الصراع ينتقل إلى الفضاء.. اتهامات متبادلة بين روسيا وأمريكا بشأن تطوير سلاح فضائي

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

أثارت روسيا غضب الغرب وأثارت مخاوف خطر نشوب حرب فضائية من خلال اختبار إطلاق سلاح مصمم لضرب الأقمار الصناعية المعادية، وبعد أن اتهمتها أمريكا وبريطانيا باختبار سلاح مضاد للأقمار الاصطناعية في الفضاء، اعتبرت روسيا الاتهامات “مجرد هجمات دعائية”، داعية للجلوس إلى طاولة الحوار.

اعتبرت روسيا اليوم أن اتهامات الولايات المتحدة وبريطانيا لها باختبار سلاح يمكن استخدامه لتدمير أقمار صناعية في الفضاء مجرد “هجمات دعائية”. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان: “ندعو زملاءنا الأمريكيين والبريطانيين لالتزام المهنية عوض شن هجمات إعلامية دعائية. ولنجلس على طاولة الحوار”.

تبادل الاتهامات

أكدت الخارجية الروسية، أن الاختبارات التي أجرتها وزارة الدفاع في 15 يوليو “لم تشكل تهديدا لمعدات فضائية أخرى، والأهم من ذلك أنها لم تنتهك أيا من قواعد أو مبادئ القانون الدولي”. واتهمت بدورها الولايات المتحدة وبريطانيا بأنهما “تصمتان بطبيعة الحال عن جهودهما الخاصة”، زاعمة أن الدولتين لديهما “برامج بشأن الاستخدام المحتمل لـ’أقمار التفتيش’ و’إصلاح الأقمار الاصطناعية’ كأسلحة مضادة للأقمار الاصطناعية”.

لكن قيادة قيادة الفضاء الأمريكية قالت: إن لديها “أدلة” على أن موسكو “أجرت اختباراً غير مدمر لسلاح مضاد للأقمار الاصطناعية في الفضاء” في 15 يوليو، وأوضحت القيادة في بيان صدر الخميس: “اختبار الأسبوع الماضي هو مثال آخر على أن التهديدات التي تتعرض لها أنظمة الفضاء الأمريكية والحليفة حقيقية وخطيرة ومتزايدة”.

ودخلت لندن على خط الاتهامات الموجهة لموسكو. وكتب رئيس مديرية الفضاء البريطانية نائب المارشال الجوي هارفي سميث على تويتر أنّ: “هذا النوع من الأعمال يهدّد الاستخدام السلمي للفضاء”.  

وسرعان ما علق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على الاتهامات الأمريكية والبريطانية قائلاً: إن روسيا تدعم “نزع السلاح بالكامل في الفضاء وعدم وضع أي نوع من الأسلحة في الفضاء”. 

لكن كريستوفر فورد، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للحد من التسلح قال: “يسلط هذا الحدث الضوء على دعوة روسيا المنافقة للحد من التسلح في الفضاء الخارجي”.

من جانبه شدد المفاوض الأمريكي بخصوص نزع السلاح النووي مارشال بيلينغسلي على أن السلوك الروسي “غير مقبول”، مضيفاً أنها ستكون “قضية رئيسية” ستتم مناقشتها الأسبوع المقبل في فيينا، حيث يجري محادثات بشأن خليفة معاهدة ستارت الجديدة. وتغطي المعاهدة الرؤوس النووية للولايات المتحدة وروسيا – القوتين العظميين في حقبة الحرب الباردة.  

جنرال أمريكي: نفاق روسي

في فبراير/ شباط، رصدت قوة الفضاء الأمريكية هذين القمرين الاصطناعيين الروسيين أثناء تعقبهما قمرا تجسسا أمريكيا، وهو السلوك الذي وصفه قائد قوة الفضاء جنرال جون “جاي” ريمون آنذاك بأنه “غير عادي ومقلق”.

