تركيا تواصل قمع الحريات.. البرلمان يقر قانونًا للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي 

رغم تخوف المنظمات غير الحكومية واتهامهم السلطات التركية بالتضييق على الحريات، أقر البرلمان التركي يوم الأربعاء قانونا مثيرا للجدل يوسع الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي، وكان مشروع القانون قد قُدم من قبل حزب الرئيس رجب طيب أردوغان “بهدف وقف الإهانات على الإنترنت”، فيما اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن “هذا القانون ينذر بفترة قاتمة للرقابة على الإنترنت”.

صوت البرلمان التركي الأربعاء لصالح مشروع قانون يوسع رقابة السلطات على شبكات التواصل الاجتماعي بحسب ما أوردت وكالة أنباء الأناضول، وهو نص مثير للجدل يثير قلق المدافعين عن حرية التعبير. 

قانون ديكتاتوري  

يفرض القانون على أبرز شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، التي يستخدمها الملايين يوميا، أن يكون لها ممثل في تركيا والانصياع لأوامر المحاكم التركية التي تطلب سحب مضمون معين، تحت طائلة التعرض لغرامة مالية كبرى. 

كما يتعين على عمالقة الشبكة أيضًا تخزين بيانات مستخدميهم في البلاد في تركيا. في حالة عدم الامتثال لهذه الالتزامات، سيتم تخفيض حاد في عرض النطاق الترددي وفرض غرامات. 

وأثار الإعلان عن مشروع القانون هذا قلق العديد من مستخدمي الإنترنت وأطلقوا حملة في الأسابيع الماضية التي تم التعبير عنها بوسم “ارفع يدك عن شبكتي الاجتماعية”. 

وبحسب حزب الرئيس التركي “حزب العدالة والتنمية” فإن هذا القانون يهدف إلى وقف الإهانات على الإنترنت. وتم عرض النص بعد استهداف ابنة أردوغان وصهره بالإهانات على تويتر. 

لكن المطالبين بحرية التعبير يتهمونه بمحاولة تكميم وسائل التواصل الاجتماعي، وهي إحدى المساحات القليلة التي لا يزال يمكن فيها سماع الأصوات الناقدة في تركيا.  

“إهانة الفخامة” جريمة 

ووفقًا للحكومة التركية، فإن العذر الرئيسي هو منع انتهاك الحقوق الشخصية في الشبكات الاجتماعية والمنصات في المستقبل، ويقول موالون للرئيس إن الدافع وراء إطلاق هذه المبادرة التشريعية، كان بعد أن أعلنت ابنته إسراء أردوغان وزوجها بيرات البيرق الذي يشغل منصب وزير المالية ولادة طفلهما الرابع على تويتر وانهالت عليهما الإهانات من العديد من المستخدمين الأتراك الغاضبين من الوضع المعيشي.

وقال الرئيس التركي غاضبًا وهو يخاطب الشعب التركي ومعلنًا القيود: “هل تفهمون الآن لماذا نحن ضد يوتيوب وتويتر ونيتفليكس وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي؟ لأننا نريد وضع حد لهذا التصرف اللاأخلاقي”. 

رفض حقوقي 

لكن هذا القانون يثير قلق العديد من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي ومنظمات غير حكومية تتهم أردوغان بالسعي إلى السيطرة على هذه الشبكات. 

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الإثنين إن “شبكات التواصل الاجتماعي تمثل أهمية كبرى بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يستخدمونها للاطلاع على المعلومات. وهذا القانون ينذر بفترة قاتمة للرقابة على الانترنت”.

وتراقب السلطات التركية تويتر وفيسبوك عن كثب، ويستند العديد من الدعاوى القضائية القائمة على أساس “إهانة رئيس الدولة” أو “الدعاية الإرهابية” فقط إلى تغريدة واحدة أو بضع تغريدات. 

وتشعر المنظمات غير الحكومية بالقلق من تراجع حرية التعبير في تركيا، وزيادة السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تحد أيضاً من وصول الأتراك إلى المعلومات المستقلة أو التي تنتقد السلطات، في مشهد تهيمن عليه وسائل الإعلام الموالية للحكومة.

وفي أحدث “تقرير للشفافية” أعدته تويتر كانت تركيا في النصف الأول من عام 2019 على رأس البلدان التي طلبت إزالة محتوى من الشبكة الاجتماعية مع أكثر من ستة آلاف طلب.  

الحقوق الشخصية مجرد عذر؟

من جانبهم، يرى خبراء تقنية المعلومات أن القانون الجديد هو اعتداء على حرية التعبير والصحافة، فالأمر لا يتعلق الأمر بمنع الإهانات والاعتداءات على الحقوق الشخصية، إذ يجب أن يسهل القانون مراقبة المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، كما إن المنصات المتأثرة هي مصدر إخباري شائع ومهم بين الأتراك. 

ويواجه المسؤولون الحكوميون هذا الانتقاد بوجود تشريع مماثل في دول ديمقراطية مثل ألمانيا، ووصف أردوغان المشروع بأنه “النموذج الألماني”؛ مشيرًا بذلك إلى قانون إنفاذ القانون على الشبكة (NetzDG) الذي دخل حيز التنفيذ في ألمانيا في عام 2017 من أجل “تعزيز تطبيق القانون في وسائل التواصل الاجتماعي” حيث تم تشريع هذا القانون نظرًا للانتشار المتزايد لجرائم الكراهية والمحتويات الإجرامية الأخرى التي لم تعد محمية بموجب حرية التعبير، ويتم إزالتها على الفور.

ربما يعجبك أيضا