اختراقات وتخابر.. تفاصيل هروب “ضفادع حماس البشرية” لإسرائيل!

كتب – حسام عيد

الاستخبارات الإسرائيلية اخترقت الجناح العسكري، وجندت عدد من عناصرها، هذا ما أعلنته وأقرت به حركة “حماس” بعد هروب أحد قادة كتائب “عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية إلى إسرائيل، ونقله معلومات غاية في السرية عن الحركة وجناحها العسكري.

عمالة وخيانة دفعت حركة حماس إلى إجراء تحقيقات مع قيادات من جناحها العسكري، فيما يتعلق بالتخابر مع إسرائيل، شملت قيادات من حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري “سرايا القدس”.

كما أعادت هذه الواقعة الحديث مرة أخرى عن الاختراق الأمني في صفوف كتائب عز الدين القسام والذي كان سببًا في العديد من وقائع الاغتيال لقادة الكتائب وقادة حركة حماس في السنوات الماضية.

مخططات تفجيرية تكشف خيوط القضية

في يوم الأحد الموافق 12 يوليو 2020، أعلنت داخلية حماس في قطاع غزة اعتقال خلية من العملاء، تتكون من 16 عنصراً، أغلبهم من كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بتهمة التعامل والتخابر مع إسرائيل.

وقد كشفت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى، أن خيوط القضية اتضحت بعد الكشف عن مخططات تفجيرية في قطاع غزة، كانت قيادات وعناصر من حركة الجهاد الإسلامي تعتزم تنفيذها على غرار ما حدث العام الماضي بالقطاع، وأدى لمقتل عدد من العناصر الأمنية التابعة لحماس.

وأوضحت المصادر أن التحقيقات طالت عددًا كبيرًا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وأظهرت تعاون قيادات عسكرية في غزة مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن حماس والجهاد الإسلامي قلقتان جدا من طبيعة المعلومات التي قد تكون وصلت لجهاز المخابرات الإسرائيلي.

وأضافت أن “الشخصيات التي يجري التحقيق معها تشغل مناصب حساسة بالمقاومة، وتمتلك معلومات في غاية الأهمية، الأمر الذي يُرجح إمكانية وصول هذه المعلومات لإسرائيل”، لافتة إلى أن الحركتين اتفقتا على إجراء تغييرات واسعة النطاق في صفوفهما.

وأوضحت المصادر، أن حدثا أمنيًا وقع قبل عدة أيام على شاطئ بحر غزة، وأدى إلى اعتقال عدد من المتخابرين مع إسرائيل، وإغلاق البحر في حينها، نظرًا لمحاولة هروبهم إلى إسرائيل عبر البحر.

هروب قائد وحدة الضفادع البشرية إلى إسرائيل

ورغم ذلك تمكن قائد وحدة الضفادع البشرية أو “الكوماندوز” بكتائب عز الدين القسام إلى إسرائيل، وذلك عبر زورق تابع للجيش الإسرائيلي نقله من قطاع غزة، حسبما كشفت وسائل إعلام عبرية.

يُدعى “عزالدين الحاج علي بدر” وهرب وبحوزته جهاز لاب توب “حاسوب محمول”، يحمل معلومات سرية خطيرة، إضافةً إلى مبالغ مالية، وأجهزة تنصت كانت بحوزته طيلة سنوات قيادته لوحدة الضفادع التابعة للقسام، هكذا أفادت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

وحول جهاز الحاسب الآلي المحمول الذي هرب به قائد وحدة الكوماندوز البحرية في القسام، فهو الحاسب الآلي المركزي لشبكة معلومات القسام الإلكترونية والتي تحتوي على سجل كل عناصر وقيادات القسام ومخططات الأنفاق التي حفرتها عناصر حماس تحت الأرض في غزة.

وهو ما يعني أن كافة التفاصيل والمعلومات العسكرية الخاصة بكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس باتت في أيدي المخابرات الإسرائيلية، وأن الحركة باتت كتابًا مفتوحًا أمام إسرائيل.

فيما أشارت صحيفة “معاريف الإسرائيلية” نقلًا عن مصادر فلسطينية إلى أن القيادي الهارب أُثيرت حوله شبهات بتعاونه مع جهات استخباراتية إسرائيلية، وأن الحركة كانت على وشك اعتقاله قبل فراره بالتنسيق مع تل أبيب على متن فرقاطة إسرائيلية، كاشفة أن التحقيقات حول تلك الواقعة تتم في سرية بالغة، خوفًا من تورط قادة آخرين في عمليات تجسس شبيهة.

ووصفت صحيفة “إسرائيل اليوم” في تقرير لها هروب قائد وحدة الكوماندوز الحمساوية إلى إسرائيل بالإنجاز الاستخباراتي الكبير لإسرائيل، مشيرة إلى أن هذه الوحدة من الوحدات السرية داخل كتائب عز الدين القسام، ووفقًا لتقديرات مختلفة قد تكون هذه الوحدة أهم الوحدات في تنظيم بناء القوة العسكرية لكتائب القسام، لافتة إلى أن مقاتلي الكوماندوز البحريين في حماس يحصلون على راتب ابتدائي لا يحلم به مواطن عادي في غزة، وهو 400 أو 500 دولار شهريًا.

