في كهوف ولاية روحاني.. إيران مكبلة لـ7 سنوات

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

الموت للديكتاتور“، “الموت لحسن روحاني” كانت هذه هي العبارات التي ترددت في الشوارع الإيرانية عام2017 بعد أن أعيد انتخاب “روحاني” لولاية رئاسية ثانية على رأس السلطة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويصادف الشهر الجاري مرور سبع سنوات على تولي حسن روحاني الرئاسة الإيرانية، الذي قدم وعوداً للشعب مثل “زرع الحكمة وإعادة الأمل”، و”الحرية والأمن والسلام والتقدم”، إلا أنه لا شيء من ذلك تحقق، بل تراجعت طهران سنوات إلى الخلف.

سيطرة الحرس الثوري الإيراني التابع لسلطة المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي وحاشيته الذين يحكمون قبضتهم على مقاليد الأمور ومفاصل الدولة الإيرانية، حال دون تنفيذ برامج روحاني الانتخابية، وظلت الجمهورية الإيرانية، وفق محللين سياسيين، تعاني من قمعٍ للحريات ظل مستمرًا في ظل حكم لا يسمح بإعطاء مساحة للتعبير عن الرأي بحريةٍ دون قيدٍ يكبلها.

الرئيس السابع للجمهورية الإيرانية لم يشفع له نهجه الوسطي لتجنب موجة الغضب التي اجتاحت البلاد ضد سياساتٍ متبعةٍ وممنهجةٍ من قبل السلطات هناك على مدار ما يناهز الأربع عقود من الزمن منذ الإطاحة بنظام الشاه محمد رضا بهلول خلال الثورة الإسلامية التي طلت في الحادي عشر من فبراير عام 1979.

فقر وقمع

يقول الخبير الأقتصادي الإيراني “حسين رغفار”: إن إيران لديها الآن أعلى مستوى من الفقر في العقدين الماضيين، أكثر من 40% من سكان إيران يعيشون في فقر. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن معدل البطالة، ومعدل التضخم، وانخفاض قيمة العملة، كلها وصلت إلى مستويات قياسية.

في غضون ذلك، بلغ قمع إيران لحرية التعبير ومستويات القمع التي تمارسها ذروتها في عهد روحاني. لقد قمع النظام بوحشية وبمستويات غير مسبوقة، الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي واجهها لأكثر من عامين.

عمليات الإعدام

في مراجعتها العالمية لعام 2019 لعقوبة الإعدام، قالت منظمة العفو الدولية: “احتفظت إيران بمكانتها كثاني أكثر دول العالم تنفيذاً لعمليات الإعدام بعد الصين”. كما زاد النظام من اضطهاده الممنهج للأقليات الدينية والعرقية، بما في ذلك الأكراد والأحواز والسنة والمسيحيين والعرب.

وعود في الهواء

عندما رفعت عقوبات الأمم المتحدة نتيجة للاتفاق النووي لعام 2015، وأعيد دمج إيران في النظام المالي العالمي، لم تفِ إدارة روحاني بوعدها بإعادة توزيع الثروة بين الناس العاديين. وبدلاً من ذلك، قام النظام بتحويل الإيرادات الإضافية إلى الحرس الثوري الإسلامي ووكلائه، مثل حزب الله لتوسيع إمكاناته العسكرية والسياسية في المنطقة، بما في ذلك العراق ولبنان وسوريا واليمن.

حكم روحاني لم يحدث تغيير جذري في الشارع الإيراني بل من وجهة نظر الكثير من المحللين جلب الدمار والقمع وعدم الاستقرار والفقر والمغامرات العسكرية والوعود الكاذبة إلى شعبه”.

انهيار العملة

يسجل الريال الإيراني تراجعا يومياً أمام الدولار الأمريكي، وسط ذروة في أسعار صرف العملات الأجنبية بالسوق (السوداء) داخل البلاد.

