في زمن “العرفي” بهولندا.. مطلقات بلا مأوى وأبناء بلا نسب

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

لا تتعجب عندما تسمع عن انتشار الزواج العرفي بين أبناء المجتمعات العربية في هولندا من كافة الجنسيات، والزواج العرفي أو بمعنى أكثر وضوحا زواج غير رسمي وغير معترف به من الجهات الحكومية الهولندية والذي يتم بمجرد الذهاب للمأذون لعمل عقد زواج، يطلق عليه زواج إسلامي ولكنه غير موثق من الجهات القانونية لضمان حقوق الزوجة، والجهات الرسمية الحكومية المقصودة هنا بلدية دولة الإقامة، والجهات القانونية أو السفارة التابع لها المقيم والتي تشترط أيضا عقد زواج هولندي.

ولا تتعجب أيضا عندما تسمع عن قضايا إثبات نسب وطلب نفقة وغيره في كثير من المحاكم الهولندية، وبالتالي حقوق تضيع ونساء بلا مأوى لا يمتلكن ثمن المسكن ويعيش بعض منهن في بيت مطلقات أو حتى دار مأوى للمشردين ، ودائما نجد أطفالًا ضحايا سوء تصرف الاختيار الخاطئ.

الأسباب متعددة منها، على سبيل المثال وبالنسبة للفتيات ارتفاع معدل العنوسة، مما يجعل بعض الأسر أن تضطر إلى قبول عريس بدون إقامة رسمية وبالتالي يكون الزواج في مسجد محدد يقبل بعمل عقد زواج عرفي لا يشترط الزواج الهولندي، وذلك  لأن القانون الهولندي يشترط على المساجد الاطلاع أولا على العقد الهولندي الرسمي الموثق من الجهات القانونية الرسمية بالبلاد، حتى يضمن حقوق الزوجة والأبناء قبل عقد الزواج الإسلامي، أو أن يكون هناك عقد زواج رسمي إسلامي في بلد المولد موثق من الجهات الرسمية  القضائية، ومترجم ويقدم للجهات الهولندية تعتمده ووقتها تعترف به وبحقوق الأسرة، وفي المقابل هناك شباب عاش حياته في بلد المهجر ولكنه غير موافق على مساحة الندية ولا يؤمن بحقوق المرأة وأن في هولندا مساواة بين الجنسين وبالتالي الزوجان يتحملان المشاركة في كافة  المصاريف ولهما وعليهما نفس الحقوق، والبعض يجد صعوبة في  ذلك، ويفضل أن يحضر بنتًا من بلده الأم تكون مطيعة تقول نعم وحاضر ولا تناقش ولكن بحضورها ومجرد معرفتها بحقوقها تختلف تصرفاتها من وجهة نظره وتكون مثلها مثل أي فتاة نشأت في هولندا، وبالتالي يبدأ في التملص وإهدار حقها  وخاصة إذا كانت وحيدة وأهلها في بلد أخرى، وتلجأ للمحاكم. 

ومن اسباب العرفي أيضا من يفضل انفصال الذمة المالية بين الزوجين، باعتبارها وسيلة تضمن أنه في حالة حدوث ضرر لطرف منهما، مثل إعلان إفلاسه أو مشاكل مع الضرائب ، لا يتأثر الآخر بذلك ويكون مهددًا بالتعرض للمشاكل، وهناك بالفعل العريس الذي لا يمتلك أوراق الإقامة أو مشغول بعمله بطريقة ما، ولا يجوز له أن يتزوج بشكل رسمي من أخرى إلا بعد الانتهاء من إجراءات الإقامة الرسمية، وغيره من الأسباب.

مطلقات وفرصة ثانية للاستقرار المشروط

المطلقة أو الأرملة التي تبحث عن فرصة ثانية للزواج ولكن دون أن تعلن عن ذلك بشكل رسمي حتى لا تفقد راتبها الشهري من الحكومة، وهناك نماذج كثيرة ومتعددة ممكن أن تتزوج  وتتطلق أكثر من مرة بنفس الطريقة حتى تجد الزوج المناسب، وإذا كان هذا  حقها  من وجهة نظرها، فأين إذاً حق الأبناء، والأم كل فترة تخرج عليهم بزوج جديد وتعرفهم به على أنه شريك العمر المستقبلي وزوج المرحلة، ولا شك أنها مشكلة كبيرة  تعرض الأطفال لحالة من الاضطرابات النفسية وأيضا فقدان الثقة في الشعور بالاستقرار العائلي، وبالتالي يتعرض الطفل لمشاكل كثيرة وتتحول تصرفاته للعنف وعدم الثقة، ونفس السيناريو يحدث مع كثير من الرجال،ونحن لا ندين أحد ونتفهم رغبة المرأة او الرجل في البحث عن الشريك  المحترم الفاضل الذي يحقق حياة كريمة للطرف الآخر ومعه.

