إزاحة “الغنوشي” مطلب تونسي.. والرئيس يبدد أحلام الإخوان!

كتب – حسام عيد

وسط تصاعد مطالبات الكتل النيابية بسحب الثقة من راشد الغنوشي وإطاحته من رئاسة البرلمان التونسي، اختلقت حركة النهضة -ذراع تنظيم الإخوان الإرهابي في تونس- مناورة لتضليل الرأي العام، عبر إجراء مشاورات من أجل تشكيل حكومي جديد، في محاولة للتهرب من المأزق الذي وجدت نفسها فيه، وتسليط الضوء على رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.

مناورة لم تتعد كونها مجرد افتراءات وأكاذيب تروج لها النهضة، هكذا دحضها الرئيس التونسي قيس سعيد، مؤكدا في الوقت ذاته، أن هناك حكومة شرعية يترأسها الفخفاخ، والحديث عن مساعي ومشاورات مع النهضة لتشكيل حكومة جديدة من قبيل الأحلام ليس أكثر.

سحب الثقة وحرب الـ109 أصوات بالبرلمان

وكانت 4 كتل نيابية تونسية، قد أعلنت اتفاقها على سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعد أن أشار “الحزب الدستوري الحر” إلى أن جلسات البرلمان ومشاريع قوانينه المطروحة “لم تعد حكرا على النواب فحسب، إذ فتح الغنوشي المجال أمام جهات متهمة بالإرهاب لدخول البرلمان”.

ينص الدستور التونسي على إمكانية سحب الثقة من الحكومة، عبر “لائحة لوم” بأغلبية 109 أصوات، في غضون 6 أشهر من بدء عملها.
ويحل هذا الموعد في الـ28 من أغسطس المقبل، لذا فإن حركة النهضة تعد له العدة من خلال مناوراتها السياسية، غير أن إمكانية جمعها للأغلبية البرلمانية “يبدو مستحيلا”.

ولا تزال “حرب الـ109 أصوات” مستمرة، فهي الأغلبية التي تفرضها تركيبة البرلمان التونسي لسحب الثقة من الحكومة، أو رئاسة مجلس النواب.

وتشغل معركة كسب الأغلبية البرلمانية، الساسة كما تشغل الشارع التونسي، فحركة النهضة بمعية حلفائها في ائتلاف الكرامة وقلب تونس، لديها 100 نائب، فيما تجمع الكتلة الديمقراطية وحركة الإصلاح وتحيا تونس والكتلة الوطنية والدستوري الحر، 92 آخرين.

وبهذا، يبقى العنصر المحدد 25 صوتًا، لنواب كتلة المستقبل والنواب المستقلين.

وفي حال صادق 109 نواب على سحب الثقة، يدخل البرلمان في طور آخر لاختيار رئيس جديد له.

وتتهم أغلبية الكتل النيابية راشد الغنوشي باختراق القانون الداخلي للمجلس والعمل على توظيف البرلمان لخدمة حزبه وأجنداته الإخوانية.

إزاحة الغنوشي حدث مرتقب بتاريخ تونس الحديث

وكان الغنوشي قد تحصل على خطة رئاسة البرلمان بأغلبية ضئيلة (113 من مجموع 217) في شهر نوفمبر/ تشرين الماضي.

وفي حال إزاحته من رئاسة مجلس النواب ستكون السابقة الأولى في التاريخ السياسي الحديث لتونس التي يتم فيها سحب الثقة من رئيس البرلمان.

ويأتي هذا الاتفاق الأوليّ على سحب الثقة من الغنوشي بعد حادثة العنف التي ارتكبها رئيس كتلة “ائتلاف الكرامة” الإخواني سيف مخلوف ضد الأمن الرئاسي الخاص بالبرلمان.

وكذلك بعد نحو شهر من جلسة مساءلة الغنوشي أمام البرلمان بشأن تحركاته الخارجية المشبوهة واتصالاته التي باتت تهدد وتغضب التونسيين وتهدد دبلوماسية بلادهم.

ويعيش البرلمان التونسي أجواء مشحونة منذ ترأسه الإخواني راشد الغنوشي وهو لا يمثل محل إجماع وطني في تونس، حسب العديد من المتابعين، وحسب ما تظهره نتائج استطلاعات الرأي.

تشكيل النهضة لحكومة جديدة.. أحلام إخوانية

وبدوره، اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد، حركة النهضة بمغالطة الرأي العام ردًا على تصريحات رئيس مجلس شورى الحركة عبدالكريم الهاروني حول تكليف رئيس الحركة راشد الغنوشي، بإجراء مشاورات مع رئيس الجمهورية، للاتفاق حول تشكيل حكومة جديدة.

