أذربيجان وأرمينيا.. هل يشتعل “جنوب القوقاز” مجددا؟

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تستمر الاشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا التي بدأت في 12 يوليو/ تموز الجاري، على الحدود بين البلدين، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل 13 عسكريًا أذريا، ومقتل العشرات من الجنود الأرمينيين.

العداء التاريخي بين الأرمن والآذريين، وجراحات الحرب الماضية، تغذي أي اشتباكات وقد تحولها في أيام لحرب شعواء بين الجانبين، وهذا ما يفسر حجم الغليان الهائل والمظاهرات في باكو والمدن الآذرية، التي طالبت بالحرب.

وهذا ما ظهر جليا في عزل رئيس أذربيجان، إلهام علييف، وزير خارجيته إلمار محمدياروف، عن منصبه، حيث وجه له الرئيس علييف انتقادات خلال اجتماع لأعضاء الحكومة، وأفاد علييف أن “محمدياروف”، فشل في إدارة مباحثات إقليم “قرة باغ”، متهماً إياه بعدم بذل الجهود اللازمة عقب اندلاع الاشتباكات بين القوات المسلحة الأذربيجانية والأرمينية.

ومع تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، سيطرت أرمينيا في الحرب بين البلدين التي وقعت مع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، على نحو 20% من الأراضي الأذرية، التي تضم إقليم “قره باغ” (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي “آغدام”، و”فضولي”، وقتل في هذه الحرب نحو 30 ألف شخص، وفي المقابل تتمتع ناخيتشيفان بحكم ذاتي منفصل جغرافياً عن باقي أذربيجان، متصل بها سياسياً، وفي عام 2008 وقّع الجانبان إعلانا يدعو إلى تسوية سلمية للنزاع لكنه لم يترجم إلى اتفاق رسمي.

تهديدات باستهداف مواقع استراتيجية

من جهتها، حذرت وزارة الدفاع الأذربيجانية، من أن قواتها قد تنفذ ضربة دقيقة على محطة ميتسامور الكهروذرية غربي أرمينيا إذا قررت يريفان ضرب منشآت استراتيجية أذربيجانية، وقالت الوزارة العقيد واقف دارغانخلي ردا على تهديدات أرمنية بضرب خزان مينغيتشيفير المائى شمالي أذربيجان: “على الجانب الأرمني ألا ينسى أن أحدث الأنظمة الصاروخية المتوفرة لدى جيشنا قادرة على ضرب محطة ميتسامور للطاقة الذرية بدقة عالية، مما سيتحول إلى مأساة كبيرة لأرمينيا”.

وأكد نائب وزير الدفاع الأذربيجاني كريم ولييف في تصريحات صحفية، تدمير عدد كبير من العربات والمواقع العسكرية للجيش الأرميني خلال الاشتباكات المتواصلة منذ أيام، وأشار إلى أن نحو 100 جندي من الجيش الأرميني قتلوا خلال الاشتباكات، كما نشرت وزارة الدفاع الأذربيجانية مقاطع مصورة جديدة جوًا، تظهر استهداف مواقع أرمينية.

واشنطن وفرنسا

في سياق متصل، أدانت الولايات المتحدة الأمريكية، الاشتباكات على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، ودعت الجانبين إلى التوجه للطرق السلمية، وقالت: “نريد من الجانبين وقف استخدام العنف بشكل مباشر، والامتثال لوقف إطلاق النار عبر التواصل المباشر بينهما من أجل منع تصاعد العنف أكثر”، وشدد بيان الخارجية الأمريكية أن واشنطن بصفتها الرئيس المشارك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا عاقدة العزم على المساعدة من أجل التوصل الى حل سلمي لقضية إقليم قره باغ.

فيما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، أن “فرنسا تدين المواجهات العسكرية التي جرت، على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، وأسفرت عن مقتل عدد من الأشخاص”.

وساطة روسيا

أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الروسي، فبحثوا تطورات الوضع على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، معربين عن استعداد روسيا للاضطلاع بدور الوسيط بين البلدين.

كما بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع نظيره الأذري جيهون بيرموف، الاعتداءات العسكرية الأرمينية على أراضي أذربيجان، وأطلع بيرموف نظيره الروسي على أحدث الاستفزازات العسكرية الأرمينية على الحدود مع أذربيجان، مشيرا أن السياسة العدوانية لأرمينيا هي سبب التوتر المستمر في المنطقة لأكثر من 30 عاما، وبدوره، دعا لافروف الأطراف إلى الامتثال لوقف إطلاق النار والحد من التوترات في المنطقة.

أوكرانيا

وزارة الخارجية الأوكرانية دخلت على الخط في بيان، حيث عبرت عن قلقها من التوتر المتصاعد على الحدود الأذربيجانية – الأرمينية، ودعت، إلى حل المسألة سياسيا على أساس احترام وحدة الأراضي الأذربيجانية وسيادتها على الحدود المعترف بها دوليا، وعلى خلفية البيان، استدعت وزارة الخارجية الأرمينية السفير الأوكراني لديها، كما اعتدى متظاهرون أرمن على السفارة الأوكرانية لدى يريفان، بعد أن أبدت أوكرانيا دعمها لوحدة الأراضي الأذربيجانية، على خلفية اعتداء أرمينيا على أذربيجان.

المنظمات الإقليمية
بدوره أعرب بغداد عمرييف الأمين العام لمجلس تعاون الدول الناطقة باللغة التركية (أذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركيا، بينما تتواجد المجر في صفوفه بصفة مراقب)، عن إدانته الشديدة لهجوم الجيش الأرميني الأخير على الأراضي الأذرية، وأفاد بيان صادر عن المجلس التركي، أن عمرييف أدان بشدة الهجوم الأرميني على منطقة توفوز الأذرية، معربا عن بالغ قلقه جراء ارتفاع حدة التوتر بين البلدين.

كما أعربت منظمة معاهدة الأمن الجماعي (تضم 6 جمهوريات سوفيتية سابقة هي روسيا، كازاخستان، أرمينيا، طاجيكستان، بيلاروس، قرغيزستان) عن قلقها بسبب تصاعد التوتر على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، حيث أسفرت اشتباكات باستخدام الأسلحة الثقيلة عن سقوط قتلى وجرحى، وقالت إنها تعرب عن قلقها الشديد إزاء تفاقم الوضع على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، بعد اشتباك مسلح بين الطرفين، أدى إلى سقوط ضحايا.

ربما يعجبك أيضا