وإن كان هناك أسر كثيرة تتحمل كافة أنواع المشاكل بحثا عن السعادة الأسرية واحتواء الأبناء، والمشكلة الأكبر أن الأطفال نتاج  الزواج العرفي،  للمطلقات والأرامل في معظم الأحيان  تسجل باسم الأم حتى لا تخسر فلوس الحكومة، ولكنها وللأسف لا تفكر أنه مخالف للشرع  والثقافة العربية أن ينسب الطفل لغير أبيه، ولكن المشاكل دائما ليست في الحسبان، وللأسف هذه الظاهرة منتشرة في المجتمعات العربية بشكل كبير .
  
فاتورة العرفي تتحملها دائما الفتيات

بنات زمن العرفي هي التي تتحمل دفع فاتورة العرفي وتحاسب على المشاريب، فهي ضحية لعريس تعتقد انه هدية من السماء أو فرصتها لبداية حياة جميلة ومستقرة وبعد ذلك تكتشف أن هذا الزواج سيف سلطته بيدها على رقبتها، لا تجد ضمان واحد يمكنها من حياة كريمة لا سكن خاص ولا أبناء تنسب للاب ولا أى شيء، المستقبل يتحول إلى ظلام ومستقبل تعس، ومشوارها مع المحاكم طويل، وبالنسبة للاسرة كل ما تفعله محاولة احتواء البنت لو كان هناك إمكانية تحمل تكاليفها هى ومن معها من أبناء

الملف الأصعب و المستعصي للأسر العربية

لعله من الملفات المستعصية والشائكة بالنسبة للعرب بهولندا، والسبب الرئيسي فيه إهمال أو تجاهل القوانين والإجراءات التي تلزم الطرفين الهولندي والعربي على التعاون في حالة الزواج الإسلامي في السفارة أو في المساجد الرسمية، والتي تلزم وتشترط أن يكون هناك أولا عقد زواج من بلدية هولندية، حتى يكون زواجًا رسميًا متكامل الأركان، لإثبات صحة الزواج والنسب بالنسبة للأطفال في المستقبل و أيضا لضمان حقوق الزوجة، والدولة الهولندية حريصة على مصلحة المواطنين وأبناء الجالية العربية والإسلامية ومن هذا المنطلق فهي تطالب المؤسسات والمنظمات عقد لقاءات واجتماعات وندوات لتوضيح كافة الحقائق، وعلى أن يتم ذلك بمشاركة منظمات حقوقية وجمعيات مصرية وعربية وهولندية.

ولكن من المصداقية أن نؤكد أن كثير من الفتيات وربما الشباب أيضا، يفتقد القدرة ولا يتمتع بالوعي والنضج الكافي لتحمل وفهم اهمية الزواج ومتطلباته وأنها علاقة تعني الكثير، ولذلك لابد من ان نعلم أبناءنا كيفية اختيار شريك العمر وأنها مسؤولية مشتركة بين طرفين اختار كل منهما الآخر ، عن حب واحترام وان هناك معايير يجب أن تتوفر وإلا الحياة تتحول إلى كابوس،  وأن الزواج رباط مقدس وليس لعبة أو قضاء وقت سعيد لفترة.

هولندا تطالب السفارات والمنظمات والمؤسسات أن تتحمل مسؤوليتها، لحماية جيل كامل من الفتيات مستقبلهم مظلم، بسبب اختيارات خاطئه تبني على مصالح او خوف من كابوس العنوسة، ولا شك أن النهاية لن تكون مرضية لأحد.

وللأسف الوضع يزداد سوءًا لأن معظم الفتيات والشباب الان يفضلون لقب عانس أو عانسة عن زواج تعيس. ولا أحد يعلم مسؤولية من، ولماذا يفشل الشاب أو الفتاة في اختيار نصفه الآخر ويذهب للبحث عنه في بلد خارج هولندا.

خدعة للإقامة أم  وسيلة لإنكار للزواج

تقدمت امرأة سورية إلى محكمة شمال أمستردام  بطلب للطلاق من زوجها منذ فترة طويلة، وقد ذكرت أن الزواج قد بات من المستحيل استمراره، وتقدمت بطلب فرعي للمحكمة بالزام الزوج دفع نفقة مبلغ 250 يورو شهريًا لطفلها القاصر “المولود”.

