بمقترح “دمج مقاتليها”.. هل تنجح الحركة الشعبية في إنهاء التوتر بالسودان؟

حسام السبكي

حسام السبكي

مقترح جديد، ربما يمثل بشارة أمل للسودانيين، في إنهاء حقبة من التوتر والدماء، التي أغرقت السودان في مستنقع من الفوضى، بدأ منذ عهد “الرئيس المخلوع” عمر البشير، وامتد لفترة ما بعد “الثورة السودانية”، والتي استغلت حالة الفراغ السياسي، التي نجمت عن الإطاحة بالرئيس المحسوب على “تيار الإخوان”، وانشغال القوات المسلحة بحماية مقدرات البلاد، وتأمينها من مخاطر “ثورة مضادة”، كادت أن تفسد على السودانيين إنجاز، “المجلس السيادي الانتقالي”، ضمن مسار ديمقراطي جديد سلكه السودان، وتكلل مؤخرًا بإعلان الحركة الشعبية عن مقترح بدمج مسلحيها ضمن القوات النظامية، بهدف بدء صفحة سياسية جديدة في البلاد.

مقترح جديد

قدّم وفد الحركة الشعبية -شمال، السبت، مقترحا جديدا حول قضية دمج مسلحيها في القوات النظامية السودانية، وذلك في بيان صدر عن المجلس السيادي (المشرف على المرحلة الانتقالية بالسودان).

وذكر البيان أن وفدي الحكومة والحركة، عقدا جلسة مباحثات في جوبا عاصمة جنوب السودان، حول ملف الترتيبات الأمنية.

وقال عضو الوساطة الجنوبية “ضيو مطوك”، إنهم تسلموا مقترحا للتفاوض حول قضية دمج فريق القوات.

وأكد أن وفد الحكومة تسلم المقترح قبل أن ينخرط الطرفان في التفاوض حوله دون وساطة.

وأعرب مطوك عن أمله في التوصل إلى تفاهمات دون صعوبات، واستكمال البند المتبقي في ملف الترتيبات الأمنية.

والجمعة، حث رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أطراف المفاوضات على الإسراع في استكمالها.

مفاوضات السلام

وحول مفاوضات السلام بين طرفي النزاع، فقد وصل وفد المفاوضات السوداني، حول ملف الترتيبات الأمنية، برئاسة وزير الدفاع، اللواء إبراهيم يسن، الخميس، إلى العاصمة جوبا، لمواصلة التفاوض مع الحركات المسلحة.

وعلى مدى الأسابيع الماضية أجرت الحكومة السودانية مفاوضات مع الجماعات المسلحة عبر تقنية الفيديو، حيث تم الاتفاق على حزمة من القضايا السياسية والإنسانية وتلك المتصلة بقسمة الثروة، لكن الملف الأمني ظل عالقا بعد تمسك قوى مسلحة على رأسها حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي بالتفاوض المباشر، برغم أن حركات أخرى ابتدرت بشأنه نقاشات وصلت مراحل متقدمة.

وتأجل توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، الذي كان مقررا بالعاصمة الخرطوم، يوليو الماضي، إلى أجل غير مسمى حين اكتمال بقية الملفات العالقة.

وكان من المتوقع، التوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين، بعد 6 أشهر من تشكيل الحكومة السودانية في أغسطس 2019.

ومع تعثر المفاوضات، قررت الوساطة في جوبا، تأجيل توقيع الاتفاق إلى مارس الماضي، ثم أرجأته إلى أبريل الماضي، قبل أن تحدد موعدا جديدا في 20 يونيو الفائت، ثم 14 يوليو السابق، قبل إعلان تأجيله مجددا.

وإحلال السلام هو أحد أبرز الملفات الملحة في مرحلة انتقالية بدأت بالسودان، في 21 أغسطس 2019، وتستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة كل من المجلس العسكري وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي.

