صانعو الإرهاب في سيناء.. محاولات فاشلة لتشتيت “الجيش المنتصر”

عاطف عبداللطيف
كتب – عاطف عبداللطيف

بعد ٢٤ ساعة من تفويض مجلس النواب المصري، الرئيس عبدالفتاح السيسي، في إرسال قوات قتالية خارج الحدود، لحماية الأمن القومي على الاتجاه الاستراتيجي الغربي خاصة مع تعاظم التهديدات في ليبيا التي تواجه تدخلًا تركيًا وميليشيات ومرتزقة مأجورين ودول أخرى طمعًا في الثروات النفطية الليبية.

تصدى الجيش المصري بنجاح كبير لهجوم إرهابي موسع شنه تكفيريون تم تزويدهم بأسلحة خفيفة وثقيلة وأحزمة ناسفة وعربات مفخخة على أحد الارتكازات الأمنية بقرية رابعة التابعة لمدينة بئر العبد في شمال سيناء. والهدف من تنفيذ عملية بئر العبد الإرهابية على قوات الجيش في شمال سيناء، أمس، تشتيت القيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية بعمليات إرهابية قوية على الحدود الشرقية، لصرف النظر والتشتيت عن الاستعداد لصد أي هجوم في سرت أو الجفرة وتهديد أمن مصر القومي في الغرب، ويصبح الاختيار بين أولوية المواجهة التي يتحتم على الجيش المصري مواجهتها في الغرب أم الشرق.

الهدف من هذه العملية أيضًا إظهار الجيش المصري في موقف ضعف؛ يذهب بقواته خارج الحدود بينما يتم الاعتداء عليه داخل الحدود في سيناء، وهذا ما يؤكد لنا فكرة الارتباط بين هذه التنظيمات وبين من يحركها.

المعركة التي جرت في سيناء لم تكن عسكرية فقط ولكن كان لها شق إعلامي كان واضحًا في تغطيات قنوات كل من الجزيرة والشرق ومكملين وشبكة رصد الإخبارية وغيرهم من أبواق الإخوان والإرهاب.

دلالات قوية

قال الباحث في شؤون الإرهاب والجماعات المتطرفة، منير أديب: هناك عشر دلالات على عملية بئر العبد ومواجهة الإرهاب في شمال سيناء، وأولها، لا يمكن أن نفصل ما حدث من اعتداء على أحد الارتكازات الأمنية في مدينة بئر العبد وما يجري على المشهد السياسي وتحديدًا الحرب على الإرهاب في ليبيا.

يمكن قراءة هذه العلاقة في أن القوات المسلحة المصرية لديها قناعة أن مواجهة الإرهاب خارج حدودها سوف يؤثر على الإرهاب داخل حدودها، ومن هنا كان التحرك المعاكس للعدو بتنفيذ هذه العملية.

وأضاف الباحث منير أديب في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن ما جرى في سيناء كان متوقعًا، فمصر تواجه الإرهاب بكل حزم وبخاصة التنظيمات العابرة للحدود والقارات، وتفعل نفس الشيء مع هذه التنظيمات خارج الحدود، ومن هنا يبدو التنسيق بين التنظيمات في الداخل والخارج.

ونوه بأن مصر تستشعر خطر الإرهاب ولذلك قررت مواجهته خارج حدودها، هذا يعني استشعار الخطر وليس انتهاءه، فلو انتهى الإرهاب في الداخل ما خرجت قواتنا لمواجهته في الخارج مع مواجهته المستمرة في الداخل.

وأكد أديب، أمس، أن أغلب التنظيمات المتطرفة الموجودة في الجزء الشرقي من البلاد وتحديداً الجزء الشمالي من سيناء مرتبطة بدعم أجهزة استخبارات في المحيط الإقليمي والدولي، تحركها وقتما تشاء.

المعركة التي جرت في سيناء لم تكن عسكرية فقط ولكن كان لها شق إعلامي كان واضحًا في تغطيات الجزيرة والشرق ومكملين ورصد. 

هذه المعركة خسرها المتطرفون، وهنا لا أقصد الخسارة العسكرية ولكن الإعلامية والشعبية، فهم يفتقدون كل يوم أرضًا جديدة بعدما يتكشف جزء جديد من الوجه القبيح لهم.

أخيرًا وليس آخرًا، ما حدث في سيناء سوف يتكرر، ليس لضعف الأمن، ولكن لقوته التي نراهن عليها جميعًا، فعلى قدر المواجهة يكون رد الفعل، وهذه العمليات مجرد رد فعل في معركة طويلة وممتدة سوف نقضي فيها على البنية التحتية للتنظيمات المتطرفة.

الإعلام الصهيوني

قبل يوم من تنفيذ الهجوم الإرهابي في بئر العبد، روجت الأبواق الإعلامية الإخوانية والقطرية، دراسة للصحفي الصهيوني المتخصص في الشؤون العربية، والباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في تل أبيب،”إهود يعاري” (ضيف قناة الجزيرة الدائم)، حول الأوضاع الأمنية في سيناء، نشرتها القناة الثانية الإسرائيلية، وترجمها موقع عربي 21، ونشرتها عدد من الأبواق الإخوانية الأخرى، لتصبح مادة جديدة يتم تداولها على أنها حقائق ثابتة من قبل الكيان الصهيوني تجاه الأوضاع الأمنية في شمال سيناء.

