حرب إلكترونية.. لماذا تزيف موسكو أخبارًا حول كورونا في أوروبا

مراسلو رؤية

رؤية

ولأن الحروب الإلكترونية هي المسار الأساسي للصراعات بين الدول في الفترة الراهنة، حيث سهولة تدشينها وتنوع أدواتها بداية من “تهكير” المواقع الرسمية إلى التضليل الإعلامي حول القضايا المحلية لجعلها تسير ضمن خطط المعتدي. وتعد موسكو من أولى الدول اليوم في استخدام الحروب الإلكترونية لاستعادة موقعها الدولي في محاولة لإضعاف الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وكذلك الدور القيادي للولايات المتحدة.  

تشير مصادر استخباراتية ودراسة أجريت حديثاً إلى محاولة روسيا زعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية والاتحاد الأوروبي من خلال ترويج مستهدف لأخبار زائفة حول فيروس كورونا.

في أعقاب الخوف من وباء كورونا، انتشر وباء من نوع آخر يمكن تعرفيه بـ”وباء التضليل الإعلامي”. منذ اكتشاف الفيروس التاجي الجديد “سارس كوف-2”  (SARS-CoV-2)، انتشرت نظريات المؤامرة والتقارير الكاذبة والشائعات بشكل واسع.

وبنفس تأثير الفيروس الحقيقي، يؤثر “وباء التضليل الإعلامي” على البشر ويمكن أن تكون له عواقب وخيمة أيضاً. لكن مؤخراً بدأ يتضح الحجم الحقيقي لهذا الوباء الذي يتغذى على أنصاف الحقائق والأكاذيب، وبات الكشف عن هوية الجهات التي تقف خلف انتشاره ممكناً.

تفكيك بروكسل

منذ تفشي الفيروس، اشتد الصراع حول الانفراد بالتأثير والهيمنة على المنصات الرقمية، كما أن الوباء هو أرض خصبة للتضليل الإعلامي والهدف هو تقويض وإضعاف الاتحاد الأوروبي.

وتتنوع أشكال المعلومات الرقمية المضللة، فمنها ما يهدف إلى زرع انعدام الثقة في النظم الصحية وتصوير صانعي القرار السياسي في صورة مؤسسات ديمقراطية ضعيفة وأوروبا في صورة اتحاد مفكك.

 في بعض الأحيان تستخدم البيانات والحقائق خارج سياقها الأصلي ووضعها ضمن سياق آخر، أو نقل أكاذيب خرقاء. كلا الخيارين لديه القدرة على بث الشكوك وحتى تعريض حياة الإنسان للخطر.

التضليل الإعلامي

عقب انتشار تقارير كاذبة تحدثت عن علاقة شبكات الجيل الخامس للاتصالات بظهور كوفيدـ19، تعرضت شبكات الهاتف الخلوي للتخريب في كل من بلجيكا وبريطانيا وهولندا. 

تعد منطقة البلقان إحدى المناطق المتضررة، ويعتقد أن الفاعلين في الدعاية الروسية يحاولون هناك خلق حالة من عدم اليقين ومنع الانضمام المقرر للاتحاد الأوروبي. لا توجد أدلة واضحة على مدى فعالية طرق الدعاية، ولكن هناك بعض المؤشرات. في دراسة حديثة، تمكن باحثون من جامعة أكسفورد من الكشف عن دور كبير للقنوات الحكومية ووسائل الإعلام الروسية.

جهات مجهولة

وفقًا للباحثين من أكسفورد، فإن وسائل الإعلام الحكومية الروسية تبث تقارير مكثفة بشكل خاص حول الاحتجاجات المناهضة لفيروس كورونا ونظريات المؤامرة. في حين تؤكد وسائل الإعلام الحكومية الصينية والتركية مزاعم بان بلديهما تتعامل بشكل مثالي إعلاميا في تناول الوباء. كما أظهر البحث أيضاً أن قناة HispanTV، وهي القناة الناطقة باللغة الإسبانية التابعة للتلفزيون الحكومي الإيراني “IRIB”، قد استخدمت الوباء من أجل توسيع انتشار الأصوات الناقدة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي المقابل هناك أيضاً هجمات من جهات غير معروفة أو لا يمكن التعرف عليها بسهولة.على سبيل المثال  تقوم المواقع الإخبارية مثل InfoRos وInfoBrics.org وOneWorld.Press بنشر معلومات حول الفيروس التاجي، تستقي مصادرها من المخابرات العسكرية الروسية GRU، بحسب ما يقول مسؤولون حكوميون أمريكيون،

من جهتها تحدثت تقارير من صحيفة نيويورك تايمز ووكالة أسوشيتد برس للأنباء بالاستناد إلى معلومات من أوساط المخابرات الأمريكية عن أن عملية انتشار المعلومات الكاذبة على هذه المنصات يقف خلفها شخصان يفترض أنهما على صلة بالمخابرات العسكرية الروسية. الأمر الذي من شأنه خلق ارتباك قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقبة في نوفمبر. واعتبرت التقاريرهذا الأمر تطوراً آخر للدعاية الروسية التي تم استخدامها في الحملة الانتخابية الأمريكية لعام 2016. 

تختلف الدعاية الروسية الحالية اختلافاً جوهرياً عن الأسلوب السوفييتي القديم، وبدلًا من ترويج الإيمان بالتقدم الشيوعي، تحاول حملات التضليل اليوم تقويض الثقة في الحل العقلاني للمشاكل”، كما يقول المحلل الإعلامي الروسي أندريه أرخانغيلسكيغ، الذي يعتقد أن “هذه ليست مجرد محاولة لتشويه سمعة الديمقراطيات”، بل رغبة لدى الكرملين في “الانتقام من الديموقراطيات بسبب فشل المشروع السوفييتي”. وأضاف أن المرء يمكنه إيجاد تفسير للكثير من الأخبار الزائفة لو فكر في هذا الدافع.

ربما يعجبك أيضا