وتدنى الريال الإيراني إلى ما يزيد على 240 ألف ريال للدولار الواحد، حسبما أظهرت مؤشرات موقع “بونباست” غير الرسمي المتخصص في رصد حركة سوق العملة الصعبة في إيران.

ورغم الوعود التي أطلقها محافظ البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي، بالسيطرة على سوق الصرف الأجنبي في الأسابيع الأخيرة، إلا أن العملة الإيرانية تواصل انخفاضها.

وتأتي الزيادة في أسعار العملة الصعبة مع انخفاض احتياطيات إيران من العملات الأجنبية بشدة بسبب العقوبات.

وإلى جانب انخفاض صادرات البلاد، أدى عدم قدرة الحكومة على ضخ العملة في السوق إلى تسريع نمو سعر الصرف الأجنبي.

ومن المتوقع أن تنخفض احتياطيات إيران من العملات الأجنبية بنحو 19 مليار دولار في عام 2020 مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 85 مليار دولار، وستنخفض مرة أخرى في العام المقبل إلى 69 مليار دولار، وفق صندوق النقد الدولي.

احتجاجات شعبية

تجاوزت أزمات الطبقات الأكثر فقرا في إيران مثل المتقاعدين والعمال، تأمين سلال السلع الضرورية حيث زادت نفقات الإيجارات السكنية وأسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق.

ويعد النمو الاقتصادي السلبي، والتضخم، والركود، والبطالة، وفصل القوى العاملة تعسفيا، والأهم من ذلك زيادة مؤشر الفقر من أهم الأزمات التي يعاني منها اقتصاد إيران حاليا.

ارتفعت مؤخرا أسعار ما لا يقل عن 10 أصناف من الأطعمة عالية الاستهلاك مثل الدجاج والبيض والأرز ومنتجات الألبان والمكرونة بنسبة تصل إلى 25%.

كما زاد إيجار المساكن بنسبة تقارب 50%، في حين أدى الانخفاض الحاد بنسبة تخطت 70% في قيمة العملة المحلية لتناقص قوة الشراء لدى غالبية السكان في إيران.

وشهد الأسبوعين الماضيين زيادة في عدد التجمعات الاحتجاجية من قبل العمال الإيرانيين الساخطين على تأخر الأجور والخصخصة والفصل التعسفي.

ولم يعرقل تفشي فيروس كورونا، إضرابا نظمه آلاف العمال لمدة شهر كامل داخل مصنع لإنتاج السكر في محافظة خوزستان الغنية بحقول النفط في جنوب غرب إيران.

ورفع العمال المحتجون شعارات مناهضة لسياسات النظام بالداخل بسبب الفساد المالي، والفشل الإداري، والإهمال.

واحتج آلاف المتقاعدين داخل 6 مدن إيرانية كبيرة من بينها العاصمة طهران خلال اليومين الماضيين، اعتراضا على سوء أوضاع المعيشة ومطالبة البرلمان بالتدخل لزيادة قيمة الرواتب التقاعدية.

وندد بيان صادر عن اتحاد المتقاعدين الإيرانيين، بما اعتبرها تبعات خطيرة تتحملها الحكومة وإدارة الضمان الاجتماعي بسبب تجاهل احتجاجات هذه الشريحة الاجتماعية في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد.

ويبدو أنه مع ازدياد صعوبة الظروف المعيشية للناس في إيران، بدأت تتشكل مجددا بوادر احتجاجات مثل تلك التي حدثت في نوفمبر 2019، وديسمبر 2017.

يقول ناشط إيراني: “سارت البلاد من سيئ إلى أسوأ، اعتقدنا أن إدارات محمود أحمدي نجاد أو أكبر هاشمي رفسنجاني كانت غير جديرة بالثقة وشريرة، لكننا نرى الآن أن هذه هي أسوأ إدارة يديرها نظام الملالي منذ عام 1979”.

ربما يعجبك أيضا