وأضافت أن هذه الوحدة بدأت عملها منذ نحو 10 سنوات بعد عملية “الرصاص المصبوب” (العدوان الإسرائيلي على غزة 2008) بهدف أن تضم قوة بحرية نخبوية مدربة جيدًا ومسلحة بأفضل الأسلحة المتقدمة للحرب البحرية للمساهمة في توازن الردع الذي تحاول حماس تحقيقه ضد إسرائيل، فضلًا عن المساعدة في تهريب الأسلحة من البحر إلى قطاع غزة، وإلحاق الضرر بالسفن البحرية والأهداف العسكرية والمدنية الإسرائيلية على الساحل، مفيدة أنه خلال السنوات الأخيرة تم إنشاء مرافق للتدريب والذخيرة والمعدات العسكرية المستخدمة في عمليات الكوماندوز البحرية التابعة لحماس على طول الساحل في قطاع غزة.

سقوط مسؤول منظومة الاتصالات قبل الهرب

محاولة عز الدين بدر الناجحة للهروب سبقتها محاولة هروب أخرى لقيادي آخر في صفوف كتائب عز الدين القسام؛ وهو الرائد “محمد عمر أبو عجوة” صاحب الـ32 عامًا وقائد كتائب القسام في حي الشجاعية أحد أكبر أحياء قطاع غزة، كما يلقب بأمير مسجد الإصلاح بذلك الحي.

وأفادت تقارير إعلامية فلسطينية أن محمد عمر أبوعجوة، الموقوف لدى الأمن الداخلي لحركة حماس بتهمة التخابر مع إسرائيل، كان المسؤول الأول عن منظومة الاتصالات الإلكترونية لكتائب القسام في حي الشجاعية شرق مدينة غز، وهي تشمل كاميرات المراقبة وشبكات الاتصال الداخلية للكتائب.

ورجحت التقارير أن يكون أبوعجوة قد سرّب لإسرائيل معلومات استراتيجية عن شبكة الاتصالات للكتائب وأمن حماس داخل القطاع.
ويعمل “أبوعجوة” مع جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد” منذ عام 2009 كرفيقه “عز الدين بدر”، كما أنه يعمل برتبة رائد في جهاز الأمن الداخلي التابع لحركة حماس في القسم المسؤول عن التحقيق مع المشتبه فيهم والمتورطين في العمالة والتجسس لصالح إسرائيل.

وأفادت مصادر فلسطينية أنه عمل مدربًا لدورات في كيفية جمع المعلومات والأمن الشخصي ومكافحة أعمال التجسس.

واكتشفت كتائب عز الدين القسام خطة هروب الرائد محمد أبو عجوة عندما طلب من شقيقه القيادي أيضًا في كتائب القسام إحضار مبلغ مالي من أحد الأفراد التابعين للمخابرات الإسرائيلية في غزة، ولكن تعذر وصول شقيقه إلى هذا الشخص، فُطلب منه أن يضع المبلغ المالي في نقطة، وهو الاتصال الذي تنصت عليه جهاز المخابرات العسكرية بكتائب القسام، وبناء عليه ألقت دورية أمنية تابعة للقسام القبض على شقيق أبو عجوة، ثم ألقت القبض على الرائد أبو عجوة من منزله.

وأثبتت التحقيقات تورطه في التعاون مع المخابرات الإسرائيلية على مدار 11 عامًا قضاها في العمل والاطلاع على أدق تفاصيل العمل العسكري التقني للقسام.

حماس تغير شبكة اتصالاتها

إشراف “محمد عمر أبوعجوة” على جهاز حيوي واستراتيجي لكتائب القسام وأمن حماس أثار حالة هيستيريا لدى المسؤولين في غزة دفعتهم إلى إعادة تغيير شامل لمقاسم الاتصالات وشبكة الكاميرات الأمنية ونقاط التواصل وحتى أرقام الهواتف وخرائط الخطوط الأرضية وكل ما يتعلق بالعمل التقني الذي استغرق بناؤه سنوات عدة، بعد أن اتضح أن إسرائيل كانت تعلم بكل هذا العمل السري وكافة تفاصيله، بحسب تقارير إعلامية في قطاع غزة.

وكانت حماس قد ضبطت حسب التقارير أيضًا، مع خلايا التجسس مبالغ مالية تقارب نصف مليون دولار، والعديد من الأجهزة الإلكترونية للتجسس والتنصت، وقالت مصادر فلسطينية، إن التحقيقات لا تزال جارية وبشكل سرّي للغاية خوفاً من تروط أسماء كبرى في الكتائب في شبكة التجسس.

ربما يعجبك أيضا