من ناحية أخرى، قالت الدكتورة رانيا فوزي المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي: صباح اليوم الأربعاء، حرص الإعلام الإسرائيلي على نشر خبر واحد فقط قصير في موقع القناة السابعة العبرية عن إحباط الجيش المصري هجومًا على قواته في مدينة بئر العبد بشمال سيناء.

وأضافت رانيا فوزي في تدوينة لها بصفحتها عبر موقع التواصل “فيسبوك”، صباح اليوم، أن ذلك يعني دلاليًا أن تجاهل الإعلام الإسرائيلي للأمر يعني أن هناك تعامل قوي بالأمس من قبل الجيش المصري أحبط الهجوم الشرس فعليًا وذلك على عكس ما بدر بالأمس من شماتة كبار المحللين الإسرائيليين الذين  تدولوا الفيديو المسرب للهجوم الإرهابي والذي انتشر بسرعة.

وأشارت إلى أنه لو كان الجيش لم يحبط الهجوم فعليًا لكانت الأخبار عن سيناء تتصدر المشهد الإعلامي الإسرائيلي. وتابعت قائلة: كل ما يتم تداوله من صور وفيديوهات على مواقع يوتيوب وسوشيال ميديا هدفها النيل من ثقة المصريين في جيشهم.

مؤامرة إعلامية

حرصت المنصات الإعلامية والإلكترونية الداعمة للإخوان والإرهاب على مناصرة الهجوم الإرهابي الذي شهدته مدينة بئر العبد إعلاميًا، وتعرضت له قوات الجيش المصري، أمس الثلاثاء، في محاولة لإثارة الرأي العام في مصر حول جدوى الحرب التي فوض فيها البرلمان في جلسة سرية وبأغلبية كاسحة، الرئيس عبدالفتاح السيسي لحماية الأمن القومي بإرسال قوات عسكرية وعتاد خارج الحدود في التوقيت الذي يراه مناسبًا.

وحرصت بعض تلك المنصات على إطلاق استطلاع على موقعها قالت فيه: “ما بين حرب خارج الحدود وأخرى داخلها تهدد أمن مصر.. برأيك أيهما أولى، ليبيا أم سيناء؟” فيما سارعت منصة إعلامية أخرى لتغطية الحدث سريعا وكأنها على علم مسبق به.

والهدف من ذلك التحريض والرسالة الإعلامية عدم جدوى الحرب التي قد يشنها الجيش المصري في ليبيا لتخليصها من ميليشيات الإرهاب التركية وقوات الوفاق الموالية لتركيا الطامعة في ثروات ليبيا النفطية والتي تهدد بتقدمها نحو سرت والجفرة، الخط الأحمر لأمن مصر القومي من ناحية الغرب، ومحاولة هذه المنصات القول بأن الحرب في الداخل (سيناء) أولى من ليبيا ليطلقوا العنان للمسعورين الأتراك وأتباعهم الانفراد بليبيا.

صوت وصورة

وفي سياق متصل، قال الباحث في شؤون الجماعات المسلحة والإرهاب، عمرو فاروق: حادث بئر العبد الإرهابي، الذي أجهضته الأجهزة الأمنية في قرية “رابعة” بمدينة بئر العبد في شمال سيناء، أسفر عن مقتل 18 تكفيريًا، واستشهاد اثنين من أبطال الجيش المصري وإصابة أربعة آخرين، بحسب بيان للمتحدث العسكري المصري، منذ ساعات، كان كاشفًا بوضوح عن مَن يدير المشهد الإعلامي لصالح محور الشر التركي وحلفائه، إذ كانت شبكة “رصد” الإخوانية، هي المعلن الأول عن الحادث بتفاصيل صوتًا وصورة، ثم تناقلته مختلف الأبواق الإعلامية الإخوانية، وفي مقدمتهم قناة الجزيرة، وموقع عربي 21.

وأضاف عمرو فاروق في تدوينة له عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” أن عملية نقل الحادث بالصوت والصورة في لحظاته الأولى تؤكد معرفة العناصر التي قامت بتغطية الحادث الإرهابي بميعاد الهجوم، وهذه الأمور ليست بجديدة على جماعة الإخوان، وقناة الجزيرة (وفقًا لاعترافات مراسليها بتورط القناة بالمعرفة المسبقة لوقوع العمليات الإرهابية في مختلف دول العالم وليس مصر فقط).

ونوه بقيام الأجهزة الأمنية المصرية، في مايو 2020، بالقبض على  خلية “أفلام الجزيرة”، التي ضمت بين صفوفها عناصر إخوانية من مدينة بئر العبد، عملوا كمراسلين لقناة الجزيرة وعدد من المنصات الإخوانية في الخارج، وسعوا لإنتاج مجموعة من الأفلام الوثائقية عن المشهد الأمني في سيناء.

قبيل تنفيذ الحادث بساعات قليلة نشرت وسائل الإعلام الإخواني تقارير مصنوعة وموجهة حول الوضع الأمني في سيناء، سعت من خلالها الإيحاء والترويج بأن الأوضاع الأمنية في شمال سيناء غير مستقرة،  وأن الدولة المصرية تلقي بنظرها تجاه الغرب الليبي بعيدًا عن الشرق السيناوي.
https://www.youtube.com/watch?v=KojGLE2StJM

ربما يعجبك أيضا