرت من سبل الرعاية لا يمكن أن تقوم مقام المجتمعات الآمنة المستقرة التي نشأت فيها تلك الأجيال، ومن ثمّ فإنه يجب أن يتكاتف عقلاء العالم لوقف موجات الهجرة واللجوء عن طريق وقف الحروب والنزعات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا التي يدفع فيها النساء والأطفال أثمان هذه الحروب والنزعات.
نتائج وتوصيات المؤتمر

–    يعد انتهاك تركيا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة في ليبيا انتهاكًا صارخًا للأمن وحقوق الإنسان.
–    يعتمد أمن أوروبا في المقام الأول على استقرار منطقة الشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط .
–    التدخل التركي في ليبيا سيعزز نفوذ الإخوان المسلمين محليًا وإقليميًا، خاصة إذا تمكنت تركيا من الاستيلاء على آبار النفط في البلاد.
–    مساعدة الأطفال في الحروب والأزمات،مثل الحرب في ليبيا، حق إنساني أصيل يجب أن تكافح الإنسانية من أجله.
–    يجب على أوروبا وألمانيا اتباع سياسة أقوى ضد أردوغان في ليبيا وسوريا، لأن ذلك هو الضمانة الوحيدة لتحقيق الأمن والاستقرار لألمانيا وأوروبا.

شاهد اللقاء الكامل للندوة باللغة الألمانية

ربما يعجبك أيضا