أحداث خور الورل

تعتبر منطقة “خور الورل” آخر فصول الصراع المتبادل بين الجيش السوداني والحركة الشعبية، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها، فيما ادعى كلاهما أيضًا، حرصهما على حماية المدنيين، حيث تتشدق الحركة الشعبية بأن المنطقة التابعة لولاية جنوب كردفان خاضعة تحت سيطرتها، متهمة ما أسمته “ميليشيات تابعة للجيش السوداني”، بالمسؤولية عن التوتر الحاصل في المنطقة في الأيام القليلة الماضية.

وقال الجيش السوداني في بيان، تداولته “وسائل الإعلام السودانية”، إن قوات تتبع لمجموعة عبد العزيز الحلو -قائد الحركة الشعبية السودانيةشمال- نصبت كمائن وزرعت ألغاما في طريق مرحال لرعاة كانوا في طريقهم من الجنوب إلى الشمال ومعهم قوة من الجيش تعمل على حراستهم وذلك بمنطقة “خور الورل” بولاية جنوب كردفان.

وتقع منطقة “خور الورل” جنوب شرق مدينة الدلنج وهي من المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية – شمال.

وأوضح البيان، أن الحادث أدى لمقتل عدد من المدنيين والقوات المسلحة -لم يذكر عددهم- بجانب تدمير معدات عسكرية ومدنية.

وقال بيان الجيش، إنهم ملتزمون بواجب التأمين اللازم لحركة المواطنين وضمان ممارسة حياتهم الطبيعية وحمايتهم، مع الالتزام التام بوقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة.

لكن الحركة الشعبية اتهمت بدورها ميليشيات الحكومة بتكرار خروقاتها التي بدأت في 14 أكتوبر 2019، وقالت إنها عمدت إلى استخدام القوة العسكرية لعبور مرحال متجه إلى مناطق القوز ما تسبب في نزوح العديد من المواطنين من مناطق (رجل المرافعين – الظلطايا) ومناطق أخرى.

وأوضحت في بيان، أن هذه الخروقات نفسها حدثت في 14 أكتوبر 2019 مما أدى إلى انسحاب الوفد من المفاوضات.

وأشارت إلى أن القوات المسلحة السودانية ساعدت حينها أفراد قبيلة الحوازمة (دار نعيلة) بتخطي مناطق (أونشو) بالمسار الشرقي المُختلف حوله، وبعدها قامت بنصب كمين في الطريق الذي يسلكه المواطنون بالمناطق المحررة في منطقة (خور ورل) وألقت القبض على المواطنين.

وتابع: “تجددت هذه الخروقات، حيث قامت مليشيات الحكومة تحت قيادة المدعو شيريا وآخر ملقب بأبي ربط، بتكرار نفس السيناريو باستخدام القوة العسكرية لعبور (مُرحال) نفس المجموعة بنفس (المسار) متجها إلى مناطق القوز”.

وأشارت الحركة إلى تحذيراتها المتكررة للحكومة الانتقالية من مغبة سياساتها المتحيزة ضد المكونات غير العربية في السودان خلال الأحداث المتكررة في الفترة الماضية في مناطق مختلفة في دارفور وشرق السودان.

وأعلنت الحركة إدانتها تلك الخروقات والانتهاكات الجديدة، وتأسفت للمسلك العدواني وأكدت أن ما ذهبت إليه بخصوص موقفها الرافض لتعيين الوالي المدني الجديد تأكد فعليا بمجرد توليه الحكم عبر هذه الأحداث المؤسفة، وأن هذا يؤكد أن الوالي جاء لينفذ سياسات حزب الأمة ومخططه المعروف تجاه شعب الإقليم وفقا للبيان.

والمعروف أن كلا من الجيش السوداني والحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو أعلنا عن التزامهما بوقف إطلاق النار في المنطقة على الرغم من توقف مفاوضات السلام بينهما.

ربما يعجبك أيضا