كتب – د محمد عبدالدايم
في يونيو الماضي نشر معهد دراسات الأمن القومي تقريرًا حول الصراع السايبراني بين إسرائيل وإيران، وتناول كاتبا التقرير دافيد سيمان طوف وصموئيل إيفن حوادث الهجوم السايبراني على البنى التحتية المدنية، باعتباره تطورًا كبيرًا في مراتب الصراع بين إسرائيل وإيران، رغم أن مثل هذه الهجمات ليست جديدة، لكنها أصبحت مؤخرًا موجهة ضد الأهداف المدنية الحيوية، وتتسبب بفوضى كبيرة.
رغم الرد الرسمي على الحوادث؛ فقد خرج جواد كريمي القدوسي، عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني والعضو السابق بالحرس الثوري، ليصرح بأن انفجار نطنز الذي وقع في الثاني من يوليو نتج عن “خرق أمني”، ولم يفسر تصريحاته بشكل واضح، لكنه اعتبر أن هذا الخرق يبدو من الداخل، حيث لم تظهر شظايا أو علامات تشير إلى أن الموقع تعرض لضربة من الخارج.
النفي، المتواري، من إسرائيل عن مسئوليتها جاء على لسان وزير الخارجية جابي أشكنازي، الذي صرح بأن إسرائيل “تتخذ إجراءات لا يجب التصريح عنها، فيما قال وزير الدفاع بيني جانتس: “ليست كل حادثة تقع في إيران تكون مرتبطة بإسرائيل”.
بالتوازي مع الحوادث “الغامضة” والهجمات على مواقع إيرانية، استمرت إسرائيل في تنفيذ غاراتها الجوية على مواقع سورية تتمركز بها قوات تابعة لإيران، في القنيطرة ودرعا وحلب ودير الزور وحماة ودمشق، ما أسفر عن مقتل العشرات من أفراد القوات الإيرانية، وتدمير مستودعات أسلحة وذخيرة، حيث تستمر إسرائيل في تنفيذ غارات جوية تجهض الوجود الإيراني في سوريا شمالا.
من بين عوامل التفوق الإسرائيلي على إيران مؤخرًا إطلاق القمر الصناعي أوفيك 16، الذي أطلقته إسرائيل مؤخرا، وهو ليس أول أقمارها الصناعية المسماة بـ”أوفيك” (أُفُق)، وكان آخر الأقمار التجسسية التي أطلقتها إسرائيل هو أوفيك 11 في عام 2016، وأطلقت أول أقمارها الصناعية إلى الفضاء عام 1988.
القمر الجديد نتاج مشروع مشترك بين قسم الفضاء بوزارة الدفاع الإسرائيلية وبين شركة صناعات الفضاء، ويتيح ميزات كبيرة لإسرائيل، حيث يمنحها قدرة على مراقبة الشرق الأوسط بأكمله، حيث يتمتع بقدرات الاستطلاع البصري الإلكتروني، ويرصد ما يجري على الأرض بدقة، ونقلت مصادر عن الجيش الإسرائيلي إن القمر أوفيك 16: “يمنح إسرائيل قدرات استخباراتية كبيرة تضاهي قدرات الدول العظمى”.
في إطار المواجهة المستعرة بينهما، وبالتوازي مع التطوير الإلكتروني، تتحرك إسرائيل للترويج الدعائي لقدراتها بإطلاق المسلسل الجديد المُسمى “طهران”، الذي بدأت قنات كان 11 في بثه منذ أسابيع، ويُعرض كذلك حصريا على منصة “أبل تي في بلاس” (Apple TV )، كما أن قناة كان بثت 4 حلقات من المسلسل على موقعها بالعربية.
المسلسل الإسرائيلي تؤدي فيه دور البطولة الممثلة الشابة نيف سلطان، باسم تمار رابنيان، ودرست اللغة الفارسية قبل تأديتها دور يهودية من أصل إيراني تدخل طهران لتنفيذ مهمتها، ثم تقع في حب شاب إيراني معارض للسلطات ومؤيد للديمقراطية، ويشارك في المسلسل ممثلان من أصل إيراني.
يقدم المسلسل دعاية متوهجة للتفوق الإسرائيلي، الاستخباراتي والعسكري، حيث ينجح الموساد في اختراق الجانب الإيراني، وتتحرك العميلة بثقة، معتمدة على ملامحها الشرقية ولغتها الفارسية الجيدة، لتضع إسرائيل في قلب طهران، وتظهر إيران في المسلسل بؤرة ديكتاتورية بمشهد افتتاحي لإعدام في ميدان عام، ومشاهد أخرى توضح الفقر والأزمات الاجتماعية الكبيرة الناتجة عن السلطوية الحاكمة.
من المؤكد أن فصولا أخرى من الصراع الإسرائيلي الإيراني لم تبدأ بعد، وكل يوم يأخذ هذا الصراع شكلًا جديدًا، سواء من خلال تطوير التسليح، أو المنافسة الإلكترونية والهجمات السايبرانية، أو الضربات المتبادلة، أو على مستوى تجديد الخطاب الموجه للداخل، أو للخارج، وفي حين تدفع إسرائيل نحو تكثيف الضربات الاستباقية لإيران؛ يبدو أن الأخيرة تحاول الخروج من مآزقها السياسية الداخلية والخارجية، وأزماتها الاجتماعية والاقتصادية، ويمكن أن يكون صدى أي هجوم مضاد لإسرائيل هو المفتاح الذي تبحث عنه طهران لتبييض وجهها.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=327743