باختيار كامالا هاريس.. بايدن يستدعي “الحلم الأمريكي” لمواجهة ترامب

ولاء عدلان
كتبت – ولاء عدلان

بعد أشهر من التكهنات، أعلن مرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن، أمس الثلاثاء، اختياره لـ”كامالا هاريس” لتكون  نائبته في انتخابات نوفمبر 2020، في خطوة يُعتقد أنها ستعزز فرصه في هزيمة الرئيس دونالد ترامب، وسط سباق رئاسي يهين عليه تحدي كورونا وغضب شعبي يتعلق بحقوق الأقليات العرقية.

هاريس 55 عاما سيدة متعددة الجنسيات، فقد نشأت كطفلة لاثنين من اللاجئين، ولديها تاريخ من العمل السياسي تحت لواء الحزب الديمقراطي، وتعد أول امرأة من ذوي البشرة غير البيضاء ومن أصول آفرو آسيوية تنال بطاقة ترشح رئاسي لحزب كبير، ما يجعلها رسالة جيدة من بايدن لحملة “حياة السود مهمة” وجميع الأقليات العرقية.

بايدن قال أمس في إعلانه اختيارها: لقد اخترت كامالا هاريس لتولي منصب نائبتي.. معا، سنهزم ترامب، هاريس هي الشخص الأفضل لمساعدتي في هذه المعركة ضد دونالد ترامب ومايك بنس، ومن ثم في قيادة هذه الأمة بدءا من يناير 2021.

وأضاف: هذه الفترة ليست أوقاتا عادية، ولأول مرة في تاريخنا نواجه أزمة تاريخية ثلاثية في آن احد، حيث نواجه أسوأ جائحة منذ 100 سنة، وأسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير، إضافة إلى دعوات إلى إحلال العدالة هي الأقوى في هذا الجيل.. ولدينا رئيس فشل في مكافحة الفيروس الذي يكلفنا الأرواح ويدمر اقتصادنا، وأشعل نيران الكراهية والتفرقة.

من هي كامالا هاريس؟
“شخص ذكي وقوي ومستعد للقيادة”، هكذا وصف بايدن كامالا في نهاية خطابه، وهي خصمه السابق في السباق إلى البيت الأبيض، ففي أواخر العام الماضي أعلنت عن ترشحها للرئاسة الأمريكية لكن سرعان ما أنسحبت بسبب افتقار حملتها للموارد المالية اللازمة، لتنضم لاحقا إلى صفوف مؤيدي بايدن.

كامالا ديفى هاريس، المولودة في 20 أكتوبر 1964، هي ابنة لاثنين من الأكاديميين المهاجرين، أم هندية وأب من جامايكا، قدمت أسرتها إلى الولايات المتحدة عام 1960، لكن كامالا تقدم نفسها كأمريكية بالدرجة الأولى وكثيرا ما تثير أعجاب الأخرين بالحديث عن أسرتها متعددة الجنسيات.

عام 1981 التحقت بجامعة هوارد في واشنطن، لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية، وفي عام 1989 حصلت على الدكتوراة في القانون من كلية هاستينغز بجامعة كاليفورنيا، وفي عام 1990 تم قبولها في نقابة المحامين بولاية كاليفورنيا، لتحصل بعهدها على وظيفة نائب المحامي العام في مقاطعة ألاميدا، وبدأ نجمها يسطع في محاكمات الاعتداء الجنسي على الأطفال، والقضايا الاجتماعية.

عملت هاريس كمحاضرة في عدد من الجامعات، إلى أن أصبحت مدعي عام سان فرانسيسكو من عام 2004 إلى 2011، ومن ثم مدعي عام كاليفورنيا في الفترة 2011-2017، وبعدها مباشرة تم انتخابها سيناتور عن ولاية كاليفورنيا في مجلس الشيوخ عام 2017، لتصبح ثاني أمريكية من أصول أفريقية تعمل تحت قبة الكونجرس.

طوال السنوات الماضية، شكلت قضايا إصلاح العدالة الجنائية ومعالجة عدم المساواة وقضايا التمييز العنصري والرعاية الصحية وحقوق المرأة محورا لحياة كامالا المهنية والسياسية، وبحصولها اليوم على تذكرة الحزب الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس تصبح رابع سيدة تحصل على هذه التذكرة في تاريخ أمريكا بعد سارة بالين حاكمة ألاسكا عام 2008، وعضوة الكونجرس جيرالدين فيرارو عام 1984، وأنجيلا ديفيس الناشطة في حركة القوة السوداء، والتي تم ترشيحها مرتين لمنصب نائب الرئيس للحزب الشيوعي في الثمانينيات.

اختيار مثالي يشبه “الحلم الأمريكي”
هاريس كانت اختيارا متوقعا في عين الكثيرين بسبب اتساع خبرتها كعضو بمجلس الشيوخ وكسيدة شغلت منصب المدعي العام لفترة غير وجيزة، وباختيارها لمنصب نائب الرئيس، يستدعي بايدن تجربة أوباما – أول رئيس أمريكي من أًصول أفريقية- عندما اختاره عام 2008 كنائب له، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بدعم حقوق الأقليات العرقية في وجه رئيس يعرف عنه الانتصار للهوية البيضاء.

“أنها تشبة أمريكا التي نريدها”.. قال المؤرخ والمؤلف إبرام إكس كيندي على “تويتر” معلقا على اختيار هاريس: يمتلك الديمقراطيون الآن تذكرة رئاسية تعكس الشعب الأمريكي بشكل أفضل من الحزب الجمهوري..  لا نقول أن “الديمقراطي” قد سحق العنصرية والتمييز على أساس الجنس بهذا الاختيار، لكنها مجرد بداية موفقة.

