بعد اختراق سياج الاحتلال.. آلاف الفلسطينيين يتنسمون هواء البحر ‎

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم

استطاع آلاف الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية المحتلة في الأيام القليلة الماضية، النفاذ من فتحات أُحدثت في الجدار الفاصل العنصري، إلى الساحل الفلسطيني المحتل في أراضي عام 1948، وسط المخاوف من تفشي أكبر لفيروس الكورونا.

مشاهد آلاف العائلات الفلسطينية التي تجول في مدنهم السليبة “يافا، عكا، حيفا….”، جاءت في وقت يستغرب فيه كثيرون صمت سلطات الاحتلال عن منعهم أو حتى عن إغلاق الفتحات التي أحدثت في الجدار.

تتوّزع هذه الفتحات في عدة مناطق من السيّاج الفاصل، محاذيةً عدداً من مدن الضفة الغربيّة، كالخليل، وطولكرم، ورام الله، وقلقيلية، في طولكرم مثلاً عدة فتحات في قرى شويكة وقفين وزيتا وفرعون.

ولم يُعلن الاحتلال بشكلٍ رسميّ عن “الفتحات”، كما لم يُعلّق على الأعداد الضخمة التي دخلت، إلا في تصريحٍ يتيم، حذّر فيه من الاقتراب إلى السيّاج إضافةً إلى اعتقاله بعض الشبان وإعادتهم للضفة.

أمّا سلوكه تجاه دخول آلاف الفلسطينيّين على مدار الأسابيع الأخيرة فقد كان التغاضي شبه التام، والاكتفاء بمراقبة هذا الدخول.

بنت “إسرائيل” نظاماً كاملاً لإدارة وضبط دخول الفلسطينيّ من الضفّة وقطاع غزّة إلى القدس وأراضي الـ48، وهو نظام يُفصّل 74 نوعاً من التصاريح، وبروتوكولات أمنيّة مُفصّلة ومُشددة تُحدّد الممنوع والمسموح من “العبور”.

تستثمر “إسرائيل” في آلام الناس واحتقانهم على الواقع، فتُقدّم لهم عروضاً لمُنتجات ليست لها، فبعد أن تمنعهم عن الحركة والتنقّل في بلادهم بحريّة، تقوم بـ”تنفيسة” لهذا الضغط الهائل، وكأنها تمنح الناس مُنجزاً وهميّاً لسلوك مُستحقّ بالأصل، وهي بذلك تستخدم ما هو حقّ وما هو عاطفيّ بالنسبة لنا، كورقة للابتزاز والسياسة لاحقاً.

من ناحيةٍ ثانية، يبدو أنّ لـ”إسرائيل” رسائل تُريد إيصالها للسلطة الفلسطينيّة من خلال هذه الخطوة، إحدى هذه الرسائل أن “إسرائيل” هي المسيطر الحقيقيّ والفعليّ على الأرض، هي “حارس البوابة”، تُسيطر عليها، تُغلقها وتفتحها متى تشاء، ولا قيمة لوقف التنسيق المدنيّ “نحتاج لما هو أكثر من الإعلان لنُصدّق أنّ التنسيق الأمني قد توقّف”، أو لأي تصريحات أخرى.

وكأنّ “إسرائيل” تريد أن تُبرهن أنّ بمقدورها أن تُدير العلاقة مع الفلسطينيّ من خلال “فتحة” في السياج، حتّى دون أن تتحدّث معه وتُخاطبه، ودون حاجة للسلطة الفلسطينيّة كوسيط، وبدا ذلك واضحاً، بنوع من السخرية، عندما تعالت تصريحات المسؤولين الفلسطينيّين بالتحذير من خطر “كورونا” القادم من الداخل، ومطالبة الناس بحجر أنفسهم بعد أن عادوا من شطآن بلادهم، دون أن يملكوا – أي المسؤولين- أن يُحوّلوا تصريحاتهم هذه أعمالاً على الأرض.

وذكرت صحيفة هآرتس اليوم، أن الطريقة الجديدة لدخول إسرائيل من خلال ثقوب في السياج الحدودي بدأت الأسبوع الماضي، ونقلت الصحيفة عن مسؤول في السلطة الفلسطينية لم تذكر اسمه قوله إن إسرائيل تريد أن تثبت لنا أنها، بالتنسيق أو بدونه ، سمحت بدخول السكان المدنيين.

بالإضافة إلى ذلك، بدلا من أن يقضي الفلسطينيون إجازة في الضفة الغربية ويدفعون المال هنا، فضلوا أن تكون الأموال في إسرائيل، حتى لو لم تكن مبالغ كبيرة.

وقال مسؤول أمني فلسطيني، فضل عدم الكشف عن اسمه: لا نعرف حقيقة الأسباب التي أدت إلى غض إسرائيل الطرف عما يجري، إذ يدور الحديث عن دخول آلاف الفلسطينيين من شمالي الضفة الغربية إلى المدن الإسرائيلية يوميا.

وأضاف المسؤول الفلسطيني: عادة ما كانت تلاحق إسرائيل الفلسطينيين الذين يدخلون بدون تصاريح ولكن فجأة ودون سابق إعلان أصبحت تسمح بذلك.

وتفرض إسرائيل على الفلسطينيين الذين يريدون المرور عبر الحواجز الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية الحصول على تصاريح خاصة من أجل المرور.

وكانت القيادة الفلسطينية أعلنت في شهر يونيو أن منظمة التحرير الفلسطينية في حل من جميع الاتفاقيات مع إسرائيل، بما في ذلك الأمنية، ردا على قرار إسرائيل ضم 30% من الضفة الغربية.

وعلى إثر ذلك فقد أوقفت السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني مع إسرائيل.

وتمثل هذه فرصة لآلاف الفلسطينيين لزيارة ورؤية مدن يسمعون عنها فقط في قصص اللاجئين من كبار السن مثل يافا وحيفا.

ولكن بعض الفلسطينيين يصلون من هناك إلى مدينة القدس لأداء الصلاة في المسجد الأقصى.

وغالبية الفلسطينيين الذين يجتازون الثغرة في الجدار هم من محافظات طولكرم وجنين وقلقيلية ونابلس وجميعها في شمالي الضفة الغربية.
ولا يوجد أي شاطيء بالضفة الغربية على البحر المتوسط.

ويجد الفلسطينيون من سكان الضفة الغربية المرور عبر ثغرة الجدار متنفسا لهم بعد أشهر طويلة من القيود التي فرضها الانتشار الواسع لفيروس كورونا.

ربما يعجبك أيضا