بالدعاء والدموع.. “تويتر” العرب يبكي طبيب الغلابة

ياسمين قطب

رؤية – ياسمين قطب 

“عاش فقيرا ورحل بسيطا”.. بتلك البساطة قضى الدكتور المصري محمد مشالي حياته التي بدأها فقيرا، ورحل منها فجأة دون مقدمات وبمنتهى البساطة، رحل إلى ربه بحمل خفيف، ليس على ظهره هموم دنيا، وغير آبه بمال ولا كنوز.

“طبيب الغلابة”.. هكذا كان لقبه، بسبب تضحياته واهتمامه اللامتناهي بالبسطاء والفقراء، ولم يبخل عليهم بعلمه وماله ووقته وصحته.

ولد الفتى الصغير لأسرة بسيطة فقيرة في قرية تابعة لمركز “إيتاي البارود” في محافظة “البحيرة” بمصر، وعاش معاناة مع مرض والده الذي احتاج إلى إنفاق الكثير، إلا أن الأب قرر التضحية بعلاجه وتحمل المزيد من الأمل كي ينفق آخر ما يدخر على تعليم ابنه “محمد” في كلية الطب.

واشتد المرض على الأب، حتى خارت قواه، وأعلن جسده الاستسلام، فأوصى ولده بألّا يأخذ المال من المرضى المحتاجين، وأن يجعل جزءا من عمله صدقة لكل فقير.

ومرت السنوات، ونخرج الطبيب بتفوق، وتخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، وفي عام 1975 افتتح عيادته الخاصة في طنطا، وظل لسنوات طويلة يخصص قيمة كشفه الطبي في عيادته بـ5 جنيهات، وزادت إلى 10 جنيهات مؤخرا، وغالبا ما يرفض تقاضي قيمة الكشف من المرضى الفقراء، ويعطيهم أيضا الدواء.

وتم تعيينه بالقطاع الريفي بمحافظة الغربية، لكونه مقيما وقتها بمدينة طنطا، وتنقل بين الوحدات الريفية، وتم ترقيته لمنصب مدير مستشفى الأمراض المتوطنة، ثم مديرا لمركز طبي سعيد حتى بلغ السن القانونية للمعاش عام 2004″.

وبكى طبيب “الغلابة” حين تذكر واقعة تعيينه في إحدى الوحدات الصحية بمنطقة فقيرة، قائلا: “جاء لي طفل صغير مريض بمرض السكر وهو يبكي من الألم ويقول لوالدته أعطيني حقنة الأنسولين، فردت أم الطفل لو اشتريت حقنة الأنسولين لن نستطيع شراء الطعام لباقي اخواتك.. لا زلت أتذكر هذا المواقف الصعب، الذي جعلني أهب علمي للكشف على الفقراء”، مؤكداً أن كشفه يبلغ 5 جنيهات وأحيانا لا يقبل ثمن الكشف من المرضى غير القادرين، ويقدم لهم الأدوية.

في رمضان الماضي كان للطبيب موقف إنساني مع الشاب الإماراتي “غيث” الذي يجوب المشرق تقديما ليد العون والمساعدة لكل محتاج، وعرض “غيث” على طبيب الغلابة شراء عيادة جديدة له بدل تلك القديمة في الحي الفقير، فرفض الطبيب رفضا قاطعا، وقال إنه قادر على شراء عيادة أخرى، لكنه سيظل هنا موضحا: “أنا مش هنتقل من هذه العيادة إلى أن يتوفاني الله.. دي في منطقة شعبية.. وهنا الناس غلابة.. وأنا بخدم الغلابة”.

وأضاف الدكتور مشالي: “والدي أوصاني بالفقراء خيرًا، وأنا مش عايز عربية 10 أمتار ولا عايز بدلة بمليون و10 آلاف، أنا زاهد، أنا أي حاجة بتكفيني، سندويتش فول وسندويتش طعمية بيكفيني”.

وكان الطبيب القدوة على موعد مع ربه صباح اليوم الثلاثاء 28 يوليو 2020، بعد هبوط مفاجئ في الدورة الدموية، ليفي بعهده الذي قطعه على نفسه أمام الله، بأن يخدم الفقراء والمحتاجين ما ظل واقفا على قدميه ويستطيع تقديم العون”.

وأعلن نجله رحيله، ومنذ اللحظة الأولى التي علم بها الناس وفاته، ضحت مواقع التواصل الاجتماعي ببكاء ونحيب ودعاء كبير لطبيب “الغلابة”، ولم يقتصر الحزن على المصريين فقط، بل عم أرجاء الوطن العربي، ودشن نشطاء “تويتر” هاشتاجا باسمه، تصدر خلال ساعات كافة وسوم الوطن العربي، شاقا طريقه نحو الترند العالمي.

ونعى الفقيد الشيوخ والساسة والمشاهير والأطباء والعامة، كيف لا وهو من علم الجميع درسا في الإنسانية والتفاني والزهد، ومن أبرز من نعوه: 


ربما يعجبك أيضا