انتصار أبو عمارة والدولة العميقة.. ديوان رئاسة “أبومازن” فساد بلا حدود

محمود

رؤية

أصبح من الطبيعي للفلسطينيين أن يطلقوا على ديوان الرئاسة الفلسطيني ديوان رئاسة أبو مازن، أو ديوان “انتصار أبو عمارة”، رئيسة الديوان التي تعتبر المتحكمة الأولى بالسلطة الوطنية الفلسطينية عبر سلسلة من القوانين الغريبة التي تشرعن الفساد ونهب المال العام.

ونشرت في جريدة الوقائع الرسمية- العدد 165 بتاريخ 19 آذار/ مارس، يمنح ديوان الرئاسة صلاحيات واسعة تتجاوز الصلاحيات التي حددتها المادة 63 من القانون الأساسي لرئيس السلطة، وتشمل المادة استقلالية كاملة لديوان الرئاسة، وتملّك الأموال، وفتح مقرات في كل المحافظات، إضافة لمنح رئيس الديوان صلاحيات وزير وراتب وزير وحقوقه التقاعدية.

سهى عرفات

هذه الصفحة فتحتها، أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عندما هددت، بنشر “فضائح سياسية” ضد عدد من كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية “الذين يديرون حملة التشهير والتهديد ضدي، بسبب موقفي الرافض للهجوم على الإمارات بعد اتفاقها مع إسرائيل”.

وقالت سهى عرفات، في أول ظهور بالصوت لها على تلفزيون إسرائيلي، إن السلطة الفلسطينية بدأت بالفعل في مضايقة أفراد عائلتها، وتم استدعاء شقيقها غابي الطويل، ثم حذرت من أنه إذا واصل كبار المسؤولين بالسلطة حملتهم ضدها، فستعلن ما تعرفه عنهم “من مذكرات عرفات” التي تملكها، وقالت: “سأفتح أبواب الجحيم. يكفي أن أنشر قليلاً مما أعرفه، وسأحرقهم أمام الفلسطينيين” وفق تعبيرها.

وكشفت أرملة عرفات بأن من تقود حملة التشهير ضدها “هي انتصار أبو عمارة، مديرة مكتب الرئيس محمود عباس، والتي أعطت التعليمات لتقديمي للناس على أني خائنة (..) أنا أحب أبو مازن. كلهم يضللونه.. الكل يضلله وينتظر اللحظة. إلا أنه سيعيش 100 عام، ويعيش أكثر من شمعون بيريز، لأن صحته جيدة، وأنا أناشده بتوفير الحماية لي قبل أن أتوجه إلى أي زعيم أو رئيس في العالم لحمايتي”.

في المقابل، نشر الخبير في الشؤون القانونية عصام عابدين عبر صفحته على “فيسبوك” أن “ما يثير الاهتمام في الاشتباك الدائر بين سهى عرفات وانتصار أبو عمارة أن القضاء ومنظومة العدالة وأجهزة الرقابة والمحاسبة وقوى الأمن والحكومة والمنظمة لا يستطيعون مجتمعين التدخل أو الاقتراب خطوة واحدة من حرب بسوس، إن أردنا لها أن تكون كذلك، وهذا نهج طبيعي في أنظمة تدار بطريقة المزرعة البائسة، التي لا تعرف معنى دولة القانون والقيم، ولا احترام كرامة وتضحيات شعوبها وتقرير المصير”.

انتصار أبو عمارة

وانتصار وليد علي أبو عمارة (62 عاما) توصف بأنها الحاكم الفعلي للسلطة الفلسطينية، ورغم ذلك فإن اسمها نادرا ما يذكر في الإعلام أو يعرفه المواطن الفلسطيني.

ولدت أبو عمارة في قطاع غزة بتاريخ 20 مايو 1958، وتنتمي لحركة فتح، وتطورت بالمواقع الوظيفية والصلاحيات في مكتب الرئيس خلال 15 عاما فقط لتصل إلى موقع الحاكم الفعلي للسلطة.

وبدأت أبو عمارة سلسلة من الترقيات السريعة منذ تولي الرئيس محمود عباس منصبه كرئيس للسلطة عام 2005.

ووصف العديد من المسؤولين في السلطة وحركة فتح أبو عمارة على أنها كاتمة سر أبو مازن، والمتحكمة بالكثير من القرارات المؤثرة في مسار السلطة، وتلاحق أبو عمارة اتهامات بالفساد فيما يخص ميزانية الرئاسة.

ماجد أبو شرار والديوان

من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور ماجد أبو شرار، إن انتصار أبو عمارة هي كل شيء في الدولة وهي الدولة العميقة، وخاطبها قائلا: استقيلي، فنحن نعرف كل ملفاتك منذ كنت في موسكو، ونعلم أن زوجة (أبو مازن) تمنعك من دخول منزله، وهذا القرار المرسوم الخاص بالديوان الذي سنه “أبو مازن” لحمايتك لن يحميك.

وبخصوص “بذور السلام”، وهي منظمة شبابية عالمية تم تأسيسها عام 1993، وتعمل للإتيان بالشباب من مناطق الصراعات لمناقشة التعايش السلمي وحل الصراعات، قال أبو شرار، إن ابنة انتصار أبو عمارة كانت في بذور السلام.

وأكد أبو شرار أن قوانين كورونا الذي أصدرتها السلطة صبت في خزائن ديوان الرئاسة الفلسطيني، واستغرب قوانين تملك الديوان لحيازة الأموال المنقولة وغير المنقولة، وفتح الحسابات البنكية وإغلاقها، المرتبطة بمهام الديوان.

وتابع: إن الديوان يهيمن على كل شيء، وإذا فهمنا تملك الأموال المنقولة، فماذا عن الأموال غير المنقولة، ولماذا تكون ميزانية الديوان منفصلة عن ميزانية الدولة، وأردف: “انتصار أبو عمارة هي المتحكم وفق قوانين إنشاء الديوان، في كل القرارات التي تصدر”.

فساد بلا حدود

بدوره قال ياسر جاد الله مدير الدائرة السياسية سابقا في ديوان الرئاسة، إن كل الأموال الموجودة في وزارة المالية تحت مسمى دعم من الاتحاد الأوروبي والدول العربية يحول معظمها لديوان الرئاسة ثم لحسابات سرية لا يطلع عليها إلا ثلاثة أشخاص، هم محمود عباس نفسه، وانتصار أبو عمارة، ومحمود سلامة”، وتابع؛ “عندما تدخل هذه الأموال لحسابات ديوان الرئاسة، تختفي فجأة وتذهب لحسابات سرية بأسماء وهمية، بينها أسماء أحفاد الرئيس”.

وقال: “عندما تريد أبو عمارة أو سلامة قطع المال عن ماجد فرج وزياد هب الريح، سيذهب الاثنان ليقبّلوا إيدين انتصار أبو عمارة وليس محمود عباس، لأن عباس سيوافق على ما تقوله انتصار ومحمود أبو سلامة”، وأضاف: “الفتنة في فلسطين تصدر من مكتب عباس، فمن يتلاعب بماجد فرج، وهب الريح، وزكريا مصلح، ونضال أبو دخان، وحازم عطا الله، هم انتصار ومحمود سلامة”، وغادر جاد الله رام الله إلى بروكسل، وطلب اللجوء السياسي في بلجيكا وهي إحدى دول الاتحاد الأوروبي.

فيما قال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام عاروري: “هذا القرار يعني ازدواجية في الحكم وفي الصلاحيات”، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين عن تمرير مثل هذه القرارات بقوانين، لمنع تكرارها.

 

ربما يعجبك أيضا