لكن قبل إجراء تقييم طلب المرأة للحصول على الطلاق ، يجب الإجابة على سؤال أولي ، وهو ما إذا كان الزواج قد تم بين الزوجة والزوج والذي جرى إبرامه في سوريا قانونيا.

فقط بعد الإجابة على هذا السؤال يمكن النظر في طلبات المرأة.

وقد قالت ، بعد سؤال المحكمة ، إنه من المستحيل عمليا أن تحصل على شهادة الزواج الأصلية من سوريا. علما بأنه قد تم منح تصريح الإقامة بهولندا للمرأة اعتبارًا من 10 مايو 2016 ويسري حتى 10 مايو 2021.

في أول مقابلة مع الهجرة قالت فيما يتعلق بالزواج، أنها وزوجها ، …] ، قد وكلا محاميا ولم تكن هي نفسها حاضرة في حفل الزفاف لأنها كانت في اليونان في ذلك الوقت.

وقد تم إبرام عقد الزواج في سوريا، لا تعرف المرأة أي شهود كانوا حاضرين، ولكن والدها كان حاضرا. من بيان التسجيل الأساسي للبلدية، تبين أن الرجل أي الزوج قد وصل الى هولندا يوم 10 نوفمبر 2014، وأنه يعيش في عنوانه بالبلدية منذ 5 أكتوبر 2015. حالته الزوجية هي: غير متزوج / لا شراكة مسجلة.

في جلسة الاستماع ذكر الرجل، عندما سئل من قبل المحكمة، أنه لم يوكل محام لإبرام عقد الزواج، وأنه لم يمنح هذا الترخيص.

بعد أن جاءت المرأة إلى هولندا ، سمع أنها قد أخبرت الـ IND بأنها متزوجة منه، وحتى ذلك الحين، لم يكن على علم بوجود زواج!!

بموجب القانون السوري، للزواج بين المسلمين يجب موافقة محكمة المنطقة على الزواج، ويتم إجراء عقد الزواج من قبل المحكمة وإرساله بعد ذلك إلى مسؤول في السجل المدني، يتم تسجيل الزواج في إدارة الأحوال المدنية في المنطقة التي تم فيها الزواج (المادة 45 SLPs)، وتبين نسخة “صك الزواج” التي قدمتها المرأة أن مراسم الزواج جرت دون حضور الزوج والزوجة وأن محاميْن أتما العقد كممثلين عنهما.

وترى المحكمة أنه ، في ضوء ما ذكرته المرأة، وما أعلنه الزوج بجلسة الاستماع، بأنه لم يوكل محاميا ولم يمنح الإذن لإجراء عقد الزواج، فيكون بذلك لم يتم أي زواج قانوني بين الطرفين.

وعليه، تعلن المحكمة عدم صحة طلب المرأة بالطلاق بين الطرفين، كما رفضت طلب النفقة 250 يورو. المصدر: القضاء في هولندا.

السفارة المغربية تعترف سوء الاختيار وراء زيادة نسب الطلاق

وفي تحقيق نشر بصحيفة هسبريس المغربية اعترف في لقاء إعلامي  للصحفية (المأذون) بالقنصلية العامة للمملكة المغربية بأمستردام، السيد عبد السميع المتوكل،  “إن الطلاق في الآونة الأخيرة عرفت وتيرته تصاعدا كبيرا بين أوساط الجالية.وأوضح أنه من المؤسف أن بعض الزيجات لم تدم سوى بضع أشهر” يقول المتوكل.

“إن ما يثير تعجبي، يضيف عبد السميع هو أن البنات هنا في هولندا يتزوجن عن طيب خاطر وبدون أدنى إكراه، على غرار بعض الحالات في المغرب، هذا إلى جانب أنهن يعشن في بلاد الحرية واحترام الاختيار،  ومع ذلك الطلاق موجود وبقوة وخاصة بين صغار السن من الشباب الذين لم يترسخ بعد مفهوم الزواج الحقيقي في أذهانهم”.

وأضاف يمكن القول إذن أن عدم الإطلاع الكافي على ثقافة الآخر وخصوصا بين الزوجين من هنا أو من هناك يمكن أن يسبب في الطلاق. لأنه نمط العيش الذي يعرفه مغاربة الخارج غيره بالداخل. وأن التربية ونظرة الفتيات للزواج هنا بهولندا يختلف عن نظرته في المغرب.
 

ربما يعجبك أيضا