تمتلك هاريس نقاط قوة هائلة لمواجهة نائب ترامب “مايك بنس” في المناظرات المحتملة، فلقد أظهرت مهارتها في قيادة الحديث سواء خلال مناظراتها أمام بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، أو خلال جلسات الاستماع في الكونجرس وتحديدا تلك الخاصة بالتحقيق في التدخل الروسي في انتخابات 2016.

كما أن مسيرتها كمدعي عام تقطع على حملة ترامب مزاعم تصوير بايدن والديمقراطيين على أنهم متساهلون في التعامل مع الجريمة، وبالطبع أصولها الأفرو آسيوية ستسهم في إخماد أي مخاوف من بايدن لدى الأمريكيين غير الأصليين.

المجموعة الليبرالية الديمقراطية من أجل أمريكا “DFA”، اعتبرت أن اختيار بايدن لـ”هاريس” فرصة تاريخية لهزيمة ترامب ولتسجيل إنجاز تاريخي للسيدات السود، مضيفة أن هاريس يمكنها تقديم إصلاحات جريئة نحتاجها لاستعادة أمريكا التي كنا عليها.

عضو الكونجرس عن ولاية فلوريدا فال ديمينجز – وهي أيضا من أصول أفريقية- قالت: أشعر بـ”المباركة”، برؤية سيدة من أصول أفريقية لأول مرة تحصل على بطاقة الحزب الديمقراطي كنائب للرئيس، هذا يؤكد إيماني بأنه في أمريكا، يوجد مكان لكل شخص لينجح بغض النظر عن هويته أو من أين أتى.

من جانبه علق أوباما قائلا: إن اختيار بايدن السناتور كامالا هاريس كنائب رئيس أمريكا القادم، مثالي لمساعدته على مواجهة التحديات الحقيقية التي تواجهها أمريكا الآن، مضيفا لقد عرفت السناتور هاريس لفترة طويلة، هي أكثر من مستعدة لهذه الوظيفة، لقد أمضت حياتها المهنية في الدفاع عن دستورنا والقتال من أجل الأشخاص الذين يحتاجون إلى العدالة.

وتابع قصة حياتها هي قصة يمكنني أنا والعديد من الآخرين رؤية أنفسنا فيها،  قصة تقول أنه بغض النظر عن المكان الذي أتيت منه، أو كيف تبدو، أو كيف تعبد، فهناك مكان لك هنا، إنه منظور أمريكي في الأساس، قادنا إلى الخروج من أصعب الأوقات من قبل وهو منظور يمكننا جميعًا التجمع خلفه الآن.. هذا يوم جيد لبلدنا.

يعتقد الديمقراطيون أن هاريس ستزيد من إقبال الناخبين “الإناث” والناخبين من الأصول الأفريقية على التصويت لصالح بايدن، ويأملون أن يحدث ذلك بقوة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان وبنسلفانيا، حيث كلف تراجع الإقبال من الناخبين أصحاب البشرة الداكنة في 2016 هيلاري كلينتون غاليا.

مرشحة محتملة للرئاسة في 2024
بايدن أيضا باختياره كامالا ينحاز إلى جيل الشباب، وهذا جانب أخر جعل البعض يذهب إلى القول بأن بايدن الذي سيكون عمره يوم التنصيب في حال فوزه 78 عاما ما سيجعله أكبر رئيس في تاريخ البلاد، لا يعتزم الترشح لولاية ثانية وأنه سيكون بمثابة جسر انتقالي لجيل جديد من القادة، عبر دعم هاريس لتكون أول سيدة من أصول أفريقية تحصل على بطاقة الحزب الديمقراطي للترشح لرئاسيات 2024، وربما النجاح فيما فشلت فيه كيلنتون.

إيمي أليسون، مؤسسة  “She the People ” وهي منظمة مكرسة لدعم النساء ذوات البشرة الملونة قالت في تصريح لـ”الجادريان”: اختيار بايدن لـ”كامالا” شرارة أمل ولحظة فاصلة بالنسبة للنساء ذوات البشرة الملونة، هذه خطوة واحدة في معركة أكبر بكثير من أجل ديمقراطية متعددة الأعراق، نحن بحاجة إلى نساء أمريكيات من السود، واللاتينيات، والسكان الأصليين والآسيويين في كل مستوى من مستويات السياسة الأمريكية.

هذا التصريح يؤكد أن الوصول بهاريس وغيرها من السكان غير الأصليين إلى أعلى قمة الحكم في أمريكا سيظل حلما يمكن من خلاله مغازلة مشاعر الناخبين الأمريكيين والحصول على النجاح المطلوب.

يتوقع أن تواجه كامالا معارضة من اليسار فضلا عن هجمات ترامب التي بدأت منذ اليوم الأول لاختيارها، إذ علق أمس قائلا: أحد الأسباب التي فاجأتني أنها ربما كانت أكثر إساءة لجو بايدن حتى من بوكاهونتاس – إليزابيث وارن- كانت لا تحترم بايدن ومن الصعب اختيار شخص قليل الاحترام للآخرين، مضيفا: هاريس أكثر أعضاء مجلس الشيوخ وضاعة وفظاعة وعدم احترام للآخرين.

لكن سواء اليسار أو حملة ترامب لا يتوقع أن يؤثرا بشكل كبير على الزخم الانتخابي الذي سيضيفه وجود كامالا إلى جوار بايدن خلال انتخابات نوفمبر 2020.

ربما يعجبك أيضا