“لا أشعر بالأمان”.. وباء الظل يستفحل داخل مخيمات الروهنجيا

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

يصادف، اليوم الثلاثاء، الذكرى الثالثة لأزمة اللاجئين الروهنجيا والتي بدأت في 25 أغسطس 2017، ومنذ ذلك الحين عبر مئات الآلاف منهم الحدود إلى بنجلاديش للفرار من حملة القمع الوحشية من قبل جيش ميانمار، ولا تزال مأساة هؤلاء المسلمين مستمرة.

وتقطن غالبية الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم في مخيم كوتوبالونغ للاجئين في كوكس بازار في جنوب شرق بنجلاديش، والذي يعد أكبر مخيم للاجئين، والمكون من مئات الأكواخ من الخيزران المتهالك والمغطاة بالقماش المشمع.

يعيش اللاجئون الروهينجا منذ فترة طويلة في طي النسيان بسبب عدم منحهم وضع اللاجئ رسميًا ولكنهم يواجهون الآن مخاوف أخرى لا تعد ولا تحصى، حيث تستمر حالات الإصابة بفيروس كورونا في الازدياد بينما لا يزال الصابون والمياه النظيفة شحيحة والمرافق الصحية ذات وضع سيئ.

وباء الظل

يحذر عمال الإغاثة داخل المخيم الذي ينتشر فيه فيروس كورونا، من أن إجراءات الإغلاق تسببت في تفاقم أزمة العنف الأسري، الوباء الذي ينمو في الظل، حيث أدت الجائحة إلى تراجع خدمات الدعم للنساء والفتيات. 

وفي حديث لصحيفة “الإندبندنت”، تقول عفراء التي تعيش وتعمل مع لجنة الإنقاذ الدولية بالمخيم: “أحيانا يشتكي النساء اللواتي أساعدهن من أن أزواجهن يعذبونهن، في بعض الأحيان لا يمكنني فعل أي شيء لهم، ذات مرة تم تهديد الضحية التي كنت أدعمها من قبل بعض الرجال بأنها ستتعرض للاغتصاب إذا لم تتزوج مغتصبها، مما دفعها إلى التفكير في الانتحار”.

تقول عفراء 25 عاما وهي متطوعة اجتماعية تدعم النساء اللاتي يعانين من العنف المنزلي في المخيم، إن أزمة فيروس كورونا تؤدي إلى ارتفاع العنف الأسرى، قائلة: “الآن يقضي الأزواج في المنزل وقت أطول، وتتعرض النساء للتعذيب على أيدي الأزواج، وفي معظم الأحيان، يتم حبس الضحايا مع أزواجهن”.

تضيف: “أواجه العديد من المشاكل عندما أذهب وأقوم بزيارات منزلية، وأواجه الإساءة اللفظية، فالرجال لا يحبون أن تعمل الفتيات، وحال خروجهن في النهار، هناك بعض الممارسات المتبعة في كوكس أنه يجب حبس الفتيات في منزلهن”.

نحن بحاجة إلى إقناع الرجال بأن تمكين المرأة ضروري لتحسين المجتمع بأسره، بحسب عفراء.

لا أشعر بالأمان

تشرح عفراء، وهي من بنجلاديش وليست من الروهنجيا، أن هناك مجموعتين من الأشخاص في مخيم كوتوبالونغ، وهم اللاجئون والمجتمع المضيف، موضحة أن لدى أفراد المجتمع المضيف منازل واسعة جميلة، كمنزلها المكون من ثلاث غرف وشرفات واسعة وتعيش فيه مع والديّها، وأمامهم على الجانب الآخر من الطريق، يعيش اللاجئون الروهنجيا في مخيم به منازل مكتظة.

وتشير إلى إن الظروف المعيشية بعيدة كل البعد عن ظروف لاجئي الروهنجيا الذين غالبًا ما يتم حشرهم في أكواخ صغيرة تبلغ مساحتها عشرة أمتار مربعة، وتضم ما يصل إلى 12 شخصًا، كما تتقارب الأحياء من بعضها البعض، مما يجعل التباعد الاجتماعي شبه مستحيل بالنسبة لمليون لاجئ من الروهنجيا.

وتوضح عفراء والأم لطفلين، أن الفتيات والنساء غير آمنات، قائلة: “لا أشعر بالأمان، من المعتاد أن يقول الرجال تعليقات سيئة عندما أقوم بالتواصل مع المجتمع أو عندما أخرج ببساطة، يؤلمني كثيرا أن تعيش اللاجئات في منطقة مزدحمة جدا ولا يمكنهن الخروج من منزلهن، حيث يُمنع تمامًا خروج النساء في وضح النهار، كما أن نقطة وضع المياه بعيدة عن منازلهن، مما يجعلهن يقمن بعملية جلب المياه في الليل وهذا أمر خطير”.

ساعدت المتطوعة الاجتماعية إحدى الناجيات من العنف المنزلي التي كان زوجها على علاقة خارج نطاق الزواج وتركها، وبعد أن غادر الزوج هدد رجلان بقتل المرأة وتجولوا في منزلها طوال النهار والليل.

ولفتت إلى أن هناك ممارسة في مجتمع الروهنجيا، تقول إن النساء يجب أن لا يعترضن على ما يفعله الأزواج، وأنهن بحاجة إلى إرضائهم، وتشدد على أن هناك ضرورة إلى إقناع الرجال بأن تمكين المرأة ضروري لتحسين المجتمع بأسره.

معاناة

تقول منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن حكومة ميانمار أخفقت في ضمان عودة ما يقرب من مليون لاجئ من الروهنجيا بأمان إلى ديارهم بعد ثلاث سنوات من الفرار من جرائم الجيش والإبادة الجماعية.

ويواجه الروهنجيا في بنجلاديش قيودًا مشددة على الحق في الحصول على المعلومات والحركة والوصول إلى التعليم والصحة، وقتلوا بشكل غير قانوني على أيدي قوات الأمن البنجلاديشية.

قال براد آدامز، مدير هيومن رايتس ووتش في آسيا: “يجب على حكومة ميانمار أن تدرك أن المعاناة الرهيبة التي تسببت فيها للروهينجا وأنها لن تستطيع إخفاءها حتى وسط الجائحة العالمية”.

وأشار آدامز، إلى أن ميانمار بحاجة إلى قبول حل دولي يوفر عودة آمنة وطوعية للاجئين الروهنجيا، في حين أن بنجلاديش التي تعاني من ضغوط شديدة يجب ألا تجعل الظروف غير مواتية للاجئين الذين ليس لديهم مكان يذهبون إليه”.

كما يواجه الروهنجيا البالغ عددهم 600 ألف المتبقين في ولاية راخين في ميانمار قمعًا وعنفًا شديدين، دون حرية التنقل أو الحقوق الأساسية الأخرى.

 كما يواجه الروهينجا اليائسون الذين فروا من ميانمار مخاطر جسيمة في البحث عن ملاذ، حيث تقطعت السبل بالمئات منهم في البحر لأسابيع أو شهور، ويخشى أن يلقوا حتفهم على متن قوارب اختفت بعد أن دفعتهم ماليزيا وتايلاند بشكل غير قانوني للعودة باستخدام جائحة كورونا كمبرر.

ربما يعجبك أيضا