وتوجد لدى قوة الفضاء الأمريكية أيضًا مخاوف جدية بشأن هذا الاختبار الصاروخي DA-ASAT الأخير. وقال ريمون -في بيان- “إن اختبار DA-ASAT الروسي يقدم مثالا آخر على أن التهديدات التي تتعرض لها أنظمة الفضاء الأمريكية وحلفائها، حقيقية وخطيرة ومتنامية”.

وأضاف: إن “الولايات المتحدة مستعدة وملتزمة بردع العدوان والدفاع عن الأمة وحلفائها ومصالح الولايات المتحدة ضد أي أعمال عدائية في الفضاء”.

وأوضح الجنرال ريمون أن “هذا الاختبار هو دليل آخر على النفاق فيما تطرحه روسيا من مبادرات ومقترحات للحد من التسلح في الفضاء الخارجي، في حين أن الهدف من تلك الخطوات فقط الحد من قدرات الولايات المتحدة مع عدم وجود نية واضحة لوقف برامج الأسلحة الفضائية الروسية المضادة. إن الفضاء أمر حاسم لجميع الدول وطريقة حياة في وقت يتزايد فيه الإقبال على أنظمة الفضاء في ظل جائحة كورونا، حيث تعد اللوجستيات العالمية وقدرات النقل والاتصالات مفاتيح للتغلب على الجائحة”.

تهديد ضد أمريكا

وقال جنرال ريمون: إن من مصلحة ومسؤولية جميع الدول الأعضاء في نادي الفضاء تقتضي “تهيئة ظروف آمنة ومستقرة ومستدامة من الناحية التشغيلية للأنشطة الفضائية، بما في ذلك الأنشطة التجارية والمدنية والأمن القومي”.

وفي فبراير، كان الإعلان عن رصد ما بدا كمطاردة من الأقمار الاصطناعية الروسية للقمر الاصطناعي الأمريكي للتجسس، هو أول مرة يكشف فيها الجيش الأمريكي علنًا عن تهديد مباشر محدد من دولة أخرى إلى قمر صناعي أمريكي.

كما يعد الاختبار الأخير لنظام DA-ASAT، كما وصفه جنرال ريمون، تهديدا آخر للأنظمة الفضائية الأمريكية وأقمارها الاصطناعية في مدار الأرض المنخفض.

وفيما تشكل الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية تهديدًا غير مباشر أيضا للأقمار الاصطناعية الأمريكية، فإن الحطام المداري، أو ما يطلق عليه “القمامة الفضائية”، من المركبات الفضائية التالفة والمدمرة يمكن أن يصطدم بالأقمار الاصطناعية الأخرى في المدار.

وعلى سبيل المثال، أطلقت الهند اختبارًا مضادًا للأقمار الاصطناعية في مارس/ آذار 2019، نتج عنه ما لا يقل عن 60 قطعة كبيرة من الحطام المداري، الذي قالت ناسا إنه ربما يكون قد اصطدمت أجزاء منه بمحطة الفضاء الدولية، مما يعرض حياة رواد الفضاء للخطر.

تم إنشاء قوة الفضاء الأمريكية، التي خصصت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مبلغ 15.4 مليار دولار كميزانية مقترحة لها عام 2021، بشكل جزئي لحماية الأصول الأمريكية الفضائية. وقد تعاظمت قيمة الأقمار الاصطناعية والتكنولوجيا في مدار الأرض المنخفض مع تقدم التكنولوجيا واعتماد البلدان بشكل متزايد على استخدام تكنولوجيا الفضاء في أغراض الأمن القومي.

وأصبح هذا المجال وثيق الصلة بالولايات المتحدة بشكل خاص، حيث تواصل كل من روسيا والصين تطوير برامجهما وقدراتهما الفضائية في مدار منخفض حول الأرض.

ويواصل المسؤولون الروس الترويج لجهود تطوير التكنولوجيا العسكرية المتقدمة الروسية، ومن بينها تطوير أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، علاوة على إنتاج طوربيد نووي بقدرة 100 ميغا طن.
 

ربما يعجبك أيضا