وقال قيس سعيد: “المغالطات التي تصدر عن الجهات التي تريد مغالطة الرأي العام وتسيير مشاورات بين رئيس الدولة وعدد من الأحزاب هو من قبيل الافتراء”.

وأكد سعيد أنه “لم تحصل مشاورات مع أي كان مادام لرئيس الحكومة كامل الصلاحيات وفي حال استقال أو تم توجيه لائحة لوم ففي ذلك الوقت يمكن أن أقوم بمشاورات أما دون ذلك فلا وجود لأي مشاورات ولن أقبل بالقیام بأي مشاورات ما دام الوضع القانوني على حاله”.

وأضاف -في هذا السياق- أن النظام السياسي ينظمه الدستور ولا مجال تحت أي ظرف من الظروف حصول تجاوز له أو بروز نظام سياسي موازٍ له.

وقال الرئيس التونسي: “أنا ألتزم بما التزمت به أمام الله والشعب، ولن أحيد عنه، وما يقال ويشاع من قبيل الأحلام، وليس هناك ما يتيح في النص الدستوري الحالي القيام بأي تشاور ولقاء حول رئيس الحكومة القادم، فرئيس الحكومة الحالي له كامل الصلاحیات، وهو الذي يتولى رئاسة الحكومة، وما لم يستقل أو تسحب منه الثقة فيبقى بكامل الصلاحيات، ورئاسة الجمهورية لن تقوم بأي مشاورات مع أي كان في ظل ھذا الوضع الحالي، ولن أقبل بابتزاز أو مساومة أو عمل في الغرف المغلقة، وما أقوله الآن هو الذي أقوله للجميع، وليسجل التاريخ أنني قلته ولن أتراجع عنه”.

فيما اعتبر مراقبون أن ما جاء في قرار مجلس شورى النهضة هو “بدعة ولا أسس دستورية له”، لافتين أيضا إلى أن الصفة الدستورية لرئيس البرلمان لا تسمح له بإجراء المشاورات.

ورجح مراقبون أن يكون موقف النهضة “مناورة سياسية وحركة استباقية” لمواجهة مبادرة سحب الثقة من الغنوشي.

الفخفاخ يلمح لإقصاء وزراء النهضة

فيما أعلن رئيس وزراء تونس إلياس الفخفاخ، أنه سيجري تعديلاً وزاريًّا في الأيام المقبلة يتناسب مع مصلحة تونس العليا، وسط خلاف قوي مع حزب النهضة الإخواني، في خطوة تهدف فيما يبدو لإخراج وزراء النهضة من الحكومة.

وكانت حركة النهضة قد طالبت بمشاورات لتشكيل حكومة جديدة، زاعمة أن حكومة الفخفاخ فقدت كل مصداقية، بسبب شبهات تضارب المصالح التي تلاحق رئيس الوزراء.

وسبق للفخفاخ رفض الاتهامات بالفساد بعد أن كشف النائب في البرلمان ياسين العياري، وثائق تشير إلى فوز شركات يملك الفخفاخ أسهما فيها بصفقات مع الدولة بما يناهز 15 مليون دولار.

وانتقد الفخفاخ بشدة حركة النهضة قائلاً، في بيان: إن “دعوات النهضة تخل بالتضامن الحكومي وهي واصلت في تأسيس مشهد مأزوم وفي التوظيف السياسي لمصلحتها الحزبية”.

وقد يقصي قرار الفخفاخ النهضة من الحكومة، لتجد نفسها خارج الحكم لأول مرة منذ 6 أعوام.

والنهضة ظلت اللاعب الرئيسي في أغلب الحكومات بعد 2011، وعلى عكس أغلب الأحزاب الإخوانية في المنطقة العربية، تفادت محاولات عزلها سياسيا حين تخلت تحت ضغط احتجاجات عن الحكم في 2013، ثم توصلت لاتفاق لتقاسم الحكم مع العلمانيين بقيادة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في 2014.

ومن المتوقع أن يزيد قرار الفخفاخ الصراع السياسي في البلاد التي تشهد وضعاً متوتراً في البرلمان والحكومة.

وختامًا، قد تشهد تونس زلزالًا سياسيًا خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع مواصلة رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، وكتلتها البرلمانية، الاعتصام بمقر البرلمان التونسي، للمطالبة بسحب الثقة من الغنوشي.

ويأتي استمرار الاعتصام ليؤكد ما تشهده تونس من زخم كبير داخل برلمانها، بعدما بات مستقبل الغنوشي على المحك، ويستمر تعالي الأصوات المطالبة بسحب الثقة منه، فلا بديل في تونس عن التغيير وقطع الطريق أمام الجماعات الإرهابية.

ربما